مشاريع صناعة الفضاء في الإمارات تتلقى دفعة استثمارية جديدة

مكتب أبوظبي للاستثمار يطلق مشروع مجمع سبيس 42 للصناعات الفضائية المتخصص في مجال تصنيع الأقمار الصناعية الرادارية التجارية لرصد الأرض.
الأربعاء 2025/05/21
ركيزة جديدة نحو مستقبل الفضاء

أبوظبي - تلقت صناعة الفضاء في دولة الإمارات دفعة استثمارية جديدة الثلاثاء مع الإعلان عن مشروع طموح هو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، في تأكيد آخر على مدى جدية السلطات على الإسهام في هذا المجال عالميا.

وأطلق مكتب أبوظبي للاستثمار أثناء مشاركته في فعاليات منتدى اصنع في الإمارات 2025، مشروع مجمع سبيس 42 للصناعات الفضائية متخصص في مجال تصنيع الأقمار الصناعية الرادارية التجارية لرصد الأرض.

والمنشأة الجديدة عبارة عن مركز تصنيع وهو مشروع مشترك بين المكتب وشركة سبيس 42 الإماراتية المتخصصة في مجال تقنيات الفضاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

ويولي المسؤولون الإماراتيون القطاع أهمية بالغة باعتباره يُستخدم للأغراض العلمية والسلمية، خاصة وأنه محفز للاستثمار ويدعم المجالات الحيوية في الدولة ويعزز الكفاءات الإماراتية المتخصصة.

وسيضطلع المركز، الذي لم يتم الكشف عن كلفة إنشائه، بمهام تصنيع واختبار الأقمار الصناعية، بما يعزز قدرات أبوظبي على الوصول إلى البيانات الفضائية باستقلالية.

وتعد المبادرة الأولى من نوعها في هذا المجال على مستوى المنطقة، ويتوقع أن تمهّد الطريق أمام دولة الإمارات لتصنيع أقمار صناعية رادارية متقدمة لرصد الأرض، مما يعزز من بنيتها التحتية السيادية ويكرّس مكانتها في قطاع الفضاء الإقليمي والدولي.

ويدعم هذا الاستثمار جهود مكتب أبوظبي للاستثمار الهادفة إلى تعزيز الاستثمارات الإستراتيجية في القطاعات الحيوية، بما يسهم في بناء اقتصاد معرفي متقدم، ويحقق الرؤية الاقتصادية لإمارة أبوظبي، ويعزز مكانتها مركزا عالميا رائدا للصناعات المتقدمة.

ومن المتوقع أن يسهم مجمع سبيس 42 في تحقيق أثر اقتصادي مستدام واستحداث فرص وظيفية مهارية في الصناعات المتقدمة، بما في ذلك العديد من الوظائف المتخصصة للمواطنين، ما يعكس التزام البلد الخليجي بتنمية قاعدة كفاءاته المحلية عالية المهارة.

وأكد بدر العلماء مدير عام المكتب أن هذه “الشراكة الإستراتيجية” تمثل نقلة نوعية في مسيرة التحول الاقتصادي القائم على المعرفة والابتكار في أبوظبي.

ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى العلماء قوله “من خلال مجمع سبيس 42 للصناعات الفضائية، نُعزز توطين التقنيات المتقدمة، ونبني صناعات فضائية سيادية، وندعم اقتصاد الإمارة لتصبح من الاقتصادات المستقبلية العالمية.”

بدر العلماء: من خلال مجمع سبيس 42 نُعزز توطين التقنيات المتقدمة
بدر العلماء: من خلال مجمع سبيس 42 نُعزز توطين التقنيات المتقدمة

وأضاف “المشروع ليس مجرد منشأة صناعية فحسب، بل هو إنجاز وطني يعكس قدرة أبوظبي على تحويل التحديات إلى فرص، والطموحات إلى إنجازات ملموسة تسهم في بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة والابتكار.”

وستتولى سبيس 42 مهام تشغيل المجمع في أبوظبي، والإشراف على دورة التصنيع الكاملة للأقمار الصناعية الرادارية التجارية، بدءًا من تصميم الأنظمة وحتى جاهزية الإطلاق.

وتدعم هذه المنشأة أهداف الشركة لتطوير القدرات الوطنية المستقلة في مجال رصد الأرض، وترسيخ البيئة الحاضنة التي تُمكّن الدولة من التوسع عالميًا في قطاع الفضاء انطلاقًا من أبوظبي.

ويضم اقتصاد الفضاء الإماراتي 10 قطاعات توفر إمكانات الاستثمار الأكبر في الدولة، تشمل تعدين الفضاء والمحطات الفضائية وشركات الفضاء والاستدامة وإعادة التدوير في الفضاء والمستوطنات والسياحة الفضائية وتصنيع وأكاديميات الفضاء.

وتقول وكالة الإمارات للفضاء إن القطاع يُعد من الأكثر تقدما في الشرق الأوسط، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات فيه نحو 10.87 مليار دولار، وفق البيانات المنشورة على منصتها الإلكترونية.

وقال حسن الحوسني الرئيس التنفيذي لشركة “بيانات للحلول الذكية التابعة لسبيس 42، إن “تأسيس منشأة تصنيع الأقمار الصناعية في دولة الإمارات، يشكل محطة محورية في تنفيذ إستراتيجية سبيس 42.”

وأضاف أن المشروع “يسهم في تعزيز قدراتنا السيادية في مجال رصد الأرض وترسيخ مكانتنا كشريكٍ مفضّل في توفير البيانات الجيومكانية عالية الجودة.”

وأكد أن أبوظبي تجسد محور هذه الخطوة الطموحة، بما توفره من بيئة حاضنة لاختبار وتوسيع القدرات الفضائية محليًا تطويرها وتصديرها لتُطبق على مستوى عالمي.

وأشار الحوسني إلى أنه من خلال الشراكة مع مكتب أبوظبي للاستثمار، “نعمل معًا على ترجمة الخطط الإستراتيجية إلى بنية تحتية قابلة للنمو، وتطوير الكوادر الإماراتية التي تسهم في رسم ملامح مستقبل قطاع الفضاء.”

وتعتبر صناعة الأقمار الصناعية، والتي كانت مقتصرة في السابق على عدد محدود من الدول، مصدرًا حيويًا للبيانات الإستراتيجية.

وينبع ذلك من خلال ما تتميز به الأقمار الصناعية الرادارية من قدرة على التقاط صور فائقة الدقة في مختلف الأوقات والظروف الجوية، مما يدعم جهود تعزيز الأمن القومي، ومراقبة البيئة، والاستجابة للكوارث.

المنشأة الجديدة عبارة عن مركز تصنيع وهو مشروع مشترك بين المكتب وشركة سبيس 42 الإماراتية المتخصصة في مجال تقنيات الفضاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي

وعبر هذه المنشأة الرائدة، ستقوم أبوظبي وللمرة الأولى بتجميع ودمج واختبار الأقمار الصناعية الرادارية التجارية بشكل مستقل، ما يرسخ مكانتها في طليعة الاقتصاد الفضائي العالمي، ويعزز موقعها مركزا للتميز في الابتكار الفضائي والصناعات الجوية.

وستضطلع سبيس 42 بإنشاء المركز وإدارة عملياته باستخدام تقنيات عالمية المستوى في مجال تكامل الأنظمة، والاختبارات المتقدمة، والتحضير للإطلاق.

وإلى جانب دوره في دعم الصناعات المتقدمة في الإمارة، سيدعم المركز إستراتيجية أبوظبي الهادفة إلى تطوير الكفاءات وتمكينها بالخبرات العملية في مجال التصنيع الفضائي.

وسيتم ذلك من خلال برامج أكاديمية وصناعية، تشمل التدريب العملي والمحاضرات، والزيارات الميدانية لمواقع التصنيع، بالإضافة إلى التعاون البحثي مع الجامعات الرائدة في أبوظبي.

وسيتولى المصنع إدارة دورة التجميع والتكامل والاختبارات الكاملة، بدءًا من عملية تصميم النظام وحتى التحضير للإطلاق.

ومع تزايد المنافسة في الفضاء، تسهم استثمارات المكتب في هذا المجال في دعم تحول دولة الإمارات من مستهلك إلى منتج ومبتكر ومصدّر لتقنيات الأقمار الصناعية.

ومطلع أكتوبر 2024 اعتمد مجلس الوزراء الإماراتي قرارا يقضي بإنشاء هيئة دائمة بمسمى “المجلس الأعلى للفضاء” ويتبع مجلس الوزراء، ويترأسه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

وحدد القرار أبرز اختصاصات ومهام المجلس الأعلى للفضاء، حيث سيتولى اعتماد السياسة العامة لتنظيم قطاع الفضاء، وتحديد التقنيات المستهدفة بما يضمن السيادة التكنولوجية للدولة في هذه الصناعة، وأولويات الاستثمار والاستحواذ للقطاعين العام والخاص.

كما يختص المجلس ضمن مهامه باعتماد الخطط والإستراتيجيات الهادفة إلى تحقيق الأمن الفضائي بالتعاون مع الشركاء الدوليين، والمخطط الشمولي لإدارة البنية التحتية والمرافق والأصول في قطاع الفضاء.

11