مفتي ليبيا المعزول يحرض ضد المحتجين ويهاجم مسار الأمم المتحدة

هجوم الصادق الغرياني ودفاعه عن بقاء الدبيبة في منصبه يعرقل استقرار ليبيا، وهو تكتيك إخواني لتأمين النفوذ وإطالة الأزمة عبر تعطيل المسار الانتخابي.
الخميس 2025/05/22
الغرياني يصدر فتاوى ضد المتظاهرين

طرابلس – تصاعدت الدعوات الشعبية في العاصمة الليبية طرابلس للتظاهر غدا الجمعة، مطالبة برحيل حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وذلك احتجاجا على الفوضى الأمنية وعسكرة المدينة.

ويأتي هذا التصعيد في الوقت الذي يواصل فيه رئيس دار الإفتاء في غرب ليبيا الصادق الغرياني، دفاعه عن بقاء حكومة الدبيبة، في خطوة يراها كثيرون تعميقا للأزمة واستغلالا للدين لعرقلة أي حل سياسي حقيقي.

وفي الوقت الذي يطالب فيه المواطنون بوقف الانفلات الأمني ومحاسبة المليشيات المسلحة، يواصل تنظيم الإخوان دعم هذه الفصائل، مستثمرا الفوضى كوسيلة لإطالة أمد الأزمة السياسية في الغرب الليبي.

وفي موقف مثير للجدل، شن المفتي الإخواني المعزول من قبل مجلس النواب منذ نوفمبر 2014، والمعروف بدعمه للتنظيمات المتطرفة، هجوما حادا على المحتجين المطالبين بتغيير الحكومة، واصفاً إياهم بـ"غير الشرعيين".

وفي تصريحات بثتها قناة "التناصح" التابعة لنجله سهيل الغرياني، أوصى المفتي المعزول بأن "كل من خرج في ميدان أو كتب لنصرة أي جهة سيموت ميتة جاهلية".

ودافع الغرياني بشدة عن حكومة الدبيبة، مؤكدا أن الليبيين أمام خيار "أقل الشرين ضررا"، داعيا إلى دعم حكومة الوحدة الوطنية ليس حبا بها، بل رفضا لما هو أسوأ، في إشارة إلى الأجسام الانتقالية المقترحة.

وهذا الدعم الصريح لحكومة الدبيبة، رغم الفساد المتفشي فيها، يؤكد سعي تيار الإخوان لإطالة أمد الأزمة السياسية واستغلال الفوضى لمصالحه، لضمان استمراره في السلطة وتهميش أي مسار سياسي يؤدي إلى انتخابات تفضي لخروجهم.

ولم يكتف الغرياني بالتحريض ضد المحتجين، بل هاجم أيضا المخرجات الأممية، واصفا تقرير اللجنة الاستشارية التابعة للأمم المتحدة، الذي يسمح لخليفة حفتر بالترشح للانتخابات الرئاسية، بأنه "هراء وظلم". كما اتهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وفئته بأنهم "ظالمون يحلّون الحرام ويحرّمون الحلال".

وهذه التصريحات المتطرفة تأتي بالتزامن مع إطلاق بعثة الأمم المتحدة تقريرا عن مقترحات اللجنة الاستشارية المكونة من عشرين شخصية ليبية بارزة، والتي ناقشت سبل تفعيل العملية الانتخابية، بما يشمل قوانين الاقتراع وتمثيل المرأة والأقليات، ضمن جهود لكسر الجمود وإعادة البلاد إلى مسار الشرعية الانتخابية.

ويطرح التقرير أربعة خيارات يمكن أن تشكل خارطة طريق لإجراء الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية، أولها إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بصورة متزامنة، وثانيها إجراء الانتخابات البرلمانية أولًا، يليها اعتماد دستور دائم. أما ثالث الخيارات فهو اعتماد دستور دائم قبل الانتخابات، والخيار الرابع إنشاء لجنة حوار سياسي بناء على الاتفاق السياسي الليبي، لوضع اللمسات الأخيرة على القوانين الانتخابية والسلطة التنفيذية والدستور الدائم.

ورحبت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا بهذه الخطوة، معتبرة أن الخيارات المقترحة للخطوات التالية في العملية السياسية من قبل اللجنة الاستشارية فرصة سانحة لليبيين للانخراط في حوار، واستعادة الزخم نحو مستقبل ليبي موحد سلمي وديمقراطي.

ولا يمثل هجوم الغرياني على المحتجين والمسار الأممي مجرد رأي شخصي، بل يعكس محاولة واضحة لعرقلة أي تقدم نحو الاستقرار والشرعية الانتخابية في ليبيا.

وبتصريحاته المتطرفة وتأييده المطلق لحكومة الدبيبة المنتهية ولايتها، يسعى المفتي المعزول، بدعم من تنظيم الإخوان، إلى تأمين نفوذ هذه التيارات عبر إطالة أمد الأزمة السياسية واستغلال الفوضى، إذ يدرك الغرياني وتياره أن أي انتخابات حرة ونزيهة قد تطيح بهم وبمصالحهم، لذا فإن تعطيل المسار السياسي والدفع نحو استمرار الوضع الراهن يمثل استراتيجية واضحة للحفاظ على مكتسباتهم وسيطرتهم على المشهد الليبي.

وتعيش ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 على وقع انقسام سياسي حاد، مع وجود حكومتين متنافستين: حكومة الدبيبة في طرابلس التي انتهت شرعيتها، وحكومة أسامة حماد المدعومة من البرلمان في الشرق. هذا الانقسام يعمق الأزمة ويعطل أي أفق لإجراء انتخابات وطنية شاملة.

وفي ظل هذا المشهد المحتقن، تتصاعد المخاوف من انفجار شعبي قد يتحول إلى صدام مسلح، إذا استمرت السلطات في تجاهل مطالب المواطنين، وظلت التنظيمات المتشددة، وعلى رأسها تنظيم الإخوان، تتحكم بمفاصل القرار وتستغل الدين لتحريض الشارع وقمع أي دعوات للتغيير.

في ظل هذا المشهد المحتقن، تتصاعد المخاوف من انفجار شعبي قد يتحول إلى صدام مسلح، فالسلطات لا تزال تتجاهل مطالب المواطنين المشروعة، بينما تستمر التنظيمات المتشددة، وعلى رأسها تنظيم الإخوان، في التحكم بمفاصل القرار، مستغلّة الدين بوقاحة لتحريض الشارع وقمع أي دعوات للتغيير، وقد باتت الحاجة ماسة إلى مقاربة سياسية وأمنية شاملة تضع حدا لهذه الفوضى التي تستنزف مستقبل البلاد.

ويرى المراقبون أن السبيل الوحيد لإعادة الدولة الليبية إلى مسار الشرعية، بعيدا عن عبث المليشيات وتحريض مفتي الفتنة الصادق الغرياني الذي بات يشكل عبئا ثقيلا على المشهد الوطني، هو إنهاء وضع حكومة الدبيبة المنتهية ولايته.

ويشير المراقبون إلى أن استمرار حكومة الدبيبة بدعم من قوى تستثمر في الفوضى، يهدد بتقويض أي جهود حقيقية لإنهاء الأزمة الليبية، مما يجعل رحيلها ضرورة حتمية لتحقيق الاستقرار المنشود.