اتهام إسرائيل باستخدام فلسطينيين عبر بروتوكول البعوض دروعا بشرية

أسوشيتد برس تكشف شهادات صادمة لجنود إسرائيليين عن اجبارهم فلسطينيين على دخول المباني والأنفاق بحثا عن متفجرات أو مسلحين حتى لا تموت الكلاب.
السبت 2025/05/24
ممارسة إسرائيلية محظورة تتفشى في غزة

غزة - كشفت وكالة أسوشيتد برس، اليوم السبت، عن شهادات لجنود إسرائيليين ولمنظمة "كسر الصمت" ومعتقلين فلسطينيين سابقين أن "قادة بالجيش أصدروا أوامر باستخدام فلسطينيين دروعا بشرية، في ممارسة خطيرة أصبحت شائعة خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ 20 شهرا".

ونقلت الوكالة عن جنود قولهم إن القوات الإسرائيلية "تُجبر الفلسطينيين بشكل منهجي على العمل كدروع بشرية في غزة، وتُرسلهم إلى المباني والأنفاق بحثًا عن متفجرات أو مسلحين". وأضافوا أن "هذه الممارسة الخطيرة أصبحت شائعة خلال الحرب المستمرة منذ 20 شهرًا".

أكد جنديان إسرائيليان تحدثا لوكالة أسوشيتد برس، بالإضافة إلى ثالث قدم شهادته لمنظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية غير الحكومية، أن "القادة كانوا على دراية باستخدام الفلسطينيين دروعًا بشرية وتسامحوا مع ذلك، بل وأصدر بعضهم أوامر بذلك".

وأشار البعض إلى أن هذه الممارسة كانت تُشار إليها بأسماء مثل "بروتوكول البعوض"، وأن الفلسطينيين كانوا يُطلق عليهم أيضًا "الدبابير" وغيرها من المصطلحات اللاإنسانية.

وفي هذا السياق، صرح ضابط إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام "غالبا ما كانت الأوامر تأتي من الأعلى، وفي بعض الأحيان كان كل فصيل عسكري تقريبًا يستخدم فلسطينيًا لتطهير المواقع".

وبدوره، قال ناداف فايمان، المدير التنفيذي لمنظمة "كسر الصمت"، التي جمعت شهادات حول هذه الممارسة من داخل الجيش "هذه ليست روايات معزولة، إنها تُشير إلى فشل منهجي وانهيار أخلاقي مُريع".

و"كسر الصمت" منظمة إسرائيلية غير حكومية تنشر شهادات جنود سابقين عن انتهاكات الجيش في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما تحدثت وكالة أسوشيتد برس مع سبعة فلسطينيين رووا تجاربهم كدروع بشرية في غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال الشاب أيمن أبوحمدان (36 عامًا)، مرتديا زيا عسكريا وكاميرا مثبتة على جبهته، إن القوات الإسرائيلية أجبرته على دخول منازل في قطاع غزة للتأكد من خلوها من القنابل والمسلحين، وعندما تنتهي إحدى الوحدات منه، يُنقل إلى التالية.

ووصف أبوحمدان فترة احتجازه التي دامت أسبوعين ونصف الصيف الماضي، قائلاً "ضربوني وقالوا لي: ليس لديك خيار آخر، افعل هذا وإلا قتلناك".

ولفت أبوحمدان أنه احتُجز في أغسطس الماضي بعد فصله عن عائلته، وأخبره الجنود أنه سيساعد في "مهمة خاصة".

وأوضح أنه "أُجبر، لمدة 17 يوما، على تفتيش المنازل وتفتيش كل حفرة في الأرض بحثًا عن أنفاق، فيما يقف الجنود خلفه، وبمجرد اتضاح الأمور، يدخلون المباني لتدميرها أو تخريبها.

وشدد على أن المرات الوحيدة التي كان فيها غير مقيد أو معصوب العينين كانت عندما استخدمه الجنود الإسرائيليون كدرع بشري، ليقضي كل ليلة مقيدا في غرفة مظلمة، ليستيقظ ويجبر على تكرار العملية.

ومن جانبه، أفاد الشاب مسعود أبوسعيد (36 عامًا) بأن القوات الإسرائيلية استخدمته كدرع لمدة أسبوعين في مارس 2024 بمدينة خان يونس جنوبي القطاع.

وروى أبوسعيد قوله لجندي إسرائيلي آنذاك "هذا أمرٌ بالغ الخطورة، ولديّ أطفال وأريد العودة إليهم"، مؤكدا أنه أُجبر على دخول منازل ومبانٍ ومستشفى لحفر أنفاق مشتبه بها وتطهير المناطق".

وأضاف أنه كان يرتدي سترة الإسعافات الأولية لسهولة التعرف عليه، ويحمل هاتفا ومطرقة وقواطع سلاسل.

وخلال إحدى العمليات، التقى أبوسعيد بأخيه الذي استخدمته وحدة إسرائيلية أخرى كدرع، وتعانقا، قائلا "ظننتُ أن جيش إسرائيل قد أعدمه".

وفي الضفة الغربية، قالت الفلسطينية هزار استيتي إن الجنود الإسرائيليين أخذوها من مخيم جنين للاجئين في نوفمبر الماضي، وأجبروها على تصوير وتطهير عدة شقق قبل دخول القوات، وتوسلت للعودة إلى ابنها البالغ من العمر 21 شهرًا، لكن الجنود لم يستمعوا، معبرةً عن خوفها الشديد من أن تُقتل ولا ترى ابنها مرة أخرى.

كما أفاد شهود فلسطينيون آخرون بأنهم استُخدموا كدروع في الضفة الغربية.

وردا على هذه الادعاءات، أكد الجيش الإسرائيلي أنه يحظر تماما استخدام المدنيين كدروع بشرية – وهي ممارسة طالما اتهم حماس بممارستها في غزة.

 ويُحمّل المسؤولون الإسرائيليون المسلحين مسؤولية سقوط عدد كبير من المدنيين في هجومهم الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

وفي بيان لوكالة أسوشيتد برس، قال الجيش إنه يحظر أيضا إجبار المدنيين على المشاركة في العمليات، وأن "جميع هذه الأوامر يتم التأكيد عليها بشكل روتيني للقوات".

وأعلن الجيش أنه يحقق في عدة حالات تُزعم تورط فلسطينيين في مهمات، لكنه لم يُقدم أي تفاصيل أو يُجب على أسئلة حول نطاق هذه الممارسة أو أي أوامر صادرة عن القادة.

ومنذ بدء الحرب بلغ عدد القتلى الفلسطينيين في غزة 53822، غالبيتهم مدنيون، وفقا لأحدث حصيلة أوردتها الجمعة، وزارة الصحة التي تديرها حماس، وبينهم 3673 قتيلا على الأقل منذ استئناف إسرائيل ضرباتها وعملياتها العسكرية في 18 مارس بعد هدنة هشة استمرت لشهرين.

وتُدق جماعات حقوق الإنسان ناقوس الخطر بالقول إن "هذه الممارسة المحظورة بموجب القانون الدولي أصبحت إجراءً اعتياديًا يُستخدم بشكل متزايد في الحرب".

وتفيد جماعات حقوقية بأن تل أبيب استخدمت الفلسطينيين كدروع بشرية في غزة والضفة الغربية لعقود، ورغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية حظرت صراحة هذه الممارسة عام 2005، إلا أن الجماعات واصلت توثيق الانتهاكات.

ومع ذلك، يقول الخبراء إن هذه الحرب هي المرة الأولى منذ عقود التي تنتشر فيها هذه الممارسة – والنقاش حولها – على نطاق واسع.

والجنود الذين تحدثوا للوكالة – والذين قالوا إنهم لم يعودوا يخدمون في غزة – ذكروا أن هذه الممارسة ساعدت في تسريع العمليات، وتوفير الذخيرة، وتجنيب الكلاب المقاتلة الإصابة أو الموت.

وأفادوا بأنهم أدركوا استخدام الدروع البشرية بعد وقت قصير من اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، وأن هذا الاستخدام انتشر على نطاق واسع بحلول منتصف عام 2024.

وأضافوا أن أوامر "إحضار بعوضة" كانت تأتي غالبا عبر الراديو – وهي اختصار يفهمه الجميع، حيث كان الجنود ينفذون أوامر الضباط القادة.

وقال ضابط إنه بحلول نهاية الأشهر التسعة التي قضاها في غزة، كانت كل وحدة مشاة تستخدم فلسطينيًا لتطهير المنازل قبل الدخول إليها.

ووصف الشاب البالغ من العمر 26 عامًا الوضع قائلاً "بمجرد أن انطلقت هذه الفكرة، لاقت رواجا واسعا. رأى الناس مدى فعاليتها وسهولة تطبيقها".

ووصف اجتماع تخطيطيا لعام 2024 حيث قدم قائد لواء لقائد الفرقة شريحة مكتوب عليها "احصل على بعوضة" واقتراحًا بأنهم قد "يصطادون واحدة من الشوارع".

ووثّق الضابط تقريرين عن الحادث إلى قائد اللواء، يُفصّل فيهما استخدام الدروع البشرية، وقال إنهما كانا سيُرفعان إلى قائد الفرقة.

وقال الجيش إنه لم يُعلّق على ذلك عندما سُئل عما إذا كان قد تلقّاهما. ووثّق أحد التقارير مقتل فلسطيني عن طريق الخطأ، على حد قوله، إذ لم يدرك الجنود أن وحدة أخرى كانت تستخدمه كدرع، فأطلقوا النار عليه أثناء ركضه إلى منزل.

وأوصى الضابط الفلسطينيين بارتداء ملابس عسكرية لتجنب أي خطأ في التعرف عليهم. وقال إنه يعرف فلسطينيا آخر على الأقل توفي أثناء استخدامه كدرع، حيث فقد وعيه داخل نفق.

وأكد مايكل شميت، أستاذ القانون الدولي البارز في الأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت، أن إقناع الجنود بالعمل بشكل قانوني عندما يرون عدوهم يستخدم ممارسات مشبوهة أمرٌ صعب.

بينما يقول مسؤولون إسرائيليون ومراقبون آخرون إن حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية أثناء تغلغلها في المجتمعات، حيث تخفي مقاتليها في المستشفيات والمدارس.

وقال شميت "إن النظر إلى جنودك والقول إن عليك الامتثال لهم يعد أمرا صعبا للغاية".