تواتر خصومات أبل على آيفون تعكس اشتداد المنافسة في السوق الصينية

بكين - قدمت أبل خصومات نادرة على أحدث طرازات آيفون في الصين، حيث يُنظر إلي هذه الإستراتيجية على أنها خطوة من عملاق التكنولوجيا الأميركي لحماية حصته في مواجهة المنافسة المتزايدة من منافسين محليين مثل هواوي.
وقالت الشركة على موقعها الإلكتروني الجمعة إنها “تقدم خصومات إضافية على هواتف آيفون الجديدة في الصين حتى يوم 18 يونيو” المقبل.
وتتزامن الخطوة مع مهرجان التسوق 618، أحد أكبر فعاليات البيع بالتجزئة السنوية في الصين. وخلال مدة العرض، تُقدّم أبل رصيدًا إضافيًا على عمليات استبدال الأجهزة المؤهلة، مُستهدفةً بذلك الفترة التي تسبق مهرجان.
ويقول الخبراء إن هذا ليس عرضًا ترويجيًا عامًا، بل مبادرة تكتيكية فعّالة من الشركة لاستعادة المبيعات مع تحوّل اهتمام المستهلكين نحو علامات تجارية أخرى.
وقال ويل وونغ، كبير محللي الهواتف الذكية في شركة البيانات الدولية (آي.دي.سي)، إن “أبل خفضت أسعار أحدث طرازاتها سابقًا لتعزيز المبيعات خلال مهرجان 618.”
وأضاف “تُكرّر أبل إستراتيجيتها لترويج المبيعات في فعالية التسوق العام الماضي. تخفض الأسعار حتى تتمكن من الاستفادة من الدعم الحكومي الصيني للمنتجات الرقمية.”
وتشهد قيم استبدال أجهزة آيفون زيادة مؤقتة. فمثلا، يُمكن للزبائن الآن الحصول على ما يصل إلى 5700 يوان (785 دولارا) مقابل استبدال هاتف آيفون 15 برو ماكس. وحتى آيفون 15 الأقل سعرًا يحصل على رصيد يصل إلى 3400 يوان (468 دولارًا).
وتُضاف هذه الحوافز، المتوفرة عبر الإنترنت وفي المتاجر، إلى الخصومات المنتظمة التي تُقدّمها حاليًا منصات التجارة الإلكترونية الصينية الرئيسية، والتي يصل بعضها إلى 351 دولارًا على بعض طرازات آيفون 16.
وهذا التوقيت ليس مصادفة. ويُعد مهرجان 618، الذي سُمي تيمّنًا بذروته في 18 يونيو، أحد أكبر فعاليات البيع بالتجزئة السنوية في الصين، حيث تتجاوز مبيعاته الإجمالية عادةً 100 مليار دولار. وبالنسبة إلى أبل، يُعدّ هذا المهرجان فرصةً ذهبيةً لتعويض تراجع أدائها.
ووفقًا لأرقام الربع الأول من عام 2025، انخفضت شحنات هواتف آيفون في الصين بنسبة 9 في المئة على أساس سنوي.
وليس من الصعب فهم السبب، إذ تتسارع الشركات المحلية في طرح بدائل بأسعار تنافسية ومواصفات عالية. في الوقت نفسه، جعلت أسعار أبل المرتفعة التقليدية من نفسها أقل تنافسية في بيئة حساسة للسعر.
ولا يقتصر الأمر على بيع الهواتف فحسب، بل تطلب أبل من المستخدمين إحضار أجهزتهم القديمة، والتوجه إلى المتجر أو تسجيل الدخول عبر الإنترنت، والالتزام الآن.
ولا تُخفي الشركة دوافعها وتُدرك أنها في منافسة شرسة على حصة السوق، وهي تستغل كل فرصة متاحة. وقالت عبر موقعها الإلكتروني “من الآن وحتى 18 يونيو، استبدلوا هواتف آيفون القديمة بخصم إضافي قدره 100 دولار.”
ويشمل برنامج استبدال الأجهزة من أبل في الصين أيضًا أجهزة آيباد وساعات أبل، لكن عروض أجهزة آيفون هي الرائدة.
وبينما تُصوّر شركة التكنولوجيا العملاقة هذا العرض على أنه إنجاز بيئي، مُصرّحةً بأن الأجهزة سيتم تجديدها لإعادة الاستخدام أو إعادة تدويرها للحصول على مواد جديدة، إلا أن هذا بلا شك تكتيك تجاري.
9
في المئة نسبة انخفاض شحنات هواتف آيفون في الصين في الربع الأول من عام 2025
وصُممت الخدمات اللوجستية لضمان الحد الأدنى من الاحتكاك. وتُحسب قيم الاستبدال مُسبقًا، ويُوجّه الزبائن خطوة بخطوة خلال إجراءات النسخ الاحتياطي والإرجاع.
ويمكن خصم الأرصدة عند الدفع أو تحويلها إلى حساب مصرفي. ولمن لا يرغب بالشراء، يُضيف خيار السحب النقدي مرونة.
ومشكلة أبل في الصين تتجاوز مسألة التسعير، بل تتعلق بالإدراك والقدرة على التكيف والتوقيت. ويُمثّل هذا الاستبدال إشارةً إلى هذه العناصر الثلاثة حيث تسعى الشركة إلى تغيير مسارها.
وبدأت منصات التجارة الإلكترونية الصينية منتصف مايو الجاري تقديم خصومات تصل إلى 351 دولارًا على أحدث إصدارات آيفون، في محاولة لتحفيز المبيعات مع انخفاض شحنات أبل في الربع الأول من العام بشكل أكبر في ثاني أكبر أسواقها.
وجاء ذلك بينما يتنافس فيه تجار التجزئة الإلكترونيون الصينيون بشكل متزايد على المستهلكين المهتمين بالكلفة في ظل تباطؤ الاقتصاد، مع احتلال تخفيضات الأسعار مركز الصدارة قبل مهرجان 618.
وأظهرت فحوصات رويترز أن شركة جي.دي تبيع هاتف آيفون 16 برو بسعة تخزين 128 غيغابايت بسعر 759 دولارا، بانخفاض قدره 351 دولارا عن سعر أبل الرسمي البالغ 1110 دولارات.
ويُعرض هاتف آيفون 16 بسعة تخزين 256 غيغابايت بسعر 759 دولارا، أي بانخفاض قدره 212.3 دولار عن سعره الرسمي البالغ 971.4 دولار، شاملًا الدعم الحكومي.
ويقدم سوق تمال التابع لشركة علي بابا خصومات مماثلة، حيث يبيع هاتف آيفون 16 برو بسعة 128 غيغابايت بسعر 763.2 دولار، أي بانخفاض قدره 347 دولارا عن سعر أبل الرسمي، وذلك بعد تطبيق قسائم تتضمن دعمًا حكوميًا.
وبرزت الخصومات الانتقائية في إستراتيجية التسعير التي تنتهجها الشركة في الصين، سواء من خلال عروضها الترويجية الخاصة أو التخفيضات المستقلة التي تقدمها منصات الإنترنت والموزعون المعتمدون.
وفي يناير الماضي، عرضت أبل خصومات نادرة تصل إلى 69.4 دولار على موقعها الإلكتروني، وفي السنوات الماضية، طرحت منصات التجارة الإلكترونية الصينية عروضًا مماثلة.