استنفار المعارضة لا يؤثر على نظام الانتخابات في مصر

القاهرة - تعالت أصوات بعض أحزاب المعارضة رافضة إجراء انتخابات البرلمان المصري المقبل دون تعديل النظام الانتخابي الحالي المعتمد على الجمع بين القائمة المغلقة المطلقة، والنظام الفردي، بعد أن وافقت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في مجلس النواب على مشروع قانون تقدمت به أحزاب قريبة من الحكومة، تطرق فقط إلى بعض التعديلات حول تقسيم بعض الدوائر الانتخابية.
وأعربت الحركة المدنية الديمقراطية، وهي تمثل الجزء الأكبر من أحزاب المعارضة، في بيان لها، عن استيائها من الإبقاء على قانون الانتخابات الحالي، واعتبرته “إلغاء للتعددية السياسية الحقيقية”، بهدف “خلق مؤسسات تشريعية شرفية انتفاعية، بمشاركة محدودة للغاية من المواطنين”.
وقررت الحركة المدنية عقد مؤتمر صحفي الاثنين للإعلان عن موقفها النهائي من المشاركة في الانتخابات من عدمها، مع استمرار فتح الباب أمام الأحزاب المنضوية داخلها لتقديم مرشحيها بشكل فردي في الانتخابات، ما يشي بوجود تباينات في وجهات النظر حول الانتخابات مع إصرار الحكومة على موقفها، وهو أمر دائما تتعرض له كلما اتخذت مواقف لا تتم الاستجابة لها.
وحذر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (معارض جمّد عضويته بالحركة المدنية) من أن استمرار النهج القائم على التضييق السياسي وغياب التمثيل الحقيقي، يفاقم فقدان الثقة ويهدد الاستقرار، داعيا إلى انفراجة تبدأ بتعديل قانون الانتخابات، وتوسيع الحريات العامة لتجنب الانفجار الاجتماعي وتحقيق تحول ديمقراطي.
ووافقت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في مجلس النواب المصري الأربعاء الماضي نهائيا على مشروع قانون انتخابات المجلس المقدم من أحزاب الموالاة، تمهيدا لإقراره من المجلس الأسبوع المقبل، وسط انتقادات واسعة من المعارضة بسبب تمسك المشروع بنظام القائمة المغلقة، وسيتم فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ قريبا، والمزمع إجراؤها في أغسطس المقبل.
ولم يحقق ضجيج المعارضة الفترة الماضية ووصولا إلى الموافقة المبدئية على القانون، التأثير السياسي المطلوب، لاسيما مع ضعف الأحزاب التي انقسمت رؤاها بين الدخول في تحالفات انتخابية مع الحكومة وأخرى اتخذت موقفا متشددا بمقاطعة الانتخابات، ما دفع إلى تراجع التعامل بواقعية مع مشهد تبدو فيه الحكومة مُصرة على عدم إدخال تعديلات على نظام الانتخابات.
وقد تشكّل انتخابات البرلمان القادمة نقطة فارقة في تفاعل أحزاب المعارضة مع رؤى الحكومة التي أظهرت بعض بوادر الانفتاح منذ انطلاق الحوار الوطني قبل ثلاثة أعوام. وقد يصبح المشهد أكثر وضوحا في ظل وجود أحزاب لا ترغب في قطع صلات التفاعل مع الحكومة بالكامل، وربما تدخل في تحالفات معها، في مقابل أحزاب أخرى قطعت سبل التقارب وقد تتخذ موقفا أكثر تشددا، دون أن ينعكس ذلك بالضرورة على مجمل الحياة السياسية في مصر.
وقال القيادي بالحركة المدنية الديمقراطية مجدي حمدان إن مشروع القانون الذي تقدمت به أحزاب قريبة من الحكومة للبرلمان المصري جاء مغايرا لما طالبت به المعارضة، ما يشير إلى أن السلطة لم تُعر اهتماما للحوار الوطني ومخرجاته، ويُثبت ذلك صحة رؤية المعارضة بشأن الانسحاب من الحوار الوطني، رغم أهمية استكمال الجلسات لتحقيق المزيد من المكاسب السياسية، وستحسم الحركة في اجتماعها يوم الاثنين المقبل ما إذا كانت ستشارك ضمن بعض القوائم المحددة، أم ستتجه إلى تجميد مشاركتها بشكل نهائي.
وكشف لـ”العرب” عن وجود تحرك آخر قانوني عبر الطعن على دستورية مشروع قانون الانتخابات، الذي يتجاهل التمثيل العادل للناخبين، لأن بعض المناطق التي يصل عدد سكانها إلى مليون شخص ممثلة بمقعدين في البرلمان وهناك أخرى يصل عدد قاطنيها إلى 800 ألف نسمة ممثلة بأربعة مقاعد، وتضيق الحكومة الخناق على ترشح المعارضين بالمقاعد الفردية بعد أن رفع المقترح سعر تأمين الترشح إلى 30 ألف جنيه (الدولار= 50 جنيها) بدلا من 10 آلاف جنيه في الانتخابات السابقة.
وأشار إلى أن القانون بشكله الحالي يمنح من لديه القدرة على جذب الناخبين بالسلع الغذائية والأموال حظا أكبر في الترشح والوصول إلى البرلمان، ويبرهن ذلك على أن أحزاب الموالاة حددت القانون وتتحكم في طريقة الترشح ونظام الانتخاب كي تضمن شغل الجزء الأكبر من المقاعد.
ويجمع مشروع القانون الجديد بين نظامي القائمة والفردي، وتقسم البلاد إلى أربعة دوائر انتخابية للقوائم، و284 دائرة للفردي، وإجمالي عدد مقاعد مجلس النواب 568 مقعدا، كما هو في القانون الحالي، بخلاف المعينين، ويشمل 284 مقعدا لنظام القائمة بواقع قائمتين، لكل قائمة 102 مقعدا، وقائمتين لكل منهما 40 مقعدا، بالإضافة إلى دوائر الفردي ولها 284 مقعدا.
وأكد نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي إيهاب الخراط أن موقف الحكومة من قانون الانتخابات “مؤسف ولا بد من استنكاره بأشد العبارات لأنه تجاوز توصيات الحوار الوطني الذي تضمن وجود قائمة نسبية وإن لم تحل محل القائمة المغلقة المطلقة بشكل نهائي، ما يجعلنا أمام برلمان يواجه شبهة تعيين 50 في المئة من نوابه، ما يعني أن هولاء نواب للحكومة وليس للناخبين، ويؤدي إلى تعزيز الركود.
وذكر لـ”العرب” أن مقترحات أحزاب الموالاة جزء من تضييق النطاق على المعارضة، بما في ذلك تلك المستنيرة التي لديها رغبة في الإصلاح وتمثلها أحزاب المصري الديمقراطي والعدل والإصلاح والتنمية، وما شهده البرلمان مؤخرا عبر موافقته المبدئية السريعة على مشروع القانون يعبّر عن تحديد الحيز السياسي الذي يمكن أن تتحرك فيه المعارضة، ويجعل هناك نقاشات حول عملية المشاركة في الانتخابات أو الاتجاه للمشاركة على المقاعد الفردية فقط.
ولفت إلى أن حزبه “المصري الديمقراطي الاجتماعي” سيعلن موقفه النهائي خلال أيام، وأن مبادئه تتجه للسعي نحو الوصول إلى الإصلاح السياسي من الداخل، ما يخلق رغبة في إدخال تعديلات على الحكومة، ويأتي ذلك عبر الشفافية والتفاعل مع المشكلات المختلفة والاستفادة من تجارب دول كانت بحاجة إلى سنوات طويلة قبل أن تصل إلى عملية إصلاح حقيقية.
واستبعد حدوث توافق بين أحزاب المعارضة قبل الانتخابات، مؤكدا أن حزبه يمد يد العون إلى كافة أحزاب المعارضة بما فيها أحزاب الحركة المدنية مع ضرورة التخلي عن التشدد والتشبث بالانفتاح على رؤى تستوعب كافة أطياف المعارضة.
وجمدت أحزاب المصري الديمقراطي والعدل والإصلاح والتنمية عضويتها في الحركة المدنية التي تضم 12 حزبا وشخصيات عامة، إثر خلافات على خوض انتخابات الرئاسة الماضية، والتي ترشح فيها رئيس الحزب فريد زهران أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، فيما قررت بعض أحزاب الحركة المدنية مقاطعة الانتخابات.