دمشق تمهل المجموعات المسلحة الصغيرة أياما للاندماج وعينها على قسد

تعمل وزارة الدفاع السورية على فرض سيطرتها على كل الجماعات المسلحة التي تشكلت خلال الحرب الأهلية التي عاشتها البلاد، وتريد الوزارة الانتهاء من هذا الملف قريبا، لما يشكله من تحدّ للسلطة القائمة، في ظل وجود جماعات مؤيدة أو معارضة ما زالت تحتفظ بالسلاح.
دمشق - تتخذ وزارة الدفاع السورية من دمج المجموعات الصغيرة المسلحة أولوية في الفترة الحالية بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات الجارية خلف الكواليس بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، برعاية إقليمية ودولية.
وأعلنت كبرى الفصائل المسلحة وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام عن حل نفسها منذ الأسابيع الأولى من الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد والاندماج في وزارة الدفاع.
ولم يبق من التنظيمات الكبرى سوى قوات سوريا الديمقراطية، وهي الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق البلاد، والتي لديها تحفظات على طريقة الاندماج حيث تتمسك بأن يكون الانضمام إلى وزارة الدفاع السورية ككتلة عسكرية واحدة، وهو ما ترفضه دمشق ومن خلفها أنقرة اللتان تصران على أن تسلم قسد سلاحها وأن يكون اندماج عناصرها بشكل فردي.
ويرى مراقبون أن القيادة السورية التي تسعى لتوطيد سلطتها، بعد مرور ستة أشهر على سقوط نظام الأسد، تعمل اليوم على ضبط المجموعات الصغيرة والانتهاء من هذا الملف، على أن يكون التركيز لاحقا على قسد في حال لم تتمخض المفاوضات عن نتائج إيجابية.
ودعا وزير الدفاع السوري مرهف أبوقصرة المجموعات المسلحة الصغيرة التي لم تندمج بعد إلى القيام بذلك في غضون 10 أيام وإلا ستواجه إجراءات لم يحددها.
وتشكل كثرة الأسلحة غير الخاضعة لسيطرة الحكومة تحديا لجهود الرئيس أحمد الشرع لبسط سلطته، إذ لا تزال جماعات، سواء التي تدعمه أو التي تعارضه، تحتفظ بالسلاح.
وقال وزير الدفاع في بيان صدر في وقت متأخر السبت “بدأنا بعد تحرير سوريا فورا بالعمل على دمج الوحدات العسكرية ضمن إطار مؤسساتي موحد، واليوم ننقل لشعبنا الكريم نبأ دمج كافة الوحدات ضمن وزارة الدفاع السورية.”
وأضاف “انطلاقا من أهمية العمل المؤسساتي، فإننا نشدّد على ضرورة التحاق ما تبقى من المجموعات العسكرية الصغيرة بالوزارة بمدة أقصاها 10 أيام من تاريخ هذا الإعلان، وذلك استكمالا لجهود التوحيد والتنظيم، ونؤكد أن أيّ تأخير في هذا الصدد سيستلزم اتخاذ الإجراءات المناسبة وفق القوانين المعمول بها.” ولم يحدد الوزير الفصائل التي يتحدث عنها.
ويقول مراقبون إن بعض الفصائل التي تنتمي إلى أقليات مثل الدروز قد يصعب أن تخطو هذه الخطوة دون اتفاقات واضحة تحمي الأقلية، لكن في المقابل يرى آخرون أن لا خيار أمام تلك المجموعات سوى الاستجابة لطلب وزارة الدفاع، في ظل إدراك قياداتها أن الوضعين الداخلي ولاسيما الدولي لا يخدمانها.
وحصلت دمشق على دفعة دبلوماسية كبيرة الأسبوع الماضي عندما التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالشرع وأعلن أنه سيتم رفع العقوبات عن سوريا.
وقال وزير الداخلية السوري أنس خطاب إن ذلك القرار “يسهم بشكل مباشر في تقوية التعاون الإقليمي والدولي وتطوير منظومة الأمن، ويدعم جهود ترسيخ الاستقرار وتعزيز السلم الأهلي.”
وشهدت سوريا عدة موجات عنف هذا العام. وقتل مسلحون من السنة في مارس الماضي المئات من أفراد الأقلية العلوية في عمليات قتل انتقامية، ردا على ما وصفته الحكومة بهجمات دامية شنها موالون للأسد على قواتها في منطقة الساحل.
كما قتل ما يزيد على 100 شخص في معارك بين مسلحين من السنة والدروز نشبت في أواخر أبريل بمناطق يقطنها الدروز قرب دمشق.
ورغم هذه العمليات لا يبدو أن ذلك يؤثر بشكل كبير على جهود السلطة السورية الجديدة في تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي، وهو ما ترجم أيضا في إعلان الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن عزمه تخفيف المزيد من العقوبات عن سوريا.
لا خيار أمام المجموعات المسلحة سوى الاستجابة لطلب وزارة الدفاع، في ظل إدراك قياداتها أن الوضعين الداخلي ولاسيما الدولي لا يخدمانها.
ويقول محللون إن هناك قناعة دولية متزايدة بوجود حاجة إلى منح السلطة السورية القائمة فرصة إدارة البلاد، وإن محاولة خنقها أو عزلها قد تكون لها نتائج كارثية لاسيما على الصعيد الأمني، كأن تتحول سوريا إلى ساحة لتفريخ الجهاديين.
وأعلنت وزارة الداخلية السورية السبت عن مقتل عنصر من قوات الأمن و”تحييد” ثلاثة من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في عملية أمنية بمدينة حلب.
وقالت الوزارة في بيان “نفذت مديرية أمن حلب بالاشتراك مع جهاز الاستخبارات العامة عملية مداهمة استهدفت وكرا تتحصن فيه خلية تابعة لتنظيم داعش.”
وأضافت “أسفرت الاشتباكات التي رافقت العملية عن استشهاد عنصر من قوى الأمن العام.”
وأعلنت الوزارة في وقت لاحق انتهاء العملية ضد الخلية المؤلفة من سبعة عناصر، مشيرة إلى أنها “أسفرت عن تحييد ثلاثة منهم، وإلقاء القبض على الأربعة الآخرين.”
وأكدت أن قوات الأمن تمكنت من “اقتحام الموقع وضبط عبوات ناسفة، وسترة مفخخة، وعدة بدلات تعود لقوى الأمن العام كانت بحوزة أفراد الخلية.”
من جهته تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل خمسة أشخاص في العملية، من بينهم عنصران من قوات الأمن.
وقال المرصد، الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، “قتل 3 عناصر من خلية يعتقد أنها تابعة” لتنظيم الدولة الإسلامية، مشيرا إلى أن اثنين منهم قاما بتفجير نفسيهما خلال العملية التي جرت في حي الحيدرية بحلب، كبرى مدن شمال سوريا.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن منفذي الهجوم على قوى الأمن قد يكونون “عناصر سابقين في الأجهزة الأمنية انشقوا والتحقوا بتنظيم داعش.”
ومنذ الإطاحة بالرئيس الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي تراجعت وتيرة هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في مناطق سيطرة السلطات الجديدة.
وبعد سيطرته على مناطق واسعة في سوريا والعراق عام 2014، تعرض التنظيم لانتكاسات متتالية حتى هزيمته عام 2019 في سوريا، لكن عناصره الذين انكفأوا إلى البادية يواصلون تنفيذ هجمات لاسيما ضد القوات الكردية في شمال شرق سوريا.