خلافات جوهرية تعرقل المباحثات حول الملف النووي الإيراني

طهران تصر على أن تنحصر المحادثات بالمسألة النووية ورفع العقوبات عنها، جاعلة من ذلك مبدأ غير قابل للتفاوض.
الأحد 2025/05/25
تعددت اللقاءات، والاتفاق مؤجل

طهران - عقدت إيران والولايات المتحدة الجمعة في روما جولة خامسة من المباحثات حول البرنامج النووي الإيراني. وغادر وفدا البلدين من دون إحراز تقدم ملحوظ، لكنهما أبديا استعدادهما لإجراء مباحثات جديدة.

في ما يأتي عرض لنقاط الخلاف المستمرة التي تعرقل التفاهم حول الملف النووي الإيراني رغم وساطة سلطنة عمان. ويشكل تخصيب اليورانيوم موضوع الخلاف الرئيسي. وتشتبه الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة وإسرائيل، العدو اللدود لإيران والتي يرى الخبراء إنها القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، بنيّة طهران امتلاك سلاح نووي. لكن طهران تنفي أيّ طموحات نووية عسكرية.

وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران تخصّب اليورانيوم راهنا بنسبة 60 في المئة، متجاوزة إلى حد بعيد سقف الـ3.67 في المئة الذي نص عليه اتفاق 2015 النووي مع القوى الغربية الكبرى والذي انسحبت منه واشنطن في 2018. وردا على الخطوة الأميركية، أعلنت إيران أنها غير ملزمة بعد اليوم بمضمون الاتفاق.

ويعتبر الخبراء أنه ابتداء من 20 في المئة، قد يكون لليورانيوم استخدامات عسكرية، علما أن التخصيب ينبغي أن يكون بنسبة 90 في المئة للتمكن من صنع قنبلة.

والأحد، صرّح الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي يترأس وفد بلاده في المباحثات مع طهران، أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تسمح لإيران بأن تملك ولو واحدا في المئة من القدرة على التخصيب. وتؤكد إيران أن قضية التخصيب “خط أحمر” بالنسبة إليها.

وقال الباحث في مركز السياسة الدولية في واشنطن سينا توسي إن محادثات الجمعة أبرزت “صراع الخطوط الحمراء (..) التي يبدو أنه لا يمكن تحقيق تقارب في شأنها”. وتصرّ طهران على أن تنحصر المحادثات بالمسألة النووية ورفع العقوبات عنها، جاعلة من ذلك مبدأ غير قابل للتفاوض.

◙ الباحث سينا توسي يقول إن محادثات الجمعة أبرزت "صراع الخطوط الحمراء (..) التي يبدو أنه لا يمكن تحقيق تقارب في شأنها"

وفي 2018، اعتبر الانسحاب الأميركي من الاتفاق الدولي حول النووي مدفوعا في شكل جزئي بعدم وجود إجراءات ضد برنامج إيران البالستي الذي ينظر إليه كتهديد لإسرائيل حليفة واشنطن.

وفي 27 أبريل، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة إلى بلوغ اتفاق يحرم في الوقت نفسه إيران من أيّ قدرة على تخصيب اليورانيوم وتطوير صواريخ.

واستبق محللون الأمر بالقول إن هذا الموضوع مطروح على جدول أعمال المباحثات، وكذلك دعم إيران لما يسمّى “محور المقاومة” الذي يضم تنظيمات مسلحة معادية لإسرائيل أبرزها حزب الله في لبنان وحركة حماس الفلسطينية في غزة والمتمردون الحوثيون في اليمن.

ولا تخفي إيران استياءها من مطالب “غير عقلانية” من جانب الولايات المتحدة، فضلا عن شكواها من مواقف متناقضة لدى المسؤولين الأميركيين. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الشهر الماضي “إذا واصلنا (سماع) مواقف متناقضة، فذلك سيطرح مشكلات” بالنسبة إلى المباحثات.

وتندد إيران بموقف واشنطن “العدائي” بعدما فرضت عقوبات جديدة عليها قبل العديد من جولات التفاوض. وفي هذا السياق، استهدفت الخارجية الأميركية الأربعاء قطاع البناء بحجة أن بعض المواد تستخدمها إيران في برامجها النووية والعسكرية والبالستية.

ورأت الدبلوماسية الإيرانية أن “هذه العقوبات (…) تثير تساؤلات حول مدى جدية الأميركيين على الصعيد الدبلوماسي”. مع نهاية أبريل، وقبل الجولة الثالثة من المباحثات، فرضت واشنطن أيضا عقوبات على قطاعي النفط والغاز في إيران.

وفي موازاة دعوته القادة الإيرانيين بإلحاح للتوصل إلى اتفاق، يتوعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقصف إيران إذا فشل المسار الدبلوماسي. والجمعة، حذّر رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال محمد باقري من أن “أيّ توغل للولايات المتحدة في المنطقة سيؤول (بها) إلى مصير مماثل لما واجهته في فيتنام وأفغانستان”.

ونقلت شبكة سي إن إن الثلاثاء عن العديد من المسؤولين الأميركيين أن إسرائيل تستعد لتوجيه ضربات إلى المنشآت النووية الإيرانية. وحذرت طهران من أنها ستحمّل واشنطن مسؤولية أيّ هجوم إسرائيلي.

وذكر موقع أكسيوس الأميركي أن ستيف ويتكوف أجرى مشاورات مع مسؤولين إسرائيليين الجمعة، سبقت الجولة التفاوضية الخامسة. وكتبت صحيفة “كيهان” الإيرانية المحافظة المتشددة السبت أن “التنسيق بين ترامب ونتنياهو يفضي إلى مأزق في المفاوضات”.

3