حملة عراقية للتصدي لغسيل الأموال في العقارات والذهب

بغداد - أعلن البنك المركزي العراقي الخميس أنه وضع إجراءات وقائية للحد من غسل الأموال في مختلف القطاعات، في سياق جهود الحكومة وصناع القرار النقدي لسد منافذ التعاملات المشبوهة التي شوهت الاقتصاد والنظام المالي للبلاد طيلة سنوات طويلة.
ولترجمة هذه الخطة يتعاون البنك المركزي مع جهات خارجية على المستوى الإستراتيجي عبر إشراك منظمات دولية مختلفة لمكافحة غسل الأموال، لاسيما في قطاع العقارات وتجارة الذهب بما يخدم توجهات الحكومة في برنامجها الإصلاحي.
وأكد معاون مدير عام مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البنك المركزي حسين علي أنه بعد عملية تقييم شاملة تم تحديد نقاط الضعف في منظومة غسل الأموال، التي يمكن استغلالها.
ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى علي قوله إن “جريمة غسل الأموال مرتبطة بمدى وجود جريمة أصلية ترتكب في الداخل، وأيضا مرتبطة بمدى وجود إجراءات وقائية تتخذها الدولة.”
وأضاف أنه “بعد تحديد تلك الجرائم وتحديد النقاط التي يتم بها غسل الأموال، تم تخفيف الإجراءات لمخاطر هذه الظاهرة من خلال هذه القطاعات.”
ويعكف صناع القرار السياسي والنقدي على تعزيز الثقة الدولية بالقطاع المصرفي، خاصة بعد إدراج الولايات المتحدة 14 بنكا عراقيا على القائمة السوداء، ومنعها من إجراء معاملات بالدولار للاشتباه في استخدامها لغسل الأموال وتحويلها إلى إيران وسوريا.
وبحسب علي تم تخفيف الإجراءات في قطاع العقارات، بحيث تكون المبيعات من خلال القطاع المصرفي، وأيضا في قطاع الذهب تم وضع إجراءات خاصة، بحيث تقوم المؤسسات المالية بوضع إجراءات مشددة على عمليات التحويل الخاصة بالمعدن الأصفر.
ولئن كان قطاع العقارات أقل استهدافا من المحتالين ماليا ومافيات الفساد في البلد، إلا أنه في السنوات الأخيرة تحول مسار غسل الأموال من خلال التهريب في العراق من المخدرات إلى الدولار، ليصل في نهاية المطاف إلى الذهب.
وانتقل الفساد من مستوى الاختلاس والتحايل على مقدرات البلد النفطي إلى تجارة غير مشروعة تشمل الثروات الأساسية، وهو ما يهدد الاقتصاد المدمن بشكل كبير على إيرادات النفط الخام.
وأشار علي في تصريحاته إلى أن البطاقات الإلكترونية التي استغلت من بعض “ضعاف النفوس” بالسحب الخارجي لغرض الاستفادة من سعر الصرف أو عمليات تحريك الأموال غير الشرعية، تم الحد منها.
وأوضح أن ذلك تم عبر اعتماد ضوابط وتحديث سقوف في تلك البطاقات بحيث لا تكون مجدية لمن يقوم بعمليات السحب الخارجي. وقال إن “جميع هذه المعالجات هي وفق عملية تقييم حقيقية بنتائج دقيقة جدا، ساعدت على أن تكون المعالجات محددة ومركزة.”
ويستهدف قانون مكافحة غسل الأموال العراقي كافة القطاعات، وهناك دراسات دولية ومحلية تحدد التوجهات الجديدة التي يقوم بها مجرمو غسل الأموال، فكلما أضيف أسلوب جديد تقوم الدول بوضع إجراءات حمائية للتصدي لهذه الظاهرة المستشرية.
ومن ضمن الأساليب أيضا، وفق علي، تسجيل شركات وهمية، حيث شدد على أنه تم اعتماد تدابير في هذا الخصوص بالتعاون مع دائرة تسجيل الشركات.
ومن بين الإجراءات المتبعة تحديد المستفيد الحقيقي من نشاط أي شركة مقيدة في سجلات الدولة، وهي قضية تبدو مهمة جدا تتيح ردع كل شخص أو جهة عن استخدامها كواجهة لمعاملات غير قانونية.
ولفت المسؤول في البنك المركزي إلى أن “الدولة اتخذت إجراءات مناسبة، وحتى عندما تم تقييمها من قبل مجموعة العمل المالي كانت نتيجة التقييم بخصوص موضوع المستفيد الحقيقي مناسبة مع وضع العراق.”
من بين الإجراءات المتبعة تحديد المستفيد الحقيقي من نشاط أي شركة مقيدة في سجلات الدولة، وهي قضية تبدو مهمة جدا تتيح ردع كل شخص أو جهة عن استخدامها كواجهة لمعاملات غير قانونية
وقال إن “جميع الإجراءات المتخذة مستندة إلى النهج القائم على المخاطر، بحيث عندما يكون هناك خطر تكون هناك إجراءات عليها، على ألا تعقد التعاملات الخاصة بالمواطنين.”
وجميع دول العالم متعاونة في مجال مكافحة غسل الأموال من خلال أكثر من قناة، ومكتب مكافحة غسل الأموال العراقي لديه ما يعرف بـ”الوحدات النظيرة”.
وأوضح علي أن “هذه الوحدات يتم تبادل المعلومات معها بدون أي شرط، وبدون الجهات الدبلوماسية مثل وزارة الخارجية أو جهاز المخابرات.”
وإلى جانب ذلك يتعاون العراق دوليا على المستوى الإستراتيجي من خلال التقارير ومن خلال الشراكات مع المنظمات الدولية ذات الصلة.
وفي أواخر أبريل كشف المركزي عن خطة ينفذها بالتعاون مع شركة استشارية أميركية لإصلاح وتحديث القطاع المصرفي، وتعزيز حماية المودعين والدائنين وتحسين الثقة بالقطاع، بعد ظهور مصاعب تتعلق بتحويل الأموال وتضييقات أميركية.
وتتضمن الخطة ثلاثة أهداف تتمثل في تعزيز الشمول المالي وتعميقه، وزيادة كفاءة وإنتاجية القطاع المصرفي الخاص، وتهيئة بيئة تنافسية عادلة في السوق مع دعم مرونة القطاع وقدرته على الصمود في مواجهة المخاطر.