مهرجان الطرب الغرناطي بوجدة يشرك الشباب ويجمع بين الأجيال

المهرجان يكرم الفنانة نادية المشرافي والفنان الجيلالي الصالحي تقديرا لمساهمتهما المتميزة في الحفاظ على التراث.
الثلاثاء 2025/05/27
موسيقى لها عمقها التاريخي

وجدة (المغرب) - انطلقت مساء الأحد الـ25 من مايو، بمسرح محمد السادس بوجدة، فعاليات الدورة الـ32 لمهرجان الطرب الغرناطي، وتتواصل إلى غاية اليوم الثلاثاء مقدمة عروضا وأعمالا متنوعة.

تروم هذه التظاهرة الثقافية، التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، على مدى ثلاثة أيام، المساهمة في صون الطرب الغرناطي ونقله للأجيال الصاعدة، وتكريس مكانته كرافد ثقافي مهم يسهم في التنمية والإبداع، وكذلك دعم إشعاعه وطنيا ودوليا عبر عروض فنية ولقاءات فكرية تثمّن هذا الرصيد الثقافي الأصيل.

كما يسعى المهرجان المنظم تحت شعار “الطرب الغرناطي من الصون إلى التثمين”، إلى توفير فضاء للحوار بين الممارسين والمهتمين بهذا اللون الموسيقي، وتشجيع الشباب على التكوين والانخراط في ديناميكية المحافظة على التراث، عبر آليات مبتكرة تجمع بين التقليد والحداثة.

المهرجان يسعى إلى  توفير فضاء للتلاقي بين الأجيال وتقاسم التجارب، وتشجيع انخراط الشباب في هذا الموروث
المهرجان يسعى إلى توفير فضاء للتلاقي بين الأجيال وتقاسم التجارب، وتشجيع انخراط الشباب في هذا الموروث

توحي تسمية هذا اللون من ألوان الموسيقى الأندلسية بما يفيد ارتباطه بحاضرة غرناطة، بل ويفيد انتماءه إليها، إذ كثيرا ما كانت هذه النسبة مصدر إشكال، واستقر في أذهان المعجبين بهذا الفن أنه ترعرع في غرناطة النصرية أيام عزها، ثم انتقل إلى شمال أفريقيا إثر انهزام هذه الإمارة أمام الغزو المسيحي، ومن هنا نُعت هذا الفن بالغرناطي لارتباطه بهذه المدينة قبل انهيارها.

ووفق الصحافي عبدالقادر كترة “تحتضن مدينة وجدة تراثا موسيقيا أصيلا، اصطلح على تسميته بالموسيقى الغرناطية تارة وبالطرب الغرناطي تارة أخرى، وهو رصيد أدبي وفني بديع المحتوى رفيع المستوى يربط هذه المدينة ببعدها الجهوي الممتد إلى باقي بلدان المغرب العربي الكبير الذي احتفظ بما تبقى من هذا التراث الموسيقي الأندلسي وطبعه بطوابعه المحلية، فتكونت من خلال ذلك مدارس ثلاث: الآلة الأندلسية والموسيقى الغرناطية أو الطرب الغرناطي وفن المالوف.”

ويدرج كترة الأسباب التي جعلت المغرب يرث الرصيد الأكبر من التراث الموسيقي الأندلسي، بداية بتاريخ المغرب المشترك مع الأندلس وقربه منها، واستقبال المغرب لأكبر الهجرات الأندلسية المتتالية عبر مختلف العصور، وامتزاج الحضارة الأندلسية بالمغربية امتزاجا توحدت في بوتقته الشخصية المغربية – الأندلسية ما أدى إلى إبداعات في مجال هذا التراث وغيره من ألوان الحضارة المغربية – الأندلسية تجسدت أساليب وطرقا للأداء زادته غنى وثناء وبخاصة في المدن المغربية الكبرى كتطوان وفاس وسلا والرباط.”

ويوجه مهرجان الطرب الغرناطي بوجدة الاهتمام إلى عنصر فني أصيل من التراث المغربي، فيه توحدت الأعراق والثقافات على أرض المغرب، ليصبح تراثا حيويا، تتناقله الأجيال.

وخلال حفل افتتاح هذه الدورة من المهرجان، استمتع الجمهور الوجدي من عشاق الطرب الغرناطي، بوصلات فنية رائعة من أداء فرقة نسائم غرناطة (رباط الفتح)، وجمعية الفرقة الأندلسية للطرب والمسرح والآداب بوجدة، عكست غنى هذا الفن الأصيل وتنوعه.

كما كرّم المهرجان الفنانة نادية المشرافي، والفنان الجيلالي الصالحي، تقديرا لمساهمتهما المتميزة في الحفاظ على هذا التراث، ونقله عبر الأجيال.

وأبرز المدير الجهوي للثقافة بجهة الشرق بالنيابة، ياسين عبداللاوي، في تصريح له أهمية هذه الدورة التي اختير لها شعار يتماشى وإستراتيجية الوزارة التي تروم صون التراث الثقافي اللامادي، وتعزيز دوره في التنمية المستدامة، وترسيخ الوعي بأهمية هذا الإرث الثقافي، وكذلك تحفيز الفنانين والفرق الموسيقية والباحثين على الإبداع والابتكار في مجال الطرب الغرناطي.

مهرجان الطرب الغرناطي بوجدة يوجه الاهتمام إلى عنصر فني أصيل من التراث المغربي، فيه توحدت الأعراق والثقافات على أرض المغرب ليصبح تراثا حيويا تتناقله الأجيال.

وأضاف أن المهرجان يسعى إلى توفير فضاء للتلاقي بين الأجيال وتقاسم التجارب، وتشجيع انخراط الشباب في هذا الموروث، وتحفيز البحث الأكاديمي والمبادرات الفنية الهادفة إلى تأصيل وتحديث الطرب الغرناطي، مشيرا إلى أن هذه الدورة تقدم برمجة غنية ومتنوعة تمنح المهرجان بعدا تربويا، وتثقيفيا، وترويجيا في آن واحد.

من جانبه، أبرز رئيس فرقة نسائم غرناطة، نصرالدين شهاب، أهمية الحفاظ على هذا الفن بإشراك الشباب من خلال مقاربات جديدة تعتمد على المشاركة الجماعية والتعلم التفاعلي، مشيرا إلى أنه يشجع أعضاء فرقته على الجمع بين الغناء والعزف، من شأنه خلق ديناميكية جماعية وتعزيز الارتباط الفني والوجداني بهذا اللون الموسيقي.

من جهتها، أعربت الفنانة نادية المشرافي عن اعتزازها الكبير بالتكريم الذي حظيت به في وجدة، معبرة عن ارتباطها الوجداني بهذه المدينة وبمسرحها العريق.

ويتضمن برنامج هذه الدورة، تنظيم سهرات فنية غرناطية، ومعارض موازية مرتبطة بهذا الفن الأصيل، إذ يقدم معارض للأزياء، ومعرضا لصناعة الآلات الغرناطية، ومعرضا للكتب والإصدارات الخاصة بموسيقى الطرب الأندلسي – الغرناطي)، فضلا عن مسابقات، وورشات، وتوقيعات ذات صلة بالمهرجان.

ويشارك في هذه الدورة، بالإضافة إلى فرق موسيقية من مختلف المدن المغربية والمهتمة بهذا اللون الفني، باحثون وأكاديميون وفاعلون جمعويون، لتسليط الضوء على سبل تثمين الطرب الغرناطي، وتعزيز حضوره في المشهد الثقافي الوطني.

13