قمة عربية باهتة من حيث الحضور والمخرجات

بغداد- لم تجلب القمة العربية التي احتضنها العراق السبت الأضواء في ظل غياب عدد كبير من الرؤساء والقادة خاصة أغلب قادة دول الخليج والأردن ودول شمال أفريقيا، ما أفقد بيانها الختامي أهميته في أن يكون معبّرا عن موقف عربي واسع.
واكتفى البيان الختامي وكذلك كلمات المشاركين في القمة بكلام عام عن غزة وسوريا، ما يؤكد ما سبق أن توقعه الكثير من المراقبين من أن القمة سيكون الهدف منها لبعض المسؤولين العرب الحاضرين التنفيس بإطلاق تصريحات قوية عن معاناة غزة أو بالهجوم على إسرائيل، والهدف منها ليس الضغط أو توحيد الموقف، ولكن تخفيف الاحتقان الشعبي الداخلي في ظل الغضب على سلبية التعاطي مع ما يجري في غزة.
ويقول مراقبون إن مخرجات القمة جاءت باهتة وغير ذات جدوى عمليا حتى وإن حرص المشاركون على تبرئة الذمة تجاه ما يجري في غزة بإطلاق تصريحات قوية ومهاجمة ما تقوم به إسرائيل، وهي تصريحات لا تأثير لها على الأرض، الشيء الذي يمكن أن يفسّر غياب القادة والرؤساء الآخرين، حيث أن الحضور وإطلاق تصريحات استعراضية يحقق نتائج عكسية لدى الجمهور العربي، الذي يطالب بتوحيد المواقف عمليا وليس إلقاء الخطابات.
ودعا القادة والزعماء العرب المشاركون إلى الوقف الفوري للحرب على غزة.
وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين للصحافيين في البيان الختامي للقمة العربية الرابعة والثلاثين التي عقدت في بغداد “تصدرت القضية الفلسطينية جدول أعمال القمة باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية”.
وأضاف “طالبنا بوقف فوري للعدوان الإسرائيلي على غزة، ووقف جميع الأعمال العدائية التي تزيد من معاناة المدنيين الأبرياء، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق في فلسطين، دون قيد أو شرط”.
وجاءت هذه القمة بعد نحو شهرين من قمة غير عادية استضافتها القاهرة تبنت خلالها الدول العربية خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها.
ودعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في كلمته أمام قمة بغداد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى “بذل كل ما يلزم من جهود وضغوط لوقف إطلاق النار في قطاع غزة تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جادة يكون فيها وسيطا وراعيا،” منوها بالدور الذي لعبته الولايات المتحدة سابقا في إبرام معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
لكن ترامب، الذي عاد إلى الرئاسة الأميركية في يناير، اقترح تهجير سكان غزة إلى دول مجاورة في مقدمتها مصر والأردن وهو ما رفضته الدولتان بشدة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته أمام القمة “لا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.
وطالب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في كلمته الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الحاضرة إلى “تبني خطة عربية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام، تشمل الوقف الدائم لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن والأسرى، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، والانسحاب الكامل للاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة”.
وحث أيضا على “إطلاق عملية سياسية تبدأ وتنتهي في مدة زمنية محددة لتنفيذ حل الدولتين وتجسيد الدولة الفلسطينية على أرض دولة فلسطين والاعتراف الدولي بها وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية”.
وأكد عباس أن السلطة الفلسطينية مستمرة في إصلاح مؤسساتها، قائلا “نجدد استعدادنا لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال العام المقبل”.
◄ الحضور وإطلاق تصريحات استعراضية يحقق نتائج عكسية لدى الشارع العربي، الذي يطالب بتوحيد المواقف عمليا وليس إلقاء الخطابات
وأشاد بجهود مصر في دعم الفلسطينيين سياسيا وإنسانيا، داعيا إلى عقد مؤتمر دولي في القاهرة “لتمويل وتنفيذ خطة إعادة الإعمار في قطاع غزة”.
وأبدى البيان الختامي للقمة دعم الدول الأعضاء لمحادثات إيران مع الولايات المتحدة بهدف التوصل إلى تسوية لملف طهران النووي.
كما أشاد البيان بالجهود الدبلوماسية التي بذلتها سلطة عُمان من أجل التوصل إلى “تفاهمات في اليمن من خلال الوساطة مع الولايات المتحدة”.
ورحب البيان الختامي للقمة العربية بقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات المفروضة على سوريا الذي أعلنه ترامب يوم الأربعاء أثناء زيارته إلى منطقة الخليج.
وقال رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني في وقت سابق “نثمن قرار الولايات المتحدة برفع العقوبات عن سوريا، ونأمل أن تسهم هذه الخطوة في التخفيف من معاناة الشعب السوري الشقيق”.
وأكد دعم العراق “لبناء نظام دستوري ديمقراطي عبر عملية انتقالية شاملة تضمن حقوق أبناء الشعب السوري وحرية الأديان لجميع مكوناته، وتحارب الإرهاب بمختلف أشكاله”.
كما هنأ رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام سوريا “دولة وشعبا” على رفع العقوبات، مشيرا إلى أن القرار “ستكون له انعكاسات إيجابية أيضا على لبنان وعموم المنطقة”.
وعبّر سلام الذي تقلد منصبه في فبراير عن “استعداد الدولة اللبنانية للتعاون مع الجمهورية العربية السورية لإعادة النازحين السوريين الذين استضافهم لبنان منذ عام 2011 إلى بلداتهم وقراهم التي أصبحت آمنة”.
وحث على “الضغط على المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها ، والانسحاب الفوري والكامل من جميع الأراضي اللبنانية”.
وغاب الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع عن قمة بغداد وحضر وزير الخارجية أسعد الشيباني الذي وجه الشكر إلى السعودية وتركيا على جهودهما من أجل رفع العقوبات عن بلاده.