معرض بيروت الدولي للكتاب يناقش أبرز قضايا الثقافة العربية

المخرج والمؤلف هادي زكاك يقدم سردا مؤثرا لمسيرة بحثه التي امتدت 31 عاما في تاريخ السينما اللبنانية.
الاثنين 2025/05/19
اهتمام بواقع الثقافة وتفاصيلها

بيروت - تتواصل فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الـ66 مقدما العديد من الندوات، كما شهدت أجنحة المعرض سلسلة من حفلات تواقيع الكتب، إلى جانب النشاط الترفيهي الخاص بالأطفال، وزيارات طلاب الجامعات والمعاهد والمدارس.

وضمن فعاليات المعرض نظم النادي الثقافي العربي ندوة بعنوان “السينما اللبنانية: صمود وتجدد عبر الأجيال”، أدارها الناشر والكاتب سليمان بختي، بمشاركة عدد من رواد السينما اللبنانية والمؤرخين والمبدعين، لاسترجاع تاريخ هذا الفن وتجسيد تحدياته وإنجازاته، بحضور رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ورئيسة النادي سلوى السنيورة بعاصيري، وحشد من المهتمين بالسينما اللبنانية.

افتتح الندوة السينمائي المخرج والمؤرخ أميل شاهين، مؤكدا أن “السينما اللبنانية قبل عام 1975 كانت تعاني من غياب الجمهور للفيلم الجيد وارتفاع تكاليف التصوير على شريط 35 مم.” وبين أن “أي تجربة ناجحة كانت تكلف ديونا وعوائق مالية.”

المعرض يقدم العديد من الندوات الفكرية والثقافية وحفلات تواقيع الكتب إلى جانب النشاط الترفيهي الخاص بالأطفال
المعرض يقدم العديد من الندوات الفكرية والثقافية وحفلات تواقيع الكتب إلى جانب النشاط الترفيهي الخاص بالأطفال

وتحدث المشاركون عن حقبة الحرب الأهلية (1975 – 1990)، حيث توقفت دور العرض وتحولت إلى ملاجئ، وزادت صعوبات التمويل وشح المواد التصويرية، ما أجل إنتاج أي عمل طويلا. وتلا ذلك استعراض لمرحلة ما بعد الحرب (1990 – 2005)، حين أعاد المنتجون والمهرجانات إحياء الصناعة، وظهرت معاهد لتعليم السينما والتمثيل، وانتشرت الأفلام القصيرة والوثائقية بفضل الرقمنة.

أما في الفترة 2005 – 2025 فرغم النجاحات الدولية لأفلام مثل “كفر ناحوم” (2018) للمخرجة نادين لبكي، لا تزال أزمة التمويل والتوزيع تمثل عقبة. وتم تسليط الضوء على جيل من الممثلين الذين نقلوا السينما من مجرد عرض إلى مرآة قضايا المجتمع، من بينهم عادل كرم وهنادي وهبي.

من جانبه قدم المخرج والمؤلف هادي زكاك سردا مؤثرا لمسيرة بحثه التي امتدت 31 عاما في تاريخ السينما اللبنانية. انطلق من أول شريط صور في بيروت عام 1897 عن طريق الأخوين لوميير، مرورا بعرض الأفلام في ساحة البرج في حقبة الاحتلال الفرنسي، ووصولا إلى قصص رواد مبكرين مثل الإيطالي جوردانو بيلوتي بفيلميه “مغامرات ليس مبروك” (1932) و”مغامرات أبوالعبد”، اللذين وضعا لبنة الهجرة كموضوع سينمائي. وخصص زكاك تحية للباحثين الراحلين وليد الشناوي وعبود أبوجودة، اللذين وثقا الأفلام النادرة وحفظا أرشيفها.

وأقيمت أمسية ثقافية خاصة ضمن فعاليات المعرض عبارة عن لقاء حواري مع الفنان جورج خباز، حيث غصت القاعة بالرواد والحضور من كل الأطياف والأعمار والأجيال، الذين أعربوا عن حبهم لأعمال خباز.

وأدار الأمسية المخرج اللبناني إميل شاهين حيث قدم خباز للجمهور المتعطش للثقافة والفن قراءة شاملة لتجربته الممتدة في عالم المسرح والتلفزيون، مع تسليط الضوء على الإبداع وأهمية التعليم الفني في تنشئة الأجيال الجديدة.

وأكد خباز أن المسرح هو “مرآة الواقع اللبناني”، وقال “اخترت الكوميديا السوداء أسلوبا للتعبير عن تناقضات المجتمع اللبناني ومعاناته اليومية، فالكوميديا السوداء تسمح لي برؤية ما وراء الألم، وبعرضه بأسلوب يمزج بين الضحك والدهشة.”

ونظمت دار المقاصد ندوة بعنوان “صراع الهويات والجدل التاريخي”، وأدارها الصحافي أمين قمورية، وشارك فيها كل من الأكاديميين عامر جلول ومحمد خير فرج ونمر فريحة، كما سلط الضوء على أن “غزة اليوم تحترق بسبب الخلافات، ويجب حل هذه الخلافات بأسرع وقت.”

فريحة أكد أن “معرض الكتاب هو القناة التي يتم من خلالها نقل الثقافة عبر الأجيال وتشكل مصدرا للغنى الروحي ووسيلة تعبير عن الانتماء والوجود.”

حضور مميز

ولفت جلول إلى أن أول منتج فكري له كان كتابا بعنوان “صراع الهويات والجدل التاريخي”، وهو “باختصار محاولة المصالحة بين الهوية الوطنية والهوية الفرعية، لأن المواطن العربي كان يعتبر بدخوله إلى المعنى الوطني عليه أن يتعرى أو يتجاوز الهويات الفرعية وكل إنسان مكون من هويات، وطرحنا مفهوم اللغة وارتباطها بالهوية والتاريخ والتخلف التاريخي واستنساخ تجارب الآخرين التي لا نستطيع تطبيقها في المجتمع اللبناني ونفس الحال في الشرق الأوسط، وطرحنا مفهوم الديمقراطية الاستنسابية كبديل عن الديمقراطية التوافقية وسلم الهويات من أجل تنظيم الهويات، بمعنى أن الهويات الوطنية تتقدم لكنها لا تتعرى عن بقية الهويات.”

ونظمت منشورات الحلبي الحقوقية ندوة بعنوان “تفكك الدول” للمؤلف الدكتور زياد ضاهر، وأدارها الكاتب الدكتور يقظان التقي، بمشاركة كل من الأكاديميين عادل خليفة ومحمد عبدالله والمؤلف ضاهر.

وتحت عنوان “أنا لم أستسلم” نظمت مؤسسة “أنت أخي” بالتعاون مع دار المشرق ندوة تمحورت حول كتاب “كلمة على ورق” الذي يحمل شعار “أنا لم أستسلم”، شاركت فيها الإعلامية ماغي عون ومؤلف الكتاب غسان جبرا ورئيسة ومديرة مؤسسة “أنت أخي” رولا نجم ومدير عام دار المشرق الأب داني يونس اليسوعي.

وعلاوة على الندوات المختلفة غصت قاعة النشاطات المخصصة للأطفال بالعشرات من طلاب المدارس ورياض الأطفال، الذين تفاعلوا بحماس مع العروض المسرحية والورشات ومختلف الفعاليات.

كما شهدت أروقة المعرض توقيع العديد من الكتب نذكر من بينها توقيع الكاتب المحامي مروان الكيال كتابه “العملة الرقمية كبديل عن العملة النقدية، الآفاق والمخاطر والإطار القانوني”، وكتاب “من بلاد الشام إلى ضاحية بيروت ” للكاتب خالد الحاج، وكتاب وداد حلواني “ذاكرة ليست تمضي”، كما وقعت الكاتبة أمل ناصر والرسامة فاطمة قصير قصتهما “حيوانات الغرفة”، وغيرها من المؤلفات مختلفة الأنماط الأدبية والفكرية والعلمية.

12