حملة حزب الله على "الجديد" مستمرة.. مقاطعة وهجمات إعلامية

بيروت - رفض النائب عن حزب الله أمين شري إجراء لقاء مع قناة "الجديد" اللبنانية على الهواء مباشرة، خلال مناقشة تدور حول الانتخابات البلدية في بيروت، في إشارة إلى مقاطعة القناة بسبب تقرير منتقد للحزب وذلك وسط حملة تشنها وسائل إعلام موالية لحزب الله على القناة.
وشهد البث المباشر لحوار انتخابي بين الصحافية في قناة “الجديد”، حليمة طبيعة توترًا واضحًا بعد أن وجهت سؤالًا عن حدة المنافسة الانتخابية في بيروت، خاصة بين اللائحة التي يدعمها الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل ولائحة أخرى تضم أحزابًا متنوعة، لكن النائب رفض فجأة، فيما أبدت المذيعة استنكارها وغضبها لأنه قبل البث المباشر كان يتحدث بشكل طبيعي وأشارت إلى أنه يحاول اصطناع موقف أمام الجمهور.
وتعكس الحادثة حدة الاستياء بين صفوف حزب الله من تقرير بثته قناة “الجديد”، مؤخرا، عن ضريح الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله، الأمر الذي نتجت عنه استقالات في القناة أبرزها لمديرة الأخبار مريم البسام.
وشن أنصار حزب الله حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد “الجديد”، على خلفية التقرير الذي جاء فيه أنه تم تخصيص مبالغ بالملايين من الدولارات لشراء عقارات وبناء الضريح بينما جمهور المقاومة لا يزال دون مأوى وتعويضات بعد هدم منازله.
وسائل الإعلام اللبنانية واجهت ضغوطا متزايدة عند تناولها لقضايا تتعلق بحزب الله وصلت إلى الاعتداء على الصحافيين
وأفادت قناة “الجديد” بأن حزب الله يخطط لبناء قبر فخم لأمينه العام السابق حسن نصرالله، الذي قُتل إثر غارة جوية إسرائيلية على بيروت، في شهر سبتمبر الماضي، بتكلفة تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، بتمويل من النظام الإيراني.
ولا تزال المنابر الموالية لإيران تشن هجمة شرسة ضد “الجديد”، ففي تعليقها على حادثة المذيعة، قالت صحيفة “الأخبار” “بعد كلّ موبقاتها الأخيرة بحقّ المقاومة، التي أتت بعد محاولة هزيلة منذ طوفان الأقصى لادّعاء وقوفها في خطّ حركات المقاومة ضدّ إسرائيل، شمّرت قناة ‘الجديد‘ عن زنودها وواجهت حزب الله، أو على الأقلّ هكذا صوّرت الأمر.”
وتواصل المنابر الموالية للحزب تصوير تقرير قناة “الجديد” الذي بلغت مدته 9 دقائق، على أنه ترويج للدعاية الإسرائيلية وتحريض على الحزب، فنشطت حملة تحريض ضد القناة على خلفية التقرير، ورأى البعض منهم أن القناة تروج لدعاية إسرائيلية، وشنوا هجمة شرسة عليها.
وفي خطوة انتقامية، أوقفت المجموعات المشغلة لشبكات “الكابل” في الضاحية الجنوبية لبيروت، بث قناة “الجديد”، وتناقل رواد مواقع التواصل صوراً لشاشات في الضاحية، ظهرت عليها رسالة حظر بث للقناة على الشبكات التلفزيونية العاملة في المنطقة، وتتضمن الرسالة تبليغاً بأن إيقاف البث تم اعتراضاً على التقرير.
واستنكرت “الجديد” هذه الخطوة معتبرة أنها سرقة واعتداء على حقوقها، وخصصت مقدمة نشراتها الإخبارية للحديث عن الموضوع قائلة “تفصيل قديم جديد تتجنّد له مجموعات موزّعي الكابل للبث التلفزيوني، ومن غير تكليف ومن فوق الدولة وشرعياتها الإعلامية، تقدم هذه المجموعات على قطع بث ‘الجديد‘ عن الضاحية الجنوبية وعدد من المناطق في محيط بيروت. وتكلّف نفسها إدارة وسرقة حقوق غير عائدة لها، ويضع موزّعو الكابل المشتركين في مواجهة ‘الجديد‘ وعدد من المحطات الأخرى. علماً بأن الحقّ واجب استيفاؤه من الموزّعين أنفسهم وليس من المواطنين.”
الخلافات بين وسائل الإعلام وحزب الله تعكس التحديات التي تواجه هذه المؤسسات في ممارسة دورها الرقابي في ظل بيئة سياسية وأمنية معقدة
وقناة “الجديد” تُعد من أبرز وسائل الإعلام اللبنانية التي تتبنى نهجًا نقديًا تجاه مختلف القوى السياسية، بما في ذلك حزب الله. وقد شهدت العلاقة بين الطرفين توترات متكررة، خاصة عندما تتناول القناة قضايا تتعلق بالحزب أو بيئته الحاضنة.
وسبق أن تعرضت قناة “الجديد” لاعتداءات من قبل أنصار حزب الله، بما في ذلك محاولة إحراق مبنى القناة، وذلك احتجاجًا على تغطيات اعتُبرت مسيئة للحزب.
لكن “الجديد” ليست الوحيدة التي عانت من هجمات أنصار الحزب، إذ واجهت وسائل الإعلام اللبنانية ضغوطا متزايدة عند تناولها لقضايا تتعلق بحزب الله. فعلى سبيل المثال، تعرضت قناة “أم.تي.في” لحملة انتقادات بعد بثها تقريرًا عن “القرض الحسن”.
كما شن مسؤول الإعلام في حزب الله محمد عفيف هجوما على الإعلام المحلي والعربي، منتقداً نقل الرواية الإسرائيلية وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، ومتهماً بعض الوسائل “بإعطاء إحداثيات للعدو”، قاصداً بذلك قناة «أم.تي.في»، إثر نشرها التقرير ما أدى إلى تعرضها لحملة ممنهجة، لتقوم بعدها القناة برفع دعوى قضائية ضد “كل من قاموا بهدر الدماء بحق المحطة.”
وتعكس الخلافات بين وسائل الإعلام وحزب الله التحديات التي تواجه هذه المؤسسات في ممارسة دورها الرقابي في ظل بيئة سياسية وأمنية معقدة. وتُبرز هذه الأحداث الحاجة إلى حماية حرية الصحافة وضمان سلامة الصحافيين أثناء تأديتهم لمهامهم.
وتكشف المناوشات عدم الثقة المتبادلة بين الحزب والإعلام المعارض، التي وصلت إلى منع إعلاميين من نقل الأحداث والتغطية المباشرة واعتبارهم في خانة “الحلفاء”، وصولاً إلى الاعتداء عليهم.