ترقب وانتظار يميزان موقف الاتحاد الوطني الكردستاني من مسار السلام بين تركيا وحزب العمال

السليمانية (إقليم كردستان العراق)- تقابل حالةَ الارتياح التي أشاعها في العراق قرار حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه والتخلي عن العمل المسلّح ضد تركيا بعد عقود من اتخاذه الأراضي العراقية موطنا ومنطلقا لذلك العمل، حالةٌ من الترقب والانتظار المشوبين بقلق غير معلن لدى الاتّحاد الوطني الكردستاني الذي خسر بقرار الحزب رهانه على دعم مقاتليه واحتضانهم في مناطق نفوذه بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، الأمر الذي أتاح لقيادة الاتحاد الظهور بمظهر المناصر لنضال المكون الكردي والداعم لقضيته القومية.
ومسايرة للمزاج العراقي والإقليمي والدولي العام المرحب بخطوة حزب العمّال الكردستاني رحب رئيس الاتحاد الوطني بافل جلال طالباني بدوره بالقرارات الصادرة عن المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني معتبرا أن “قرار حل الحزب ووقف إطلاق النار في هذه المرحلة الحساسة يمثل خطوة تاريخية نحو تحقيق السلام”.
وأكد طالباني أن الاتحاد الوطني حريص على دعم وإنجاح عملية السلام، مشددا على ضرورة تنفيذ جميع الخطوات اللازمة للوصول إلى الأهداف المنشودة، قائلا “نحن على خطى الرئيس مام جلال (والده الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني) نواصل جهودنا لترسيخ عملية السلام مؤمنين بأن الحل السلمي للقضية الكردية هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط،” ومعربا عن أمله “في نجاح عملية السلام في شمال كردستان وتركيا بما يسهم في فتح صفحة جديدة من العلاقات السياسية والدبلوماسية بين جميع الأطراف، ويعزز العمل المشترك لصالح كردستان بأكملها.”
◄ محافظة السليمانية تتطلع لتأثير إيجابي للتطور بملف حزب العمال على مطارها الحيوي الخاضع لحظر تركي
وتضاعف من قلق الاتحاد الوطني حالةُ التهميش التي عاناها أثناء عملية إطلاق المسار الجديد بين تركيا وحزب العمال وهو مسار لم تسجّل أي مساهمة لقيادته في تمهيد الأرضية له، وعلى العكس من ذلك تمّ الأمر بمشاركة فاعلة من المنافس الأكبر للاتحاد، الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي بذل زعيمه مسعود بارزاني جهودا كبيرة لتقريب الهوّة بين أنقرة وقيادة حزب العمّال.
وانطوى قرار حزب العمّال على مصلحة كبيرة لحكومة بغداد ولسلطات إقليم كردستان العراق الآملتين في التخلص من العبء الأمني المترتّب على وجود مقاتلي الحزب داخل الأراضي العراقية وتأثيرات حربه ضد القوات التركية على الاستقرار والتنمية في مناطق تواجده.
كما مثّل أرضية لمزيد تطوير العلاقات مع تركيا وهي علاقات آخذة في النمو بسرعة على أساس الكثير من المصالح الحيوية المشتركة في المجالات الاقتصادية والتنموية والأمنية.
وتختلف علاقة الاتحاد بأنقرة جذريا عن العلاقة بينها وبين الحزب الديمقراطي، وكذلك علاقتها بالحكومة العراقية بقيادة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني.

حسن آلي: حل حزب العمال الكردستاني لنفسه وتخليه عن السلاح يجب أن يُقابل بخطوة مقابلة من الجانب التركي
وما يزال الاتحاد الوطني الكردستاني مصنّفا إلى جانب عدد من القوى الشيعية العراقية الحليفة لإيران ضمن خانة أعداء تركيا التي كثيرا ما وجهت اتهامات صريحة لقيادة الاتّحاد بـ”دعم الإرهاب” في إشارة إلى علاقاته المتينة بحزب العمّال.
ولم تكن حالة العداء تلك من دون تأثيرات على الأرض وتبعات على مصالح الاتحاد الوطني الذي خسر الاستفادة من مطار السليمانية بعد أن فرضت عليه تركيا حظر طيران على خلفية اتهامها للاتحاد بفتحه أمام حركة عناصر حزب العمال الكردستاني وتحويله إلى قاعدة إمداد لوجستي لهم.
وكلف الحظر التركي على المطار سلطات السليمانية التي تمثّل المعقل الرئيسي للاتحاد الوطني خسائر كبيرة، بذلت أطراف عراقية بما في ذلك جهات حكومية جهودا لإثناء تركيا عن قرارها دون جدوى، حيث ظلت أنقرة متمسكة بضمانات عملية واضحة بشأن فكّ الارتباط بشكل كامل بين الاتحاد وحزب العمّال.
وأحيت التطورات السريعة والنوعية في ملف حزب العمال الكردستاني الآمال بفك القيود عن المطار الحيوي وإعادة زخم الرحلات الدولية إليه. وعلى هذه الخلفية دعا النائب السابق عن الاتحاد الوطني الكردستاني حسن آلي إلى رفع الحظر المفروض على مطار السليمانية الدولي معتبرا أن استمرار إغلاق الأجواء التركية أمام المطار “يمثل ظلما واضحا ألحق أضرارا مادية جسيمة بالمنطقة.”
ونقلت وكالة بغداد اليوم الإخبارية عن آلي قوله إن “الحظر الجوي المفروض على مطار السليمانية منذ أكثر من عامين استند إلى اتهامات غير صحيحة، منها التعاون مع حزب العمال الكردستاني ونقل أسلحة، وهي مزاعم تم نفيها لاحقا عبر لجان تحقيق رسمية.”
وأشار إلى أن “لجنة من البرلمان وسلطة الطيران المدني العراقي زارت المطار في عدة مناسبات، وتوصلت إلى عدم وجود أيّ نشاط غير قانوني أو ارتباط مع الحزب المذكور”.
وأضاف آلي أن “حل حزب العمال الكردستاني لنفسه وتخليه عن السلاح يجب أن يُقابل بخطوة مقابلة من الجانب التركي، تتمثل في رفع الحظر عن المطار، وإنهاء العزلة الجوية المفروضة عليه،” مشيرا إلى أن “استمرار هذا الوضع ألحق أضرارا اقتصادية بالغة بأهالي محافظة السليمانية”.