الحكومة السودانية تحاول استمالة الاتحاد الأفريقي لإعادة عضويتها

أديس أبابا- أفادت تقارير صحفية ومصادر مطلعة في الاتحاد الأفريقي عن وجود ترتيبات جارية بين المفوضية والهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيغاد)، لإنشاء آلية جديدة للملف السوداني، في ظل حراك مكثف للحكومة السودانية وتقديمها تعهدات وضمانات لمحاولة رفع تعليق عضويتها في الاتحاد.
ويسعى رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان إلى استمالة الاتحاد الأفريقي والحصول على تأييد إقليمي لرفع تعليق عضويته، وتجلى ذلك من خلال خطوة تعيين كامل الطيب إدريس رئيسا للوزراء بعد أن خلا المنصب لمدة أربع سنوات منذ إقالة عبدالله حمدوك، عقب انقلاب عسكري على السلطة المدنية، في سياق خطة عمل جديدة.
وقبل أيام، رحّب مفوض الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف، بهذا التعيين مؤكدًا وقوف الاتحاد إلى جانب الشعب السوداني والبلاد التي تشهد حربًا منذ منتصف أبريل 2023. ويأتي ذلك في وقت أشارت فيه مصادر أخرى في الاتحاد الأفريقي إلى أن مسؤولين من الاتحاد الأفريقي و”إيغاد” عقدوا اجتماعات منفصلة مؤخرًا مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة ومفوض الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف.
وناقشت الاجتماعات الملف السوداني، بما في ذلك إنشاء آلية مشتركة بين هذه الأطراف برئاسة “إيغاد”. وأفادت المصادر بأن اتصالات غير رسمية تجري بين مفوضية الاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية. ومن المتوقع أن يعمل مفوض الاتحاد الأفريقي بشكل وثيق على ملف السودان، إلا أن المصادر في الوقت نفسه لم تكن متفائلة باتخاذ مجلس السلم والأمن الأفريقي قرارًا برفع تعليق عضوية السودان.
وتنص مبادئ الاتحاد الأفريقي وأسسه على عدم الاعتراف بالانقلابات والتغييرات العسكرية في دول القارة. وبحسب المصادر فإن مسؤولًا سودانيًا في الاتحاد الأفريقي يعمل على إعداد خطة عمل لقادة الجيش لإنهاء تعليق عضوية السودان في المنظمة. ويبدو أن هذه الخطة تأتي في إطار تحركات حثيثة للسودان منذ فترة لإقناع الاتحاد الأفريقي بتفعيل عضويته، بعد أن رفض في فبراير الماضي.
وربط مفوض الاتحاد الأفريقي للسلم والشؤون السياسية بانكول أديوي رفع تعليق عضوية السودان في مجلس السلم والأمن الأفريقي بتحقيق انتقال ديمقراطي مدني واضح، في ضربة لجهود حكومة البرهان التي كانت تأمل في استعادة العضوية، لما يمثله ذلك من إنجاز دبلوماسي يعضد التقدم المسجل على الميدان.
وقبيل القمة الأفريقية واجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي، كثفت الحكومة السودانية الموالية للجيش من تحركاتها الدبلوماسية في محاولة لرفع اسم السودان من قائمة التجميد.
◙ من المتوقع أن يعمل مفوض الاتحاد الأفريقي على الملف، إلا أن هناك شكوكا بشأن رفع تعليق عضوية السودان
وقد أرسل وزير الخارجية السوداني السابق علي الشريف رسالة خطية لوزراء خارجية الدول الأعضاء بمجلس السلم والأمن الأفريقي، قبيل الاجتماع المغلق للمجلس الذي عقد في فبراير وطالب فيها الاتحاد الأفريقي بإعادة النظر في تقييم الاتحاد الأفريقي للأوضاع بالسودان في ضوء المستجدات الأخيرة، وضرورة رفع تجميد أنشطة السودان، وأشار إلى خارطة الطريق التي أعلن عنها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.
وتشمل خارطة الطريق المعلن عنها تشكيل حكومة كفاءات، وقد كان توقيت الكشف عنها مدروسا على أمل أن يغير ذلك من موقف التكتل الأفريقي. وسبق ذلك قيام البرهان بجولة أفريقية شملت ست دول أعضاء في مجلس السلم والأمن الأفريقي، في محاولة لإقناع تلك الدول باستئناف أنشطة السودان داخل المنظمة.
وقال المفوض بانكول، في مؤتمر صحفي بمقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، الأحد، “آليات الاتحاد الأفريقي واضحة بشأن رفع العقوبات واستئناف أنشطة السودان في الاتحاد.” وذكر أنه لا يوجد تحول مدني واضح في السودان لرفع التجميد، داعيا إلى الالتزام بمواثيق الاتحاد الأفريقي المتعلقة بالانقلابات غير الدستورية.
وشدد المسؤول في الاتحاد الأفريقي على أنه لا يوجد حل عسكري للصراع الدائر في السودان، مؤكدا أن الحل الوحيد يكمن في الحوار ووقف إطلاق النار والدخول في عملية سلام شاملة بقيادة سودانية. وأشار في الوقت نفسه إلى إمكانية الاستفادة من تجربة اتفاق بريتوريا، الذي أنهى الصراع في إقليم تيغراي الإثيوبي وأوقف القتال، لافتا إلى إمكانية الاستفادة منه في الكونغو أيضا.
ويرى مراقبون أن موقف مجلس السلم في الاتحاد الأفريقي هو انتصار لدعاة السلام والرافضين لاستمرار الحرب الدائرة منذ أبريل 2023، والتي راح ضحيتها الآلاف من القتلى، فضلا عن أزمة جوع في العديد من المناطق.
وكان التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” برئاسة حمدوك وجه رسالة إلى الاتحاد الأفريقي شدد فيها على أن رفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي يجب أن يكون مشروطا بتحقيق تقدم فعلي في وقف الحرب وإحلال السلام، عبر عملية شرعية تؤدي إلى تحول مدني ديمقراطي.
ووصف المفوض الأفريقي الوضع في السودان بأنه أسوأ أزمة إنسانية، مشيرا إلى أن المفوضية قامت بتقييم لخارطة الطريق الأخيرة التي أعلنتها السلطات مؤخرا. وتابع “نريد أن نرى مدى شمولها، ونستخدم هذه الفرصة لاستدعاء الأطراف، وبالطبع قوات الدعم السريع والحلفاء، وسنواصل الضغط عليهم للمضي في مسار المحادثات الديمقراطية والحل السلمي.”
وكان البرهان، تعهد في وقت سابق بإشراك كل القوى السياسية والمجتمعية التي وقفت إلى جانب الجيش خلال الحرب، في الترتيبات السياسية المقبلة. وتحدث عدد من قادة القوى السياسية عن أن تشكيل الحكومة “يتطلب إجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية، وإجماعاً على شخصية رئيس الوزراء من الحلفاء الذين ساندوا الجيش في حربه ضد (قوات الدعم السريع).”