تضييقات حكومية تنتهي باستقالة جماعية للهيئة الإدارية لإحدى أعرق الجمعيات الأردنية

جمعيات تشتكي من تضييقات حكومية على نشاطها التطوعي.
الاثنين 2025/05/12
مصير مجهول يواجه النزلاء في دار الضيافة للمسنين

عمان - سلطت الاستقالة الجماعية للهيئة الإدارية لجمعية “الأسرة البيضاء”، إحدى أعرق الجمعيات الإنسانية في الأردن، الضوء على التحديات التي تواجه العمل التطوعي داخل المملكة.

وتشتكي جمعيات من تضييقات حكومية على نشاطها التطوعي، خلال السنوات الأخيرة، وتراجع مختلف أشكال الدعم، الأمر الذي بات يهدد مصير العمل الجمعياتي في المملكة.

ويسجل نشطاء في المجتمع المدني “حساسية مفرطة” من الجانب الحكومي تجاه العمل الجمعياتي، وهذا يعود في جانب منه إلى أن بعض الجمعيات تشكل غطاء لبعض القوى السياسية، على غرار جماعة الإخوان المسلمين التي تم حظرها مؤخرا.

ويستدرك هؤلاء النشطاء بالقول إن هذا الدافع يبقى غير مبرر لضرب العمل التطوعي، الذي لطالما قدم خدمات كبيرة للمجتمع الأردني، وكان داعما للدولة في الجهدين الإنمائي والإنساني.

وقدمت رئيسة جمعية “الأسرة البيضاء” هيفاء البشير، وكامل أعضاء الهيئة الإدارية للجمعية استقالة جماعية إلى وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى، بعد مسيرة دامت لعقود في رعاية كبار السن.

وجاء في بيان الاستقالة “إننا، وبعد مسيرةٍ امتدّت لأكثر من خمسة وخمسين عامًا، من العمل التطوعي الخالص لوجه الله تعالى، حيث قدّم المؤسسون، ومن بقي منهم، ومن عزّز مسيرة الجمعية من التابعين، جهدًا وعرقًا ودمًا ووقتًا، لا طلبًا لشكر، ولا سعيًا وراء جزاء، بل محبةً لهذا الوطن الغالي… نجد أنفسنا اليوم، بكل ألم، مضطرين لأن نضع بين أيديكم قرارنا هذا الذي لا رجعة عنه”.

وقالت الهيئة المستقيلة في البيان “لقد آمنا، طيلة العقود الماضية، أن خدمة الناس شرف، وأن العمل التطوعي هو أرفع درجات المواطنة… لكن حين يُصبح الصدق تهمة، والإخلاص عبئًا، والنّية الطاهرة موضع شك، فلا يبقى إلا أن نغادر ونحن نردّد: قد أدّينا ما علينا… إما أن يُسمع صوتنا أو يُطوى، فتلك ليست معركتنا، وإنما معركة الزمن وأهله.”

الجمعية نجحت على مدار العقود الماضية في جذب الشباب وإشراكهم في برامجها وورش العمل التي أقامتها ما مكنها من بناء شبكة واسعة من المتطوعين

وشدد الأعضاء على أن الاستقالة لا تمثل انسحابًا من الرسالة الإنسانية، بل تمسكًا بجوهرها، مؤكدين أن مغادرتهم للموقع لا تعني ندمًا “بل اعتزاز، ولا نحمل ضغينة، بل دعاءً لهذا الوطن أن يبقى منارةً للحق، وألّا يُطغى فيه الكفّ النقي، ولا يُزاح منه وجه الخير… ما فعلناه كان لله أولًا، وللوطن حبًا، وللحقيقة إيمانًا.”

وسبق وأن اشتكت رئيس الجمعية المستقيلة من قرارات وصفتها بـ”التعسفية” لوزيرة التنمية الاجتماعية.

وتحدثت البشير عن توقف كل أوجه الدعم التي كانت تعتمد عليه الجمعية، بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، مما جعل استمرار العمل بالشكل المعتاد أمرا صعبا.

وأكدت أن هذه الظروف، إلى جانب الاشتراطات الإجرائية التعجيزية، تحول دون استمرار الجمعية في تقديم خدماتها.

وأشارت رئيس الجمعية إلى حادث الحريق الذي وقع في ديسمبر الماضي وراح ضحيته نزلاء من “دار الضيافة للمسنين” التابع للجمعية، والذي جاء نتيجة تصرف أحد النزلاء، وهو نزيل تم تحويله من قبل وزارة التنمية الاجتماعية. ويُنظر في هذا الحادث حاليا أمام القضاء العادل.

وأكدت البشير أن الوزارة اتخذت إجراءات تعسفية ضد الجمعية عقب الحادث، دون مراعاة الجهود الكبيرة التي بذلتها الجمعية سنوات لخدمة المسنين.

وتأسست جمعية “الأسرة البيضاء” على يد مجموعة من السيدات الأردنيات لرعاية كبار السن؛ وتم تسجيل الجمعية رسميًا لدى وزارة التنمية الاجتماعية عام 1971 لتصبح واحدة من الجمعيات الرائدة داخل المملكة.

وقد نجحت الجمعية على مدار العقود الماضية في جذب الشباب، وإشراكهم في برامجها وورش العمل التي أقامتها، ما مكنها من بناء شبكة واسعة من المتطوعين، قدموا المساهمة في أنحاء مختلفة من المملكة.

سبق وأن قام العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بزيارة إلى ” دار الضيافة للمسنين”، في لفتة تقدير منهم للدعم الذي تقدمه الجمعية والهيئة الإدارية.

2