السعودية وسلطنة عمان على رأس الدول العربية المحتفية بالتنوع الثقافي

الرياض - يرسخ "اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية" الذي يصادف 21 مايو من كل عام، الفهم العميق لقيمة التنوع الثقافي، وأهميته في تحقيق السلام والتنمية المستدامة، وإيجاد الحوار بين الحضارات والثقافات، وتشجيع المجتمعات على الحفاظ على تراثها والانفتاح على الثقافات الأخرى، حيث أُعلن عنه من قِبل الأمم المتحدة في عام 2002، عقب اعتماد الإعلان العالمي للأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” بشأن التنوع الثقافي عام 2001.
ويعود الاهتمام بالتنوع الثقافي إلى عدة أسباب أهمها أن ثلاثة أرباع الصراعات الكبرى في العالم تكتسي أبعادا ثقافية. وجسر الهوة بين الثقافات هي مسألة ضرورية وملحة لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية.
كما يشكّل التنوع الثقافي قوة محركة للتنمية، ليس على مستوى النمو الاقتصادي فحسب بل أيضاً كوسيلة لعيش حياة فكرية وعاطفية ومعنوية وروحية أكثر اكتمالا، وهو ما تنص عليه المواثيق الدولية التي تنظم مجال التراث الثقافي، التي تتيح ركيزة صلبة لتعزيز التنوّع الثقافي.
من هنا، يعتبر التنوع الثقافي ميزة ضرورية للحدّ من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة. في الوقت عينه، يساهم القبول بالتنوع الثقافي والإقرار به – عبر الاستعمال الإبداعي للإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل خاص – في خلق الحوار بين الحضارات والثقافات وفي بلوغ تبادل الاحترام والتفاهم.
اليوم العالمي للتنوع الثقافي يلخص مهامه في تعميق مفهوم الشعوب لقيم التنوع الثقافي وأهميتها في تحقيق السلم والتنمية
وتزخر مختلف الدول العربية بتنوع ثقافي كبير، بينما يحتاج إلى تثمين أكبر وعناية أوسع للحفاظ عليه واستغلاله بالشكل الأنسب. وهو ما تقوم به دول عربية كثيرة مثل السعودية وسلطنة عمان وغيرهما.
وتشارك السعودية منظومة دول العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للتنوع الثقافي، إثراء للتنوع الثقافي، والتعايش معه على أسس الاحترام والتفاهم المتبادل، وذلك تعزيزا للانفتاح على الثقافات الإنسانية ببعديها المعاصر والتراثي، متخذة من التنوع الثقافي سبلا لغرس قيم المحبة، وتعزيز ثقافة الاعتدال والتسامح، بصفتها أبرز الدول الداعمة لمشروعات حفظ التراث العالمي، وحماية الآثار، والتعريف بالثقافات والتواصل بين الحضارات، معززة تاريخها وإرثها وتقاليدها العريقة.
وتبذل المملكة ممثلة في وزارة الثقافة، جهودا لخدمة الثقافة والتنمية المستدامة بما يخدم مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تؤمن بقوة الثقافة والتراث الثقافي والحفاظ عليه، وذلك من خلال إطلاق مبادراتٍ طموحة لتنمية القطاع الثقافي السعودي بكل أبعاده الإنسانية والحضارية، مع وضع تطور الثقافة جزءا أساسيا لأهدافها التنموية، من خلال 16 قطاعا ثقافيا وهي اللغة والترجمة، والكتب والنشر، والموسيقى، والمتاحف، والتراث، والمكتبات، والمسرح والفنون الأدائية، والتراث الطبيعي، والمهرجانات والفعاليات الثقافية، وفنون العمارة والتصميم، والأفلام، والأدب، والفنون البصرية، وفنون الطهي، والأزياء، والمواقع الثقافية والتراثية، إضافة إلى تكريس جهودها؛ لجعل الثقافة عاملا مهما للتعايش والحوار والسلام، وبناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر، والإسهام مع شركائها من دول العالم المختلفة في التنمية الدولية المستدامة، معززة حضور الثقافة السعودية عالميا.
وتشارك سلطنة عُمان دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للتنوع الثقافي، وبهذه المناسبة تنظم اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم وفريق عمل الصندوق الدولي للتنوع الثقافي بسلطنة عُمان، بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” حلقة عمل تتناول آليات إعداد المشاريع الثقافية للحصول على دعم الصندوق الدولي للتنوع الثقافي “IFCD” وذلك يومي 27 و28 من مايو الجاري.
كما تحتفل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مع المجموعة الدولية باليوم العالمي للتنوع الثقافي في 21 مايو من كل عام. وتعمل المنظمة من خلال أجهزتها المختلفة وبالتعاون مع شركائها على تحقيق الهدف الرئيسي لهذا اليوم العالمي وهو تعزيز دور الثقافة والحوار بين الثقافات في تحقيق التنمية المستدامة والسلام العالمي. ويمثل هذا اليوم العالمي فرصة للاحتفاء بتنوع ثقافات العالم بجميع أشكالها بما في ذلك التراث الثقافي المادي وغير المادي، فضلاً عن أشكال التعبير الثقافي والإبداعي المختلفة.

ويلخص اليوم العالمي للتنوع الثقافي مهامه في تعميق مفهوم الشعوب لقيم التنوع الثقافي، ودعم الأهداف الأربعة لاتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي التي اعتمدتها اليونسكو، لغرض دعم النظم المستدامة لحوكمة الثقافة، وتحقيق تبادل متوازن من السلع والخدمات الثقافية، ودمج الثقافة في برامج وسياسات التنمية المستدامة، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
يذكر أن القطاع الثقافي والإبداعي يُعدُّ أحد أقوى محركات التنمية في جميع أنحاء العالم، ولحماية تنوع أشكال التعبير الثقافي.
وشهد عام 2022 وسط حضور 150 دولة في المكسيك أكبر مؤتمر عالمي مخصص للثقافة في السنوات الماضية، تحت مسمّى “مؤتمر اليونسكو العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة”، واعتُمد بالإجماع الإعلان التاريخي للثقافة، الذي يؤكد على “المنفعة العامة العالمية للثقافة”، ويدعو إلى دمجها كونها هدفا محددا في أجندة التنمية ما بعد عام 2030، فيما تُعدُّ مؤشرات اليونسكو للثقافة 2030 إطارا للمؤشرات الموضوعية؛ التي تهدف إلى قياس ورصد التقدم المحرز في قدرة وإسهام الثقافة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
ويأتي الاحتفاء بالتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية هذا العام تزامنًا مع احتفاء منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بمرور 20 عامًا على إنشاء اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي في عام 2005.
ويهدف هذا الاحتفاء إلى زيادة الوعي بالإنجازات الرئيسية للاتفاقية، وإشراك متخذي القرار في التفكير بالتحديات والفرص؛ لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي.