أوروبا تستشعر خطرا يهدد أمنها قادما من سوريا

وثيقة داخلية للاتحاد الأوروبي تحذر من أن الوضع الأمني في سوريا ينذر بعودة الجهاديين لأوروبا، إما عبر الحدود أو بتنشيط الخلايا النائمة في القارة عن بعد.
الاثنين 2025/05/12
التنظيمات الجهادية في سوريا قنبلة موقوتة تهدد أمن أوروبا

بروكسل - أظهرت وثيقة داخلية في الاتحاد الأوروبي بشأن مكافحة الإرهاب، اطلعت عليها رويترز، أن الوضع في سوريا يمكن أن يشكل مخاطر أمنية بالنسبة إلى أوروبا.

وحذرت الوثيقة من أن مستوى خطر الإرهاب داخل التكتل الأوروبي لا يزال مرتفعا.

وجاء في الوثيقة الداخلية أن "الإرهاب والتطرف العنيف يشكلان تهديدا كبيرا للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه. المستوى العام للخطر لا يزال مرتفعا".

وما يثير القلق بشكل خاص هو التقييم الذي توصلت إليه الوثيقة بشأن الوضع في سوريا، حيث أكدت أن "تطورات الوضع الأمني في سوريا يمكن أن تؤدي إلى عودة ظهور الجماعات الجهادية في المنطقة، إما انطلاقا من الأراضي السورية، تجاه أوروبا على الأرجح، وإما عبر تنشيط الجهاديين في القارة الأوروبية عن بعد".

ورغم أن الوثيقة لم تقدم تفاصيل محددة حول طبيعة هذه المخاطر الأمنية المحتملة، إلا أنها شددت بوضوح على إمكانية تأثير التحولات الجارية في المشهد الأمني السوري على أمن القارة الأوروبية.

ويُفهم من هذا التحذير أن هناك مخاوف من استغلال التنظيمات الإرهابية، مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو غيره من الجماعات المتطرفة، للظروف الأمنية المتقلبة في سوريا لإعادة بناء قوتها وتوجيه عمليات نحو أوروبا أو إلهام أفراد موجودين بالفعل في أوروبا لتنفيذ هجمات.

ولطالما شكلت الأزمة السورية، التي اندلعت في عام 2011، مصدر قلق أمني كبير لأوروبا، فقد جذبت الحرب الأهلية آلاف المقاتلين الأجانب من دول أوروبية انضموا إلى صفوف الجماعات المتطرفة، ومع انهيار "الخلافة" المزعومة لتنظيم داعش في عام 2019، عاد عدد من هؤلاء المقاتلين أو سعوا للعودة إلى أوطانهم، مما أثار تحديات أمنية وقانونية كبيرة للدول الأوروبية في التعامل معهم ومراقبتهم.

بالإضافة إلى ذلك، أدت الفوضى وعدم الاستقرار في سوريا إلى خلق ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية التي يمكن أن تخطط وتوجه عمليات إرهابية عبر الحدود. كما أن استمرار وجود أعداد كبيرة من الأفراد المتطرفين في مناطق الصراع السورية، إلى جانب إمكانية فرارهم أو إعادة انتشارهم، يمثل مصدر قلق دائم للأجهزة الأمنية الأوروبية.

وعلى الرغم من هزيمته، لا يزال تنظيم داعش يمثل تهديدا أمنيا في سوريا، خاصة في المناطق الشرقية والنائية، حيث تشن خلاياه هجمات متفرقة تستهدف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والمدنيين، وتسعى لإعادة تجميع صفوفها واستغلال الفراغات الأمنية. وقد أعلن التنظيم في 28 أبريل الماضي مسؤوليته عن قتل 5 مقاتلين أكراد في شرق سوريا، مما يؤكد استمرار نشاطه وقدرته على شن عمليات.

وتسيطر قسد، المدعومة من الولايات المتحدة، على مناطق في شمال شرق سوريا تضم آلافا من مقاتلي داعش وعائلاتهم في مخيمات مكتظة، مما يثير مخاوف أوروبية من خطر التطرف وإعادة الإحياء المحتمل للتنظيم.

وتُمثل هذه الوثيقة الداخلية المسربة بمثابة إشارة إنذار مبكر للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتحثها على توخي أقصى درجات اليقظة في جهودها المستمرة لمكافحة الإرهاب. كما تؤكد على الأهمية القصوى لمراقبة الوضع الأمني في سوريا عن كثب وتحليل التطورات المحتملة التي قد تشكل تهديدات لأمن أوروبا.

ولم يصدر الاتحاد الأوروبي هذه المسودة من الوثيقة رسميا حتى الآن، كما لم يعلق عليها بأي شكل من الأشكال، ومع ذلك، فإن تسريب هذه الوثيقة الداخلية يكشف عن القلق العميق الذي يساور المؤسسات الأمنية الأوروبية بشأن التداعيات الأمنية المحتملة للأوضاع في سوريا على القارة الأوروبية، ويؤكد على أن ملف مكافحة الإرهاب لا يزال في صدارة أولويات التكتل.