إسرائيل ترجح وصول قطار التطبيع إلى دمشق وبيروت قبل الرياض

التحوّلات الإقليمية والضغوط على الجماعات المسلحة تفرض التغيير في المنطقة.
الاثنين 2025/05/26
الوساطة الأميركية حاضرة

تتزايد المؤشرات الدولية والإقليمية على اقتراب التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وكل من لبنان وسوريا مع رياح التغيير التي وصلت إلى البلدين وحاجتهما إلى الانفتاح على دول المنطقة والغرب لإعمار ما دمرته الحرب.

واشنطن - كشف السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة يحيئيل لايتر عن تقديراته بشأن إمكانية انضمام كل من سوريا ولبنان إلى اتفاقات السلام مع إسرائيل، نظرا للتغيرات الجيوسياسية المتلاحقة في المنطقة، وحاجة البلدين للاستقرار وإعادة الإعمار بعد سنوات من الحرب والتوترات السياسية.

ويرى السفير الإسرائيلي أن سوريا ولبنان قد ينضمان إلى اتفاقيات “أبراهام” قبل السعودية، في ظل تحوّلات إقليمية وضغوط على الجماعات المسلحة. وأشار لايتر في مقابلة مع منصة “براغر يو”، إلى أن البلدين قد يكونان أقرب إلى التطبيع من السعودية، مؤكدا أن هناك تغيراً جذرياً في المعطيات الإقليمية.

ومع أن الرئيس السوري، يبدو أكثر تشدداً من الرئيس السابق بشار الأسد، إلا أنه يخطو بخطوات سريعة نحو تسوية مع إسرائيل تكون استكمالاً لاتفاقيات أبراهام التي عقدتها إسرائيل برعاية أميركية مع دول خليجية.

وقال الشرع بشكل صريح للنائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، مارلين ستوتزمان، إنه مستعد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا.

وصرح ستوتزمان في مقابلة حصرية مع صحيفة “جيروزاليم بوست”، إن الشرع أعرب عن انفتاحه على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مما قد يعزز مكانة سوريا مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية ومعالجة قضايا مثل التوغل الإسرائيلي بالقرب من مرتفعات الجولان.

دمشق تتعهد بمساعدة واشنطن في البحث عن أميركيين مفقودين في سوريا بتحديد أماكنهم لإعادتهم إلى بلدهم

ولم يتلق السوريون تصريحات الشرع بصدمة أو استغراب. ولم تكن مفاجئة للشارع السوري، فهو منذ وصوله إلى الحكم قام بإرسال إشارات إلى أنه يرغب بأحسن العلاقات مع جميع جيران سوريا، وقد أبدى استعداده للتنازل عن أمور كثيرة، بهدف تأمين استقرار سوريا ووحدتها.

كما أن السوريين بمعظمهم، يرغبون بالسلام وتعبوا من الحروب، ولن يمانعوا عودة المفاوضات تحت قيادة الشرع لسوريا.

وأشار السفير الأميركي “لا يوجد الآن ما يمنعنا من التوجه نحو تسوية مع سوريا ولبنان. لقد غيّرنا النموذج هناك جذريًا. أنا متفائل جدًا بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع سوريا ولبنان، وقد يسبق ذلك السعودية.”

وأضاف أن التطبيع مع سوريا ولبنان قد يحدث قبل أن تنضم السعودية إلى اتفاقيات أبراهام، مشدداً على أن المملكة كانت قريبة جداً من التطبيع في 2019، ولو بقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منصبه عام 2020، لكان من الممكن الوصول إلى تطبيع كامل معها.

وعلى صعيد العلاقات مع لبنان، قال لايتر إن بلاده تتطلع إلى تسوية قائمة على الأداء، موضحاً أن “نزع لبنان لسلاح حزب الله هو المفتاح للسير نحو السلام.” وأكد أن إسرائيل سحبت قواتها من الحدود، وتسعى لإزالة خمسة مواقع عسكرية متبقية هناك إذا استمرت الإجراءات اللبنانية في هذا الاتجاه.

وتشهد الساحة الإسرائيلية حديثًا عن إمكانية التطبيع مع بيروت، بينما تؤكد مصادر رسمية لبنانية رفضها القاطع لأي محاولة لربط ترسيم الحدود البرية والانسحاب من لبنان باتفاق تطبيع.

وتركز المباحثات الحالية بين الطرفين بشكل أساس على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، ويهدف تشكيل اللجنة الثلاثية إلى حل الخلافات الحدودية البرية بين البلدين، وخاصة النقاط الحدودية الثلاثة عشر، إضافة إلى خمس نقاط أخرى لا تزال إسرائيل لم تنسحب منها بعد.

ويقول محللون أنه من الصعب على أي حكومة لبنانية الاستجابة لدعوات التطبيع في ظل هذا الوضع. فلبنان لديه مطالب تتعلق بمصير الأراضي التابعة له في الجنوب، في حين أن إسرائيل لديها أيضًا مطالب تتعلق بالتهديدات المستمرة التي تأتي من الأراضي اللبنانية إلى مناطقها الشمالية. وتأمين الحدود بشكل كامل يمثل الهدف الأساسي الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه.

ومع ذلك يجري حديث أوساط سياسية إن الولايات المتحدة تشارك إسرائيل قناعة معينة بتغير المناخ السياسي والشعبي في لبنان بعد الحرب الأخيرة على حزب الله المدعوم إيرانيا، بما يتيح لمشروع السلام المضي قدما بتعقيدات أقل.

وقال السفير الإسرائيلي “لدى لبنان فرصة للخروج من حالة الدولة الفاشلة وإعادة تأكيد وجوده كمجتمع مدني.”

وفي هذا المجال يبرز الدور الأميركي واضحا في تحريك ملف التطبيع لاسيما مع اللقاءات المكثفة بين المسؤولين الأميركيين والسوريين التي تتعلق بعدة جوانب وتصب في نهاية المطاف في سياق حصد الاعتراف الدولي بشرعية السلطة الجديدة وفق شروط.

ودعا السفير الإسرائيلي، واشنطن إلى التريث في رفع العقوبات عن النظام السوري، مؤكداً ضرورة ربط هذا الأمر بأفعال ملموسة تشمل حماية الأقليات مثل العلويين والدروز وحل التنظيمات الجهادية وحظر الجماعات الإرهابية مثل حماس وحزب الله وفق تعبيره.

وقال لايتر إنه “كان ينبغي للولايات المتحدة أن تكون أكثر ترددًا في رفع العقوبات عنها، محرضا بقوله “على الولايات المتحدة الانتظار لرؤية الإجراءات التي ستتخذها سوريا، مشيرًا إلى أهمية حماية الأقليات في البلاد، مثل الدروز والعلويين.”

 غير أن التحرك الأميركي يرتبط بحسابات ومصالح واشنطن بالدرجة الأولى، حيث أعلن المبعوث الأميركي إلى سوريا أنه التقى الرئيس السوري الانتقالي في اسطنبول السبت بعد رفع العقوبات الأميركية على دمشق.

وقال السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توماس باراك في بيان “التقيت الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في اسطنبول لتنفيذ قرار الرئيس ترامب الجريء لفتح الطريق للسلام والازدهار في سوريا.”

سوريا تعول على دعم الدول الحليفة والغربية من أجل دفع عجلة التعافي الاقتصادي بعد سنوات الحرب ورفع العقوبات الغربية

وأضاف باراك “أكدت أن رفع العقوبات عن سوريا من شأنه أن يحافظ على هدفنا الأساسي – الهزيمة الدائمة لداعش – ويقدم للشعب السوري فرصة لمستقبل أفضل.”

وأشاد المبعوث الأميركي أيضا بالرئيس السوري “للخطوات الملموسة التي اتخذها لتنفيذ توصيات الرئيس ترامب في ما يتعلق بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب، والتدابير الرامية إلى مكافحة داعش، والعلاقات مع إسرائيل، والمخيمات ومراكز الاحتجاز في شمال شرق سوريا”.

والأحد، تعهّدت السلطات السورية مساعدة واشنطن في البحث عن أميركيين مفقودين في سوريا. وقال باراك في منشورات على منصة إكس “خطوة قوية إلى الأمام. لقد وافقت الحكومة السورية الجديدة على مساعدة الولايات المتحدة في تحديد أماكن المواطنين الأميركيين أو رفاتهم” لإعادتهم إلى بلدهم.

وأضاف “أوضح الرئيس ترامب أن إعادة المواطنين الأميركيين إلى ديارهم أو رفاتهم بكرامة، هو أولوية قصوى في كل مكان. وستساعدنا الحكومة السورية الجديدة في هذا الالتزام”.

وعدّد من بين المفقودين أوستن تايس وماجد كمالماز وكايلا مولر.

وبحسب مصدر سوري مطلع على المحادثات بين الحكومتين السورية والأميركية بشأن ملف المفقودين، هناك 11 اسما آخر على قائمة واشنطن، هم سوريون لديهم جنسيات أميركية، من دون أن يحدد أي تفاصيل أخرى.

والشهر الحالي، بدأت وفق المصدر ذاته، “بعثة قطرية، بطلب أميركي، مهمة البحث عن رفات أميركيين في شمال سوريا، قتلهم تنظيم الدولة الإسلامية” الذي سيطر منذ صيف 2014 على مساحات شاسعة في سوريا والعراق المجاور، حتى دحره عام 2019.

وتعمل السلطة الجديدة على تحسين علاقاتها مع الدول الغربية، التي ترفع عقوباتها تباعا عنها، وآخرها الولايات المتحدة، في تحوّل كبير للسياسة الأميركية تجاه سوريا.

وتعول سوريا على دعم الدول الحليفة والغربية من أجل دفع عجلة التعافي الاقتصادي بعد سنوات الحرب ورفع العقوبات الغربية وآخرها الأميركية. وتعمل على تكريس شرعيتها وتنظيم عمل مؤسساتها بينها وزارة الداخلية التي أعلنت السبت عن هيكلية تنظيمية جديدة.

 

اقرأ أيضا:

       • سوريا وإسرائيل: القصة لم تنتهِ بعد.. بدأت للتو

2