أردوغان يضغط على دمشق.. قسد ومقاتلي داعش أولوية أنقرة

أنقرة – دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحكومة السورية إلى التركيز على اتفاقها مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، والذي ينص على اندماجها في القوات المسلحة السورية، حاثًا دمشق على تنفيذه.
وتكشف التصريحات التي أدلى بها أردوغان لصحافيين على متن طائرة من بودابست، عن استراتيجية تركية تهدف إلى تحييد التهديد الكردي الذي تراه أنقرة إرهابيا، بالتوازي مع معالجة ملف مقاتلي داعش.
وتعد أنقرة قوات سوريا الديمقراطية، التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية، والفصائل المرتبطة بها جماعات إرهابية. وهذا التصنيف يمثل حجر الزاوية في السياسة التركية تجاه شمال شرق سوريا.
ونقل مكتب أردوغان عن الرئيس قوله الخميس "نتابع عن كثب قضية وحدات حماية الشعب الكردية بشكل خاص. من المهم ألا تصرف إدارة دمشق اهتمامها عن تلك المسألة". وتقود وحدات حماية الشعب الكردية جهود قوات سوريا الديمقراطية.
وهذا التأكيد يبرز مدى الأولوية التي توليها تركيا لإنهاء وجود هذه القوات، والتي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور. بالنسبة لأنقرة، أي اتفاق بين دمشق وهذه القوات يجب أن يؤدي إلى دمجها في الجيش السوري النظامي، ما يعني فعليا حلها وتجريدها من نفوذها المستقل.
وتتقاطع الأجندة التركية بخصوص القوات الكردية مع قضية أخرى بالغة الأهمية تتعلق بمصير مقاتلي تنظيم داعش المحتجزين في معسكرات بشمال شرق سوريا، التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية منذ سنوات، حيث كشف أردوغان عن تشكيل لجنة تضم تركيا وسوريا والعراق والولايات المتحدة لمناقشة هذا الملف الشائك.
ويُعد مخيم الهول مثالا صارخا على خطورة الوضع، حيث يضم آلاف النساء والأطفال، معظمهم من السوريين والعراقيين، وقد وصفه الكثير من السياسيين بالقنبلة الموقوتة.
وأضاف أردوغان أنه يتعين على العراق التركيز على مسألة المخيمات لأن هؤلاء يجب إعادتهم إلى بلادهم.
وهذا التنسيق الرباعي، يعكس حجم التهديد المشترك الذي يمثله مقاتلو داعش، وحرص الأطراف على إيجاد حل يحول دون تحول هذه المخيمات إلى بؤر جديدة للتطرف.
وتأتي تصريحات أردوغان في سياق سياسة تركية معقدة تجاه سوريا، تمزج بين دعم السلطة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع التي أطاحت بنظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي، وبين هاجسها الأمني الدائم من القوات الكردية.
وفي العاشر من مارس الماضي، أعلنت الرئاسة السورية أن الرئيس أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، وقعا اتفاقا ينص على دمج قوات "قسد" المدنية والعسكرية ضمن إطار الدولة السورية، وهو اتفاق لاقى ترحيبا عربيا ودوليا واسعا. وبعد يوم واحد من الاتفاق، صرح أردوغان نفسه بأن هذا الاتفاق "سيخدم السلام".
على الرغم من إعلان التوصل إلى اتفاق مبدئي لدمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن إطار الدولة السورية، يواجه التنفيذ عقبة جوهرية تتمثل في تباين الرؤى بين الحكومة الجديدة في دمشق وقسد.
فبينما تطالب دمشق بدمج المقاتلين كأفراد ضمن القوات المسلحة النظامية، بما يضمن سيطرتها الكاملة عليهم وتجريدهم من أي تشكيل مستقل، تصر قوات سوريا الديمقراطية على الدمج ككتلة واحدة.
هذا الإصرار من قبل قسد يعكس رغبتها في الحفاظ على هيكليتها وقيادتها وربما هويتها الخاصة داخل الجيش السوري، وهو ما ترفضه دمشق لتجنب وجود كيانات عسكرية شبه مستقلة. هذا الخلاف الجوهري يهدد بتعطيل مسار الدمج ويعكس عمق تحديات بناء جيش وطني موحد في سوريا.
ومن خلال مطالبته دمشق بالتركيز على هذا "الاتفاق" يرسل أردوغان رسالة واضحة مفادها أن صبر تركيا بدأ ينفد، وأنها لن تتسامح مع وجود تلك القوات على حدودها، فيما يؤكد هذا الضغط عزم تركيا على فرض رؤيتها الأمنية في سوريا الجديدة، وإنهاء أي وجود مستقل لقسد.