سوريا تخرج من العزلة الغربية بعد رفع شامل للعقوبات

القراران الأوروبي والأميركي مشروطان بوفاء الحكومة السورية بوعودها.
الأربعاء 2025/05/21
الغرب يمنح السلطة الجديدة فرصة

يشكل رفع العقوبات الأوروبية والأميركية عن سوريا إنهاء لعزلتها الغربية ويمنح السوريين الأمل في التعافي من آثار الحرب المدمرة بإعادة الإعمار، في حين أن أداء السلطة سيبقى تحت الأنظار.

بروكسل - أعطت دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الضوء الأخضر لرفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في خطوة من شأنها إخراج البلاد المنهكة اقتصاديا من العزلة الغربية ودعم تعافيها عقب النزاع المدمّر والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وجاء قرار الاتحاد الأوروبي بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي رفع واشنطن عقوباتها عن سوريا، غير أن هذا الرفع مؤقت ومرهون بسلوك السلطة الجديدة وطريقة تعاملها مع الأزمات، لاسيما ما تعلق منها بقضايا الأقليات. وقالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن الاتحاد ليس لديه خيار سوى رفع العقوبات عن سوريا.

وأضافت في تصريح أدلت به للصحافيين، قبيل بدء اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، “آمل أن يسفر اجتماع اليوم (الثلاثاء) عن قرارات جديدة بخصوص رفع العقوبات التي فرضت على سوريا في عهد النظام السابق، وإلا فإن الوضع سيتطور إلى وضع مماثل لما حدث في أفغانستان.”

وأعربت كالاس عن أملها في أن يتفق الوزراء في الاجتماع على رفع العقوبات المفروضة على سوريا. وتابعت “هناك مخاوف بشأن ما إذا كانت حكومة دمشق تسير في الاتجاه الصحيح، لكنني أعتقد أنه لا خيار أمامنا؛ إما أن نمنحهم الفرصة لتحقيق الاستقرار في البلاد، وإلا سنواجه وضعاً مشابهاً لما حدث في أفغانستان.”

وتأتي هذه الخطوة الأخيرة من الاتحاد الأوروبي بعد خطوة أولى في فبراير تم فيها تعليق بعض العقوبات المفروضة على قطاعات اقتصادية سورية رئيسية. وقال مسؤولون إن هذه الإجراءات قد يُعاد فرضها إذا أخل قادة سوريا الجدد بوعدهم باحترام حقوق الأقليات والمضي قدما نحو الديمقراطية.

◙ من المقرر الإبقاء على إجراءات تستهدف نظام الأسد وتحظر بيع أسلحة أو معدات يمكن استخدامها لقمع المدنيين

وبدأت العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا في مايو عام 2011، في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية في البلاد. وتم اتخاذ تدابير تقييدية فردية، مثل حظر السفر وتجميد الأصول ضد الأشخاص المرتبطين بالنظام والذين تم اتهامهم بانتهاك حقوق الإنسان.

وشملت القائمة أسماء مهمة في الدائرة الداخلية للنظام، بدءاً من بشار الأسد وصولا إلى الوزراء. وعلاوة على ذلك فرض الاتحاد الأوروبي أيضاً عقوبات قطاعية على سوريا، مستهدفاً القطاعات التي تشكل قلب الشبكة المالية للنظام.

وفي هذا السياق تم تقييد استيراد النفط الخام ومنتجات النفط، وتصدير السلع التي يمكن استخدامها للأغراض العسكرية والمدنية، وبعض معدات الاتصالات. ويطالب حكام البلاد الجدد بتخفيف العقوبات الدولية الصارمة المفروضة منذ تفجر النزاع في سوريا إثر قمع نظام الرئيس السابق بشار الأسد لمعارضين.

وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إن الاتفاق من شأنه أن يؤدي إلى وضع حد لعزلة البنوك السورية عن النظام العالمي وإنهاء تجميد أصول البنك المركزي. لكن دبلوماسيين قالوا إن الاتحاد يعتزم فرض عقوبات فردية جديدة على المسؤولين عن إثارة توترات عرقية عقب هجمات استهدفت الأقلية العلوية موقعة قتلى.

ومن المقرر الإبقاء على إجراءات أخرى تستهدف نظام الأسد وتحظر بيع الأسلحة أو المعدات التي يمكن استخدامها لقمع المدنيين. بدوره، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الثلاثاء، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في دمشق، إن “إزالة العقوبات تعبر عن الإرادة الإقليمية والدولية في دعم سوريا،” مؤكدا أن لدى “الشعب السوري اليوم فرصة تاريخية وهامة جدا لإعادة بناء بلده.”

وأضاف “الخطة اليوم أن نستفيد من رفع العقوبات. من يريد أن يستثمر في سوريا فالأبواب مفتوحة، من يريد أن يتعاون مع سوريا فليست هناك عقوبات.” وفي حديثه عن الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، قال الشيباني إنها لا تهدد بلاده فقط إنما جميع المنطقة، معتبرا أنها تمثل “انتهاكا صارخا للقوانين الدولية.”

وذكر أن سوريا تتواصل مع الولايات المتحدة وأوروبا وجميع الدول من أجل “إلزام إسرائيل بتنفيذ اتفاق عام 1974”؛ وهو اتفاق فصل القوات (فض الاشتباك) الذي تم توقيعه مع إسرائيل في 31 مايو 1974، وأنهى حرب 6 أكتوبر 1973 وفترة استنزاف أعقبتها على الجبهة السورية.

وقال الرئيس الانتقالي أحمد الشرع الأسبوع الماضي إن قرار ترامب “تاريخي وشجاع أزال به معاناة الشعب وساعد على نهضته وأرسى أسس الاستقرار في المنطقة.”

وإثر اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، والذي أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص، فرضت دول أوروبية وغربية تباعا عقوبات اقتصادية خانقة على سوريا وأركان حكم الأسد، ردا على قمع السلطات آنذاك للاحتجاجات الشعبية السلمية بالقوة قبل تحولها إلى نزاع مدمر استنزف الاقتصاد ومقدراته ودمّر البنى التحتية في البلاد.

وهنأ الصفدي من جهته نظيره السوري على رفع العقوبات الأميركية ثم الأوروبية. وقال "نحن اليوم في مرحلة جديدة، ونجاح سوريا يتطلب إعطاءها فرصة للنجاح،" معتبرا أن "العقوبات كانت عائقا كبيرا أمام إنجاز التنمية الاقتصادية."

ورأى أن رفعها سيسهم في “تزويد الحكومة السورية بالإمكانات التي تحتاجها في خدمة شعبها، وستتيح للقطاع الخاص في كل دول العالم أن يعمل من أجل ذلك.”

وجاءت مواقف الصفدي عقب إعلان الجانبين السوري والأردني الثلاثاء تشكيل مجلس أعلى تنسيقي بين البلدين وتوقيع مذكرة تفاهم ستشكل خريطة طريق للتعاون الثنائي بين البلدين اللذين يتشاركان الحدود ومصالح اقتصادية وتحديات أمنية على رأسها ضبط الحدود والتصدي لتهريب المخدرات.

وقال الصفدي "اتفقنا على خريطة طريق لتفعيل التعاون في مجالات الطاقة والمياه والصناعة والتجارة والنقل واتفقنا على التعاون في المجال الصحي،" مضيفا "هدفنا أن نعمل معا في هذه المرحلة الانتقالية.. ونؤسس لعلاقات تكامل فيها مصلحة للبلدين الشقيقين وفيها أيضا مصلحة للمنطقة."

ويعد الأردن الذي يستضيف 1.3 مليون لاجئ سوري على أراضيه، بوابة سوريا إلى الخليج العربي، بينما تشكل سوريا بوابة الأردن إلى أوروبا.

ومن جهته قال الشيباني "نعتقد أن اليوم يشكل نقطة تاريخية في تاريخ البلدين ونقطة هامة جدا في مستقبل العلاقة بين البلدين،" موضحا أن المجلس سيعقد اجتماعات دورية في المرحلة المقبلة.

2