تعيينات الواسطة في تلفزيون لبنان تثير الجدل

بيروت - انتقد عدد من المرشحين لمنصب مدير عام تلفزيون لبنان الذين تقدموا بترشيحاتهم عبر منصة اومسار، غياب الشفافية في التعيينات، بعد أن فوجئوا بحصر مقابلتهم بمرشحتين فقط من أصل 70، وقد حصل ذلك من دون أي تبرير أو تفسير للاعتبارات والمعايير، أو الجهة التي فرضت هاتين المرشحتين دون سواهما.
وقال المرشحون في بيان “إن ما سيتضمنه البيان هو موقف ليس موجها أبدا ضد المرشحتين ولا ضد اللجنة التي خضعوا للمقابلة أمامها”. وطالبوا وزيري الإعلام بول مرقص والتنمية الإدارية فادي مكي بـ”تقديم جواب واضح وصادق على سؤالي: على أي أساس تم اختيار مرشحتين فقط؟ وما هي المعايير؟ علما أن الآلية تقتضي رفع ثلاثة أسماء مختارة من بين المرشحين إلى مجلس الوزراء لاختيار واحد منهم، فكيف يصلح انتقاء مرشحتين للاختبار، بغض النظر عن النتيجة التي خرجت بها اللجنة لناحية المفاضلة”.
وقالت مصادر مطّلعة إن اللجنة استهجنت وضعها أمام خيارين محددين فقط، بينما جرى الحديث بأن “وزير الإعلام تعب من إدارته لتلفزيون لبنان الذي يعج بالمشاكل، ويريد الخلاص.” بينما قال آخرون إن “من بين الذين تقدموا بترشيحاتهم وحرموا من المثول أمام لجنة المقابلات، العديد من المؤهلين المحترفين وأصحاب خبرة في المجال الإعلامي والتلفزيوني ويتمتعون بشخصية قيادية تفتقر إليها المرشحتان.”
مرشحون تحدوا وزيري الإعلام والتنمية الإدارية {أن يميطا اللثام عن السير الذاتية المقدمة لمرشحي المنصب} وتبرير اختيارهما
وتحدى المرشحون في بيانهم وزيري الإعلام والتنمية الإدارية مجتمعين “أن يميطا اللثام عن السير الذاتية المقدمة لمرشحي منصب مدير عام تلفزيون لبنان، ويضعا هذه السير أمام رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء”، وطالبوا رئيسي الجمهورية والحكومة “بسؤال الوزيرين عن أفعالهما، وتدارك الأمر قبل فوات الأوان، وإلا على مسيرة الإصلاح السلام”.
وتشهد التعيينات في تلفزيون لبنان جدلا واسعا منذ أشهر، ففي مارس الماضي تداول ناشطون على مواقع التواصل كتابا من الوزير مرقص إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، يتضمن مقترحا لتعيين مجلس إدارة لشركة تلفزيون لبنان. وشكلت الوثيقة مفاجأة للكثيرين في الوسطين الإعلامي والسياسي، لأنها “تقفز فوق الآلية التي وضعتها الحكومة لتعيين الموظفين العامين”، وهو ما دفع مصادر رئاسة الحكومة إلى نفيها، والتأكيد أن “هناك آلية للتعيينات، وكلّ تعيين سيمرّ عبرها حكما”.
واتهم البعض في الوسط السياسي وزير الإعلام بالاستفادة من الوضعية الإدارية لتلفزيون لبنان، لإخراج التعيينات من دون الآلية الحكومية، على اعتبار أن التلفزيون هو مؤسسة عامة تتمتع باستقلالية مالية وإدارية. لكن هذا الأمر “غير قانوني”، لأن التلفزيون يتبع للدولة ويُفترض أن تنطبق عليه آلية التعيينات.
في المقابل يؤكد مرقص إصراره على إجراء التعيينات وفق الأصول، مع احترام معايير الكفاءة والشفافية، بعيدا عن المحاصصة والتدخلات دفاعا عن مؤسسة تحمل جزءا كبيرا من ذاكرة وطن وانتصارا لتطبيق مبادئ الإصلاح الإداري.
وتحدث في تغريدة على حسابه في موقع إكس عن دعم نقابة الإعلام المرئي والمسموع لخياراته، وقال فيها:
@DrPaulMorcos
لقاء مع وفد من مجلس نقابة العاملين بالإعلام المرئي والمسموع، برئاسة رندلى جبور، التي قالت بعد اللقاء “أبدينا كنقابة، دعمنا الكامل لوزير الإعلام، في حضانته وهمه لإنقاذ تلفزيون لبنان، خصوصا من خلال الخطوة الأولى بتعيين مجلس جديد لإدارته على أمل ألا تواجه عملية التعيين عراقيل سياسية، لأن التلفزيون يحتاج لأن يكون صورة هذا الوطن المشرقة، كما يحتاج لأن يقف مجددا على قدميه. وتم التطرق إلى ولادة قانون الإعلام الجديد، لاسيما وأن القانون الحالي يبلغ عقودا من العمر، في ظل تطور الإعلام مع تقدم العصر.”
ونقلت جبور عن مرقص “بُشرى مفادها أنه أصبح بمقدور الإعلامي المستقل غير المنضوي في مؤسسات وجهات ضامنة له، أن ينتسب إلى الضمان الاجتماعي، للاستفادة من المساعدات التي يقدمها الصندوق في المجال الصحي.”
ويرى مرقص أن من حقه كوزير وصي، ووفق مرسوم التلفزيون، اقتراح تعيين مجلس إدارة جديد للتلفزيون، بدلا من حال الشغور والفراغ المستمر منذ سنوات، على قاعدة أنه من غير المقبول أن يعطل المرفق العام بسبب اعتبارات سياسية أو طائفية، أو أن يقيّد الوزير بآليات مرهونة بالتوافقات المعرقلة، من دون أن يفتح باب الاجتهاد العملي.
ويُعدّ تلفزيون لبنان القناة الرسمية للدولة اللبنانية، وهو من أقدم المحطات التلفزيونية في العالم العربي، حيث يعود تأسيسه إلى خمسينات القرن الماضي. ورغم إرثه العريق ودوره الإعلامي الأساسي، يعاني من تحديات كبيرة تتطلب دعما حكوميا وقطاعيا للحفاظ عليه وتطويره.
ومؤخرا كثف وزير الإعلام جهوده للنهوض بتلفزيون لبنان الرسمي لإعادته إلى حضوره الإعلامي الذي عرف به سابقا، وانخرط في العمل لحشد دعم الشركات الاقتصادية للمساهمة في تطويره وتحسينه.
وبدأ التلفزيون في استقطاب المشاهدين بتأكيد حضوره على الخارطة الإعلامية في شهر رمضان عبر تقديم مجموعة من الأعمال الدرامية في مسعى لإعادة تفعيل الإنتاج فيه.
ويحتاج تلفزيون لبنان إلى دعم فعلي لضمان استمراره كمنبر وطني يعكس هوية لبنان الثقافية والإعلامية. فالتطوير والتمويل والاستثمار في الكفاءات الإعلامية أمور ضرورية ليبقى هذا التلفزيون صوتا لكل اللبنانيين، ومنافسا قويا في المشهد الإعلامي العربي والدولي.
وأشار مرقص، خلال جولة في تلفزيون لبنان، إلى أن “التلفزيون أولوية لي وللناس التي تهمها الصورة الجامعة بعيدا عن الاصطفافات والشحن”، لافتا إلى أن “الناس تريد السلام والوئام ومعرفة الخبر الصادق، كما تريد أن ترى مظهر الدولة عبر شاشتها، وتلفزيون لبنان يمثل وصول الدولة إلى المواطنين ورجوع المواطنين إلى الدولة.”