قرار ترامب برفع العقوبات عن سوريا يعجل بتأهيلها اقتصاديا وماليا

واشنطن - أعلن البنك الدولي الجمعة أنه سوَّى ديون سوريا البالغة 15.5 مليون دولار بعد تلقيه أموالا من السعودية وقطر، مما يؤهل دمشق للحصول على منح وتمويلات بمليارات الدولارات لإعادة الإعمار ودعم الميزانية.
وتأتي هذه الخطوة نتيجة للتغييرات التي طرأت على الموقف الأميركي، وذلك بعد قرار الرئيس دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا ولقاء رئيسها أحمد الشرع في الرياض والدعوة إلى مساعدتها على النهوض من جديد، وهي خطوات دفعت المؤسسات المالية الدولية والأطراف المختلفة، التي لها علاقة بدعم سوريا، إلى الخروج من حالة الانكماش والتردد تجاهها خوفا من واشنطن.
ويرتبط التأهيل الاقتصادي والمالي بالتأهيل السياسي الذي حصل من خلال لقاء الشرع بالرئيس الأميركي، وهو لقاء كان لدول الخليج دور كبير فيه بشكل ينبئ أن سوريا ستحظى باهتمام خليجي كبير في المرحلة القادمة يمكنها من تخطي الصعوبات ويزيد من مصداقيتها لدى المؤسسات المالية المانحة.
ويتوقع أن تزداد المواقف الداعمة للانفتاح على دمشق اقتصاديا وماليا في المرحلة القادمة، وأن يتوجه المستثمرون والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية إلى هناك للبدء في تنفيذ المشاريع، وخاصة من دول الخليج.
سوريا تحظى باهتمام خليجي كبير سيمكنها من تخطي الصعوبات ويزيد من مصداقيتها لدى المؤسسات المالية الدولية
وأعلنت السعودية وقطر في أبريل أنهما ستسددان متأخرات سوريا لدى المؤسسة المالية الدولية مما يجعلها مؤهلة للحصول على برامج منح جديدة، وفق سياسات البنك التشغيلية.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الخميس إن الرئيس دونالد ترامب يعتزم إصدار إعفاءات من “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا،” الذي فرضت واشنطن من خلاله عقوبات صارمة على حكومة الرئيس السابق بشار الأسد وعقوبات ثانوية على شركات أو حكومات خارجية كانت تجمعها معاملات معها.
ويمهد رفع العقوبات الأميركية، والتي فرض بعضها على حكومة الأسد وبعضها الآخر قائم منذ عقود، إلى جانب تسوية متأخرات سوريا للبنك الدولي، الطريق لإعادة دمجها في النظام المالي العالمي.
وأعلن البنك الدولي أنه حتى 12 مايو، لم تكن لدى سوريا أي أرصدة متبقية في اعتمادات المؤسسة الدولية للتنمية، وهي ذراع البنك لمساعدة أشد البلدان فقرا.
وقال البنك في بيان، “يسرنا أن سداد ديون سوريا سيسمح لمجموعة البنك الدولي بإعادة التواصل مع البلاد وتلبية الاحتياجات التنموية للشعب السوري.”
وأضاف، “بعد سنوات من الصراع، تسير سوريا على طريق التعافي والتنمية.”
من المتوقع أن تزداد المواقف الداعمة للانفتاح على دمشق اقتصاديا وماليا في المرحلة القادمة
وأوضح البنك الدولي أنه سيعمل مع دول أخرى للمساعدة في حشد التمويل العام والخاص لبرامج تمكن الشعب السوري من بناء حياة أفضل لتحقيق الاستقرار في البلاد والمنطقة.
وذكر أن مشروعه الأول مع سوريا سيركز على توفير الكهرباء، ما سيدعم تحقيق تقدم اقتصادي ويساعد في توفير الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم إلى المياه وسبل العيش.
واستضاف صندوق النقد والبنك الدوليان والسعودية اجتماعا رفيع المستوى مع مسؤولين سوريين في واشنطن في أبريل. وأصدروا بعد ذلك بيانا مشتركا أقروا فيه بالتحديات الملحة التي تواجه الاقتصاد السوري وعبروا عن التزامهم بدعم جهود التعافي في البلاد.
وعين صندوق النقد الدولي أول رئيس لبعثته إلى سوريا منذ 14 عاما، وهو رون فان رودن، وهو مسؤول مخضرم في الصندوق سبق أن ترأس الجهود في أوكرانيا.
وأصدر صندوق النقد الدولي آخر تقرير مراجعة معمق للاقتصاد السوري في عام 2009.
وقال مارتن موليسن زميل المجلس الأطلسي والرئيس السابق لإدارة الإستراتيجية في صندوق النقد الدولي، إن المهمة العاجلة الأولى للصندوق تتمثل في تقديم المساعدة الفنية للسلطات السورية لمساعدتها على إعادة بناء البنية التحتية المالية للبلاد وهيئات صنع السياسات وجمع البيانات اللازمة.
سوريا تخطط لطباعة عملة جديدة في الإمارات وألمانيا بدلا من روسيا
وأضاف موليسن أن هذه الجهود يمكن تمويلها من المانحين والمنح العينية ويمكن إطلاقها في غضون أشهر، بينما يمكن للبنك الدولي المساعدة على مستوى إقليمي أوسع لضمان الحوكمة الرشيدة وفعالية الوزارات.
وقال جوناثان شانزر وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخزانة ويرأس حاليا مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن المسؤولين السوريين أبلغوه بأن الاحتياجات ضخمة، لكنه حث الولايات المتحدة رغم ذلك على تخفيف العقوبات تدريجيا بحذر.
وأوضح، “لم يتمكنوا حتى من الحصول على تراخيص مايكروسوفت أوفيس. ببساطة، لم يكن بإمكانهم تنزيل البرامج على أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم.”
وذكر مصدر جمهوري أن إعادة بناء قدرة سوريا على الوصول إلى التكنولوجيا سيكون ضروريا لإعادتها إلى نظام سويفت لمعالجة المعاملات المصرفية، لكن العملية قد تستغرق شهورا، إن لم تكن سنوات.
وفي سياق الدعم الخارجي الذي تحصل عليه سوريا بسبب الموقف الإقليمي والأميركي الداعم لها، قالت ثلاثة مصادر إن سوريا تخطط لطباعة عملة جديدة في الإمارات وألمانيا بدلا من روسيا.
وفي إشارة أخرى إلى تعميق العلاقات بين سوريا والإمارات، وقعت دمشق الخميس صفقة أولية قيمتها 800 مليون دولار مع شركة دي بي ورلد الإماراتية لتطوير ميناء طرطوس.
ويحاول حكام سوريا الجدد التحرك بسرعة لتعزيز اقتصادهم المنهار بعد حرب استمرت 13 عاما. وواجهوا مؤخرا المزيد من العراقيل بسبب نقص الأوراق النقدية.
وتشهد الليرة السورية نقصا في المعروض حاليا، وسط تضارب الأسباب بين المسؤولين والمصرفيين.