"عَكْس" تنطلق من سلطنة عمان كأول منصة خليجية للأفلام المستقلة

عمان - تسير دول الخليج، وفي مقدمتها سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، بخطى واثقة نحو دعم صناعة السينما بجناحيها الرسمي والمستقل، انطلاقا من إيمان راسخ بضرورة مواكبة الحراك الفني العالمي، وبالدور الحيوي الذي يؤديه الفن السابع في تشكيل الوعي الجمعي والتأثير في الأجيال الصاعدة.
يأتي هذا التوجّه كجزء من رؤية أوسع لتعزيز القوى الناعمة للدول الخليجية، وتمكينها من ترسيخ حضورها عربيا ودوليا، من خلال إنتاج محتوى سينمائي يعكس تنوعها الثقافي وثراءها الإنساني، ويخاطب العالم بلغة بصرية قادرة على تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.
وفي أحدث خطواتها نحو تعزيز السينما، دشّنت سلطنة عُمان منصة “عَكْس” للأفلام، كأول منصة خليجية متخصصة في عرض الأفلام المستقلة، في خطوة نوعية تُعزّز موقع السلطنة على خارطة الصناعات الثقافية والإبداعية في المنطقة. وقد تم الإعلان عن المنصة في الركن العُماني في إكسبو 2025 بأوساكا، اليابان، حيث قُدّمت كأحد المشاريع الثقافية الواعدة التي تمثّل تطورًا جديدًا في مجال السينما المستقلة الرقمية.
بيئة رقمية حديثة تُمكّن صنّاع الأفلام في عمان والخليج من رواية قصصهم ومشاركة أعمالهم مع جمهور محلي وعالمي
وتُعد “عَكْس” مبادرة ثقافية وسينمائية مستقلة، تهدف إلى تحفيز الحراك الفني في سلطنة عُمان، وتعزيز حضور السينما المستقلة عبر بيئة رقمية حديثة تُمكّن صنّاع الأفلام من رواية قصصهم ومشاركة أعمالهم مع جمهور محلي وعالمي. كما تسعى المنصة إلى معالجة تحديات حقيقية واجهها صنّاع الأفلام سابقًا، مثل ضعف التوزيع وصعوبة الوصول إلى الجمهور.
وفي هذا السياق قال فهد رمضان الميمني، مؤسس المنصة، إن “عَكْس ليست مجرد منصة لعرض الأفلام، بل رؤية متكاملة تهدف إلى تمكين صانع الفيلم العُماني، وتعزيز قيمة المحتوى المحلي، وفتح آفاق أوسع للتوزيع والوصول. ما نفتقر إليه في منطقتنا ليس الموهبة، بل البنية التي تحتضن هذه الموهبة وتؤمن بها، وعَكْس جاءت لتكون هذه الحاضنة.”
وأضاف “نطمح من خلال هذه المبادرة إلى أن نكون جزءًا من حركة عالمية ترى في الثقافة قوة ناعمة، وفرصة اقتصادية، ومسؤولية تنموية. رؤيتنا تتجاوز العرض؛ نحن نعيد تشكيل العلاقة بين الجمهور والسينما، بين الفكرة والصوت، بين الصورة والانتماء.”
وتركّز المنصة في أهدافها على تمكين صنّاع الأفلام المستقلين من مختلف محافظات عُمان، وتوفير مساحة مستدامة للعرض والتوزيع الرقمي. كما تهدف إلى بناء أرشيف رقمي شامل يوثّق الإنتاج السينمائي المحلي، ودعم الاقتصاد الإبداعي وتعزيز الاستثمار في صناعة الفيلم.
وتحتوي “عَكْس” حاليًا على مكتبة رقمية تضم عشرات الأفلام القصيرة الروائية والوثائقية، وستُطلق قريبًا كتطبيق ذكي يُتيح تجربة مشاهدة مميزة للمستخدمين داخل السلطنة وخارجها.
السينما المستقلة في سلطنة عمان ودول الخليج تشهد تطورًا ملحوظًا خلال السنوات القليلة الأخيرة
ويُعد هذا التدشين محطة مهمة في مسار تطوّر السينما العُمانية، وخطوة واعدة نحو تمكين الإنتاج المستقل من لعب دور أكثر تأثيرًا في المشهد الثقافي الخليجي والعالمي.
وتشهد السينما المستقلة في سلطنة عمان ودول الخليج تطورًا ملحوظًا خلال السنوات القليلة الأخيرة، حيث تُعبّر عن أصوات جديدة وتُقدّم رؤى فنية مبتكرة بعيدًا عن الأطر التجارية التقليدية.
بدأت السينما المستقلة في السلطنة تظهر بشكل فعلي في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مع بروز عدد من الشباب العُمانيين الذين اتجهوا لصناعة الأفلام القصيرة والوثائقية بجهود ذاتية، خارج الأطر التجارية أو المؤسسية.
وتُعتبر سلطنة عمان من الدول الرائدة في دعم السينما المستقلة في المنطقة، حيث تُشرف الجمعية العمانية للسينما والمسرح على تنظيم مهرجانات سينمائية متخصصة، مثل مهرجان “شبابيك للسينما المستقلة”، الذي يُقام سنويًا في مسقط، ويهدف المهرجان إلى تشجيع صُناع الأفلام على التعبير عن أفكارهم ورؤاهم الخاصة باستخدام الإمكانيات المتاحة لهم. وتتضمن فعاليات المهرجان عروضًا لأفلام مستقلة من مختلف الدول العربية، بالإضافة إلى جلسات نقدية وورش عمل.
ومن أبرز المخرجين العمانيين في مجال السينما المستقلة نذكر خالد الزدجالي وسماء عيسى ويوسف البلوشي وعبدالله البطاشي ورُقية الوضاحي وخالد الكلباني ومازن حبيب ومزنة المسافر.
ويعرف هؤلاء المخرجون باستخدام تقنيات بسيطة وإنتاج محدود الميزانية، مع التزامهم بالتركيز على الهوية العُمانية والتقاليد المحلية، وسعيهم نحو معالجة قضايا اجتماعية وشبابية معاصرة. وتتنوع أفلامهم في الأساليب بين الوثائقي والتجريبي والروائي القصير.