السيارات الحديثة تعزز مستوى الأمان بالابتكار من خلال الذكاء الاصطناعي

فولفو وتسلا وتويوتا وفورد في سباق التقنيات المتقدمة لتحسين السلامة.
الأربعاء 2025/05/14
التكنولوجيا في خدمتكم

تتجه شركات السيارات بشكل متزايد إلى تسخير التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز معايير السلامة من خلال دمج أنظمة ذكية قادرة على التنبؤ بالمخاطر وتحليل سلوك السائق والطريق في الوقت الفعلي، للارتقاء بتجربة القيادة الآمنة إلى مستوى غير مسبوق.

لندن- تحول الذكاء الاصطناعي إلى أداة أساسية في صناعة السيارات، حيث تمهد هذه التقنية المتقدمة الطريق لعصر جديد من النقل الأكثر أمانا وذكاء وكفاءة من أنظمة مساعدة السائق المتقدمة إلى المركبات ذاتية القيادة بالكامل.

وصارت شركات السيارات الكبرى حول العالم، مثل فولفو وتسلا ومرسيدس وتويوتا، تركز بشكل كبير على تطوير أنظمة ذكية قادرة على تقليل نسب الحوادث وإنقاذ الأرواح.

ويرى خبراء أن الدمج المتزايد بين الذكاء الاصطناعي وصناعة السيارات سيعيد تعريف شكل العلاقة بين السائق والمركبة، مؤكدين أن السنوات الخمس القادمة ستكون حاسمة في تحديد الشركات القادرة على قيادة هذا التحول التقني.

◄ الذكاء الاصطناعي يلعب دورا مهما في تحليل البيانات الضخمة، ما يساعد الشركات على تحسين تصميم السيارات وتحديث برمجيات السلامة باستمرار

وفي الوقت الذي تتنافس فيه الشركات على تقديم أفضل الحلول الذكية، تبرز الحاجة أيضا إلى وضع أطر تنظيمية وتشريعات تقنية تواكب هذا التطور، لضمان سلامة المستخدمين وحماية خصوصياتهم.

ويُستخدم الذكاء الاصطناعي في مجموعة من التقنيات المعروفة باسم “أنظمة مساعدة السائق المتقدمة”، والتي تشمل الكبح التلقائي عند الطوارئ والتنبيه عند الخروج عن المسار والتعرف على المشاة وراكبي الدراجات، بالإضافة إلى أنظمة مراقبة حالة السائق.

وهذه الأنظمة تقوم على تحليل بيانات حساسات دقيقة مثل الكاميرات والرادارات وأجهزة الاستشعار بالليزر (ليدار) لاتخاذ قرارات فورية تتعلق بالقيادة.

وتعتبر فولفو من أبرز الأمثلة على الشركات التي تضع السلامة في صميم رؤيتها المستقبلية، فقد أعلنت مؤخرا عن خطط لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في طرازاتها القادمة.

وسيتم ذلك من خلال دمج كاميرات داخلية قادرة على مراقبة سلوك السائق وتنبيهه في حال ظهور مؤشرات تدل على التعب أو التشتت.

كما تعمل على تطوير أنظمة قيادة شبه ذاتية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات سريعة عند مواجهة مخاطر مفاجئة على الطريق.

وقال ألوين باكينيس رئيس قسم هندسة البرمجيات العالمية في فولفو “في تطوير برنامجنا، نستخدم بالفعل الملايين من نقاط البيانات من مواقف لم تحدث من قبل.”

وأضاف “لذا، لم يعد الأمر يقتصر على التعلم من الأحداث الماضية، بل يتعلق بإنشاء سيناريوهات جديدة للتنبؤ بالحوادث المستقبلية ومنعها.”

وبفضل التعاون مع شركة إنفيديا الأميركية المتخصصة في الحوسبة والذكاء الاصطناعي قامت الشركة السويدية بتركيب العديد من المستشعرات في سياراتها الكهربائية، والتي تقوم بجمع المعلومات عن السيارة بأكملها.

وفي الوقت نفسه تتيح منصة حوسبة وضع هذه البيانات في سياقها في الوقت الفعلي، ما يساعد على تحسين أنظمة السلامة باستمرار.

وفي الخطوة التالية يتم تلخيص هذه البيانات بواسطة تقنيات مختلفة، ومنها تقنية “غوسيان سبالتينغ”، والتي يتم فيها جمع العديد من الصور لنفس الموقف من زوايا مختلفة لإعادة بناء المشهد بدقة ثلاثية الأبعاد.

وتؤكد فولفو أن هذا يسهم في فهم أسباب الحوادث بصورة أفضل، ومن خلال التحليل المفصل للعديد من الحوادث يمكن استخلاص النتائج ومنع تكرار الحوادث.

ألوين باكينيس: نعمل على إنشاء سيناريوهات جديدة للتنبؤ بالحوادث

وتمكن مواصلة تطوير هذه التقنية من خلال التعاون مع شركة زينسيكت التي أسستها فولفو لتطوير برامج الذكاء الاصطناعي وتطوير بيئات افتراضية لاختبار سيناريوهات مختلفة.

وبينما كانت المعلومات محدودة قبل سنوات وتصعب معالجتها، فإنه يمكن حاليا تعديل بيئة المحاكاة وتغيير عدد المستخدمين وسلوكياتهم، بالإضافة إلى عوامل أخرى، وبالتالي فإن النظام يتيح التعرف على الآلاف من السيناريوهات النادرة وغير المسبوقة.

وبدأت فولفو منذ سبعينات القرن الماضي في جمع أكبر قدر ممكن من البيانات حول حوادث المرور، حيث قامت بقياس آثار الكبح، وجمع المعلومات لتحليل السيارات المتضررة. وتمكنت من تطوير أنظمة مبتكرة مثل، نظام الحماية من إصابات الرقبة.

ومع بداية الألفية الجديدة بدأت في تزويد سياراتها بمستشعرات لتحليل الحوادث بشكل أكثر دقة حتى تتمكن من فهم أسبابها بصورة أفضل.

ومع بداية العقد الثاني من هذا القرن تمكنت الشركة من تطوير نماذج مساعدة السائق، والتي تتخذ قرارات بنفسها، مثل نظام التعرف على المشاة.

ويلعب الذكاء الاصطناعي دورا مهما في تحليل البيانات الضخمة، ما يساعد الشركات على تحسين تصميم السيارات وتحديث برمجيات السلامة باستمرار.

وكذلك، تسهم التحليلات في التنبؤ بأعطال محتملة قبل حدوثها، ما يتيح إجراء الصيانة الوقائية وتفادي الحوادث الناتجة عن مشكلات تقنية.

ورغم أن الاعتماد المتزايد على هذه التقنية المتقدمة يثير تساؤلات حول الأمان الرقمي والخصوصية، لكن خبراء يرون فيها خطوة إيجابية نحو طرق أكثر أمانا.

وبينما لا تزال السيارات ذاتية القيادة الكاملة في طور الاختبار، فإن التحسينات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي للسيارات التقليدية باتت واقعا ملموسا يساهم يوما بعد يوم في إنقاذ الأرواح.

وتعد تسلا، شركة السيارات الكهربائية الرائدة، في طليعة دمج الذكاء الاصطناعي في سياراتها. ومن أبرز ميزاته نظام القيادة الآلية.

وباستخدام مزيج من الكاميرات والرادار وأجهزة الاستشعار بالموجات فوق الصوتية، يُمكّن النظام من توجيه سيارات تسلا والتسارع والكبح تلقائيا داخل مساراتها.

بينما كانت المعلومات محدودة وتصعب معالجتها، فإنه يمكن حاليا تعديل بيئة المحاكاة وتحديد سلوكيات السائقين

وتطور هذا النظام باستمرار من خلال تحديثات البرامج اللاسلكية، ما يسمح للشركة الأميركية بتحسين قدرات نظام القيادة الذاتية وإضافة ميزات جديدة إلى المركبات الحالية دون الحاجة إلى استدعاء فعلي.

كما طورت تسلا نظام ذكاء اصطناعي أكثر تطورا يُسمى “القيادة الذاتية الكاملة” الذي لا يزال في مرحلة الاختبار التجريبي، بهدف تمكين سياراتها من التنقل، والتعرف على إشارات المرور، والتعامل مع سيناريوهات القيادة المعقدة بأقل تدخل بشري.

ودخلت شركات مثل تويوتا وفورد بقوة إلى ميدان “الصيانة التنبؤية”، حيث باتت السيارات الحديثة تجمع بيانات مستمرة من مختلف الأجزاء الميكانيكية.

وتقوم الشركتان بتحليلها باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بأي خلل محتمل قبل حدوثه، ما يقلل من حوادث الأعطال ويوفر على السائقين تكاليف الإصلاح الطارئ.

15