اهتمام مصري باستيراد الغاز القطري لسد فجوة الطاقة

تدفع مخاوف مصر من استمرار فجوة عجز الطاقة إلى استكشاف فرص تعزيز التعاون مع قطر من خلال صفقة توريد طويلة الأجل مع زيادة عمليات التنقيب في العديد من الامتيازات، بما يلبي الطلب المحلي المتنامي، والذي يرهق تأمينه بشكل مستدام ميزانية الدولة.
الدوحة - كشفت مصر الاثنين أنها تخطط لتوقيع اتفاقيات مع قطر لاستيراد الغاز، في محاولة لتأمين ما يكفي من الوقود لتوليد الكهرباء من محطات الإنتاج، وخاصة في الصيف، وتنويع مصادر الإمدادات في ظل عجز الطاقة الذي يعاني منه البلد منذ عامين.
وبحث وزير البترول المصري كريم بدوي مع نظيره القطري سعيد الكعبي في الدوحة إبرام صفقة طويلة الأجل لتوريد الغاز لتلبية الطلب المحلي المتنامي، بحسب بيان أورده حساب رئاسة مجلس الوزراء المصري على منصة فيسبوك.
ولم يتطرق البيان الصادر عن وزارة البترول المصرية إلى تفاصيل بشأن عدد الشحنات أو إطارها الزمني من قطر والتي تعتبر من بين أكبر مصدري الغاز المسال في العالم.
وتندرج الخطوة في ضوء الأهمية الإستراتيجية التي توليها القاهرة لضمان توفير احتياجاتها من الطاقة عبر محورين رئيسيين وهما زيادة الإنتاج وتكثيف برامج الحفر والاستكشاف واستغلال موقع البلد لزيادة التعاون الإقليمي وتعظيم الاستفادة من البنية التحتية.
كما أنها تأتي بعد فترة وجيزة من إعلان الدوحة عن حزمة استثمارات مباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار، في أعقاب زيارة رسمية مثمرة قام بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الدوحة الشهر الماضي.
وألقى التراجع الملحوظ في إنتاج الغاز المحلي بتداعياته السلبية على تلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير، وتحولت البلاد مجددا إلى دولة مستوردة للغاز بعد توقفها عن الاستيراد منذ 2018 بدعم من اكتشافات جديدة للغاز حينها، بما في ذلك حقل ظهر.
وتعد مصر منتجة رئيسية للوقود الأحفوري في أفريقيا، كما تحتل المرتبة الثانية بين أكبر منتجي الوقود السائل من خارج منظمة أوبك بعد أنغولا. وكانت ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في القارة سنة 2022، بعد الجزائر.
ودُعم نمو إنتاجها للغاز بانطلاق الأنشطة من خلال العديد من الحقول البحرية الكبيرة على مدى العقد الماضي، بما في ذلك حقل ظهر، الذي تم اكتشافه قبل عشر سنوات.
وبعدما كانت من مُصدّري الغاز، باتت مصر تعاني الآن من نقص في الإمدادات وارتفاع في الطلب المحلي، مما أدى إلى أزمات طاقة وانقطاعات في التيار الكهربائي في الفترة السابقة.
واضطرت القاهرة إلى تقنين الكهرباء للحفاظ على إمدادات الطاقة مع تناقص احتياطيات الغاز وارتفاع الطلب. وفي خضم أزمة العملة وشح الدولار، قدمت دول مثل السعودية وليبيا الدعم لمساعدتها على تمويل وارداتها من الغاز.
ويبلغ متوسط استهلاك محطات الكهرباء المصرية من الغاز قرابة 4.5 مليار قدم مكعبة يوميا خلال أشهر الصيف، كما أن المحطات تستهلك قرابة 30 ألف طن من وقود المازوت (الديزل) يوميا خلال الفترة ذاتها.
وسبق أن ردد مسؤولون على مدار الأشهر الماضية أن القاهرة تسعى إلى استيراد ما يتراوح بين 155 و160 شحنة غاز مسال خلال العام 2025.
وتعتزم الحكومة المصرية مواصلة استيراد الغاز حتى عامي 2029 و2030 لتوفير احتياجاتها، وفي تأكيد على ذلك تعاقدت الاثنين مع شركة هوغ إيفي على استئجار محطة عائمة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال لمدة عشر سنوات.
وتقدر كلفة استيراد الغاز المسال بنحو 8 مليارات دولار، وفقا لمتوسط سعر من 48 إلى 50 مليون دولار للشحنة الواحدة، وهو ما رُصد في التقرير الخاص باحتياجات مصر من شراء هذا المورد من الخارج خلال العام الحالي.
وفي فبراير الماضي تعاقدت مصر مع كل من شركتي شل وتوتال لشراء 60 شحنة غاز مسال خلال هذا العام بقيمة 3 مليارات دولار، مع الحصول على مهلة في السداد لمدة عام من تاريخ توريد كل شحنة.
وتضمن الاتفاقان توريد 5 شحنات شهريا، ويتراوح حجم الشحنة الواحدة بين 160 و165 ألف متر مكعب توفر نحو 500 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا للسوق المحلية لمدة أسبوع.
وتستورد البلاد نحو 1.2 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يوميا عبر خط غاز الأردن، ما بين شحنات غاز مسال يتمّ استقبالها على مركب تغييز العقبة، وكميات واردة من حقول في إسرائيل.
وتشير البيانات إلى أن الاحتياجات اليومية لأكبر بلد عربي من حيث عدد السكان، من الغاز الطبيعي بلغت أكثر من 6 مليارات قدم مكعبة يوميا، فيما يبلغ الإنتاج اليومي نحو 4.3 مليار قدم مكعبة.
وتستهدف الحكومة زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنهاية العام الجاري إلى نحو 5 مليارات قدم مكعبة يوميا، خاصة مع زيادة الاحتياجات اليومية لنحو 7 مليارات قدم مكعبة يوميا بأشهر الصيف.
6
مليارات قدم مكعبة الاحتياجات اليومية لمصر، فيما يبلغ الإنتاج اليومي 4.3 مليار قدم مكعبة
وناقش الطرفان خلال الاجتماع تعزيز سبل التكامل بين البلدين من حيث البنية التحتية للطاقة بما يحقق المصالح المشتركة في ضوء ما يتمتعان به من مقومات كبيرة في مجال تداول وتجارة الغاز الطبيعي المسال وأنشطة الإسالة وإعادة التغويز.
واستعرض بدوي الفرص الاستثمارية المتاحة في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات ذات القيمة المضافة والتي يمكن لقطر بحث المشاركة بها.
كما تناولت المباحثات تعزيز التعاون في مجال البحث والاستكشاف وزيادة معدلات الإنتاج في مناطق الامتياز التابعة لشركة قطر للطاقة في مصر.
وتطرقا كذلك إلى موقف خطط الحفر الخاصة بشركة قطر للطاقة وخاصة حفر البئر نفرتاري، وكايرو ومصري وشمال مراقيا بمنطقة البحر المتوسط والتي تشارك بها الشركة مع شركة إكسون موبيل الأميركية.
وأبدى الكعبي، وهو العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة أيضا، رغبة الشركة في توسيع نطاق أعمالها وزيادة استثماراتها في مجال البحث والاستكشاف في مصر.
وأتمت قطر للطاقة العام الماضي اتفاقا مع كل من شركة إيجاس المصرية وشيفرون لحصولها على جزء من حصة الشركة الأميركية يبلغ 23 في المئة بمنطقة التزام شمال الضبعة البحرية.
وكثفت مصر جهودها لتعزيز إنتاج الغاز، وقدمت عددا من الحوافز لتشجيع الشركاء الأجانب على زيادة الإنتاج، تضمنت وضع جدول زمني لسداد مستحقات الشركات الأجنبية، وزيادة أسعار شراء الغاز الجديد.
وأصبح شرق حوض المتوسط مركزا رئيسيا للاستكشاف خلال السنوات الأخيرة، بعد عدة اكتشافات للغاز الطبيعي في عامي 2009 و2010.