تفاهم تركي - إسرائيلي على النشاط العسكري في سوريا دون صدام

توصلت إسرائيل وتركيا إلى اتفاق على تجنب الصدام العسكري والاشتباك في سوريا، وبموجب الاتفاق ستصبح الاجتماعات بينهما منتظمة، لتنسيق التحركات العسكرية في سوريا مع وجود خطوط حمراء لسوريا تتعلق بتدمر والجنوب السوري.
القدس- كشفت وسائل إعلام عبرية عن تفاهم بين تركيا وإسرائيل لإنشاء خط ساخن لمنع التوترات والصدامات في سوريا، بما في ذلك معلومات عن الأماكن التي ستضع فيها أنقرة أنظمة الدفاع الجوي والرادارات، بعد فترة من التوتر بين البلدين وتهديد تل أبيب لأنقرة بعدم السماح لها بمد نفوذها في مناطق إستراتيجية في سوريا. وقال مصدر إسرائيلي رسمي لصحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، إن إسرائيل وتركيا توصلتا إلى تفاهمات بشأن تنسيق أنشطتهما العسكرية في سوريا بهدف منع الاحتكاك بين القوات من الجانبين.
وكانت هيئة الإذاعة الإسرائيلية قد ذكرت أن أنقرة وتل أبيب ستستأنفان الخميس المحادثات في باكو بوساطة من الحكومة الأذرية، وأن تل أبيب ستطرح ثلاثة مطالب رئيسية على أنقرة. وتتهم إسرائيل تركيا بالسعي لتعزيز وجودها العسكري في سوريا وإنشاء قواعد هناك، محذرة من عواقب هذه الخطوات. وقال نتنياهو إنه قد يطلب وساطة أميركية إذا تفاقم النزاع مع تركيا في الأراضي السورية، بينما يواصل الطيران الإسرائيلي ضرباته ضد أهداف عسكرية في سوريا تأكيدا لرفض تل أبيب أي وجود مسلح في جنوب البلاد.
ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، لم يقتصر التغيير على الداخل السوري فحسب بل امتد إلى دول الجوار، حيث بدأت تتبلور ملامح منافسة جديدة بين قوتين نافذتين في المنطقة هما تركيا وإسرائيل. وأكد مسؤولون إسرائيليون سابقا أن “من المهم تعزيز آلية بين أنقرة وتل أبيب من شأنها منع الصراع الذي لا يريده أي من الطرفين.”
وأضاف المسؤولون حينها أن “رغم الخطاب العلني للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يحذر فيه إسرائيل من مواصلة نشاطها العسكري في سوريا، فإن الأتراك ينقلون في الغرف المغلقة رسالة مفادها أنهم غير مهتمين بالمواجهة مع إسرائيل.” وذكرت وسائل إعلام عبرية أن اجتماعين اثنين عقدا بين ممثلين من إسرائيل وتركيا في أذربيجان، وكان الهدف الرئيسي للمحادثات هو منع تصعيد الأزمة الحالية بين تركيا وإسرائيل.
وفي الاجتماع أوضحت إسرائيل أن أي تغيير في انتشار القوات الأجنبية في سوريا، وخاصة إنشاء قواعد تركية في منطقة تدمر، من شأنه أن يشكل تجاوزا للخط الأحمر وسيعتبر خرقا للثقة. وأكد مصدر إسرائيلي أن الأطراف “اتفقت خلال المحادثات التي جرت في باكو على آلية دائمة لمنع الاحتكاك العسكري في سوريا.” وبموجب الاتفاق ستصبح الاجتماعات المماثلة لتلك التي عقدت في باكو منتظمة، ولكن لم يتم تحديد موعد ومكان الاجتماع المقبل بعدُ.
◙ إسرائيل تعتبر أي تغيير في انتشار القوات الأجنبية في سوريا وإنشاء قواعد تركية في تدمر خطا أحمر
وذكر مصدر مطلع على المفاوضات أن إسرائيل “تشعر بالارتياح إلى حد كبير لقيام تركيا بنشر قوات برية في سوريا، بما في ذلك الدبابات والمشاة”، مشيرا إلى أن “المفاوضات تتقدم بشكل إيجابي.” وأضاف المصدر أن “السؤال الرئيسي كان القواعد في منطقة تدمر ومطاراتها، والمكان الذي ستضع فيه أنقرة أنظمة الدفاع الجوي والرادارات دون مراقبة العمليات الجوية الإسرائيلية.”
وأشار إلى أن “المحادثات تتقدم بشكل إيجابي”، موضحا أن النقاش يركز على ما يُسمى “خط النخيل”، وهو منطقة مجاورة لمدينة تدمر، وتضم قاعدة “تي فور” الجوية، والتي استخدمها الحرس الثوري الإيراني على نطاق واسع، وكانت جزءا من ممر لوجستي لإمدادات الأسلحة لحزب الله، وقصفتها إسرائيل مرارا وتكرارا، معتبرة إياها هدفا إستراتيجيا لأعدائها.
وشنت طائرات إسرائيلية، مطلع أبريل الماضي، غارات على مواقع عسكرية في العاصمة السورية دمشق ومحافظتي حماة وحمص، بما في ذلك مطار حماة العسكري، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. وطالت الغارات الإسرائيلية مطار “تي فور” بريف حمص الشرقي، ومركز البحوث العلمية في منطقة برزة بالعاصمة دمشق.
وأفادت وكالة رويترز نقلا عن مصادر حينها، بأن “فرقا تركية أجرت زيارات تفقدية لثلاث قواعد جوية على الأقل في سوريا، قد تنشر فيها قوات تركية كجزء من اتفاق دفاعي مشترك مزمع، قبل أن تتعرض هذه القواعد لقصف إسرائيلي”. ونقلت الوكالة عن مسؤول استخباري إقليمي ومصدرين عسكريين سوريين ومصدر سوري آخر مطلع، قولهم إن فرقا عسكرية تركية زارت في الأسابيع القليلة الماضية قاعدتي ‘تي فور’ وتدمر الجويتين بريف حمص الشرقي، والمطار الرئيسي في محافظة حماة وسط البلاد.
وقال مسؤول المخابرات الإقليمي إن الفرق التركية قيّمت حالة مدارج الطائرات وحظائرها وغيرها من البنى التحتية في القاعدتين. وأوضح مسؤول المخابرات والمصدران العسكريان السوريان أن زيارة أخرى كانت مقررة إلى قاعدتي ‘تي فور’ وتدمر في الخامس والعشرين من مارس الماضي، ألغيت بعد أن ضربت إسرائيل القاعدتين قبل ساعات على موعد الزيارة.
◙ تحركات إسرائيلية تهدف إلى إنشاء جدار عازل داخل الأراضي السورية ضمن ما وُصف بـ”خطة أمنية جديدة”
وأشار مسؤول المخابرات الذي عرض صورا للأضرار في القواعد الجوية إلى أن “الضربات على قاعدة ‘تي فور’ دمرت المدرج والبرج وحظائر الطائرات وطائرات على الأرض وبعثت برسالة قوية مفادها أن إسرائيل لن تقبل بوجود تركي موسع.” وأكد مصدر سوري رابع مقرب من تركيا أن “قاعدة ‘تي فور’، لم تعد صالحة للاستخدام تماما الآن.”
وذكرت قناة “سي.أن.أن” الأميركية منتصف مايو الجاري أن ممثلين عن الإدارة السورية الانتقالية وإسرائيل أجروا محادثات مباشرة في أذربيجان. ونقلت القناة عن مصدر إسرائيلي قوله إن المحادثات السورية – الإسرائيلية قد جرت بالفعل وبشكل مباشر بين الجانبين. وذكر المصدر الإسرائيلي أن المحادثات جرت في أذربيجان وحضرها رئيس مديرية العمليات في الجيش الإسرائيلي اللواء عوديد باسيوك.
ولا تزال إسرائيل تكثف تحركاتها جنوب سوريا، فقد تحدثت مصادر محلية وإعلامية مؤخرا عن وجود تحركات إسرائيلية تهدف إلى إنشاء جدار عازل داخل الأراضي السورية، وتحديدا في محيط محافظة القنيطرة، ضمن ما وُصف بـ”خطة أمنية جديدة” تشرف عليها ما يُعرف بـ”الفرقة الشرقية”. لكن هذه المزاعم وُجهت بنفي قاطع من أبناء المحافظة وفعالياتها الرسمية، الذين اعتبروا أن الحديث عن تعاون محلي مع المشروع لا يعدو كونه “تشويشا إعلاميا يخدم أجندات مشبوهة”.
وأشارت الأنباء المتداولة إلى أن الجيش الإسرائيلي أجرى عبر وسطاء اتصالات مع عناصر سابقة في مجموعات محلية كانت نشطة خلال سنوات النزاع، أبرزها “فرسان الجولان” و”تجمع الحرمون”، بغية إشراكهم في التنفيذ الميداني لمخطط الجدار، الذي لم يُعلن عنه رسميا من أي جهة. وفي رد فعل شعبي، أصدر أهالي بلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة بيانا، نوهوا فيه بأنهم يستنكرون هذه الادعاءات الكاذبة جملة وتفصيلا، مؤكدين أن البلدة ستظل وفية لتاريخها الوطني، رافضة أي شكل من أشكال التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، مهما كانت الذرائع أو الضغوط.