مؤتمر حزب العمال الكردستاني يلقي بظلال إيجابية في تركيا والعراق وسوريا

سير الحزب نحو حل نفسه يدعم خيار الاندماج ويهمش النزعة الانفصالية لدى الأكراد.
السبت 2025/05/10
هل انتهى الصراع فعلا

جبال قنديل (العراق)- عقد حزب العمال الكردستاني المؤتمر الخاص بدراسة حل الحزب وإلقاء السلاح ضمن مقاربة السلام مع تركيا، التي دعا لها زعيمه التاريخي عبدالله أوجلان. ولئن لم يعلن الحزب عن قرارات واضحة، إلا أن حديثه عن “قرارات تاريخية” من شأنه أن يلقي بظلال إيجابية على الدول المعنية بنشاط الحزب مثل تركيا والعراق أو التي تريد استنباط حل تفاوضي شبيه كما هو الشأن بالنسبة إلى سوريا.

ويدعم لجوء الحزب، الذي تتحصن قيادته في جبال قنديل شمال العراق، إلى الحل السياسي التفاوضي مع أنقرة، والتخلي عن النزعة الانفصالية بعد كفاح دام عقودا، خيار الاندماج لدى المكونات الكردية في دول المنطقة، وهو الخيار الذي سبق به أكراد العراق وحققوا من خلاله نتائج إيجابية لصالح المواطنين العراقيين الأكراد.

وفي حال تضمنت “القرارات التاريخية” لحزب العمال القرار بحل الحزب وإلقاء السلاح، فإنه يكون بذلك قد فتح بابا واسعا للسلام في تركيا من جهة، ومن جهة أخرى فهو يضغط عليها من أجل قطع خطوات عملية واضحة لتحقيق وعودها بتمكين الأكراد من حقوق سياسية وثقافية ولغوية (تعليم الكردية في المدارس) وتحسين مستوى العيش في مناطقهم.

عمر جليك: القضاء على التوتر من خلال حل حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه سيعزز الديمقراطية التركية
عمر جليك: القضاء على التوتر من خلال حل حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه سيعزز الديمقراطية التركية

ويشكو الأكراد من التفاف السلطات التركية على حقوقهم خاصة عبر اللجوء إلى تنحية أكراد منتخبين من مسؤوليات إدارية مثلما هو الأمر مع إقالة أعداد من رؤساء البلديات بزعم ارتباطهم بالإرهاب. لكن حل حزب العمال لنفسه ووقف عملياته المسلحة لن يتركا أيّ مبرر أمام أنقرة للإقدام على مثل هذه الخطوات.

ولا شك أن وقف العمليات المسلحة سيدفع إلى حل ما تبقى من نقاط خلاف بين بغداد وأنقرة وخاصة سحب القوات التركية من العراق، والتركيز على تنفيذ التفاهمات المشتركة في مجال تقاسم المياه والشراكة الاقتصادية، مع تعيين مبعوث تركي خاص وما يحمله من رغبة تركية في الارتقاء بالعلاقات الثنائية أمنيا واقتصاديا، مع وجود “طريق التنمية” وهو مشروع سيستفيد منه أكراد العراق، وأكراد تركيا.

ويمثل الحل السياسي التركي – الكردي انتصارا لأكراد العراق، وللزعيم الكردي التاريخي مسعود بارزاني، إذ أسس لمسار وقف الحرب وبناء نموذج حكم ذاتي موسع يفيد الأكراد ويخدم قضيتهم ودون القطيعة مع العراق، وهو النموذج الذي يأخذ به أكراد تركيا أخيرا ويستفيد منه أكراد سوريا. 

وكان لبارزاني دور في إقناع أكراد تركيا بهذا المسار وفي المساعدة على إقناع أنقرة بفتح باب الحوار، كما كان له دور في جنوح أكراد سوريا إلى الحوار مع حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع والتخلي عن خيار المواجهة العسكرية التي لا تخدمهم وقد توفر مدخلا للإضرار بمصالحهم في حال قررت دمشق المواجهة العسكرية بالتنسيق مع أنقرة.

ومن الواضح أن أكراد تركيا وسوريا قد وجدوا في تجربة أكراد العراق نموذجا يمكن الاحتذاء به للحصول على مكاسب مهمة من بوابة الحوار بعد فشل خيار المواجهة العسكرية وارتفاع تكاليفه بشريا. وذكرت وكالة فرات للأنباء المرتبطة بحزب العمال الكردستاني أن الحزب عقد مؤتمره من الخامس إلى السابع من مايو في شمال العراق. ولم تتطرق لتفاصيل عمّا إذا كان الحزب قد قرر نزع سلاحه أو حل نفسه.

ونقلت الوكالة أن “المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني اتخذ قرارات ذات أهمية تاريخية بشأن أنشطة الجماعة بناء على دعوة الزعيم آبو،” في إشارة إلى أوجلان المسجون في تركيا منذ 26 عاما. وذكرت الوكالة أنه من المقرر نشر معلومات مفصلة عن هذه القرارات “قريبا جدا.” وأعلنت بروين بولدان، عضو الوفد الكردي الذي التقى أوجلان في سجن إمرالي، عن مشاركة أوجلان في مؤتمر حزب العمال عبر تقنيات التواصل، معتبرةً أن هذا المؤتمر يمثل “محطة تاريخية في مسار القضية الكردية.”

وأصدر أوجلان، الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة، بيانا عن طريق محاميه في 27 فبراير دعا فيه حزب العمال الكردستاني إلى نزع سلاحه وحل نفسه. ولا يعرف حتى الآن ماذا سيكون مصير أوجلان، غير أن مسؤولا في حزب العدالة والتنمية الحاكم لمّح إلى أن نظام اعتقاله “سيُخفّف”، دون أن يتطرّق إلى إمكان إطلاق سراحه، بحسب “صحيفة تركيا” الموالية للحكومة.

◙ الحل التركي - الكردي انتصار لأكراد العراق، ولمسعود بارزاني، الذي تبنى خيار السلام وبناء نموذج حكم ذاتي موسع

وقال المسؤول “ستُتخذ بعض التدابير الإدارية. سيُعيّن ضابط لمساعدته في (سجن) إمرالي. ستُخّفف ظروف الاعتقال (…) ستزداد كذلك وتيرة اجتماعاته مع حزب المساواة وديمقراطية الشعوب وعائلته.” ولفت أيضا إلى أن الزعيم الكردي الذي يحظى باحترام كبير لدى أنصار حزبه، يخشى على حياته في حال خرج من السجن و”يعلم أنه سيواجه مشكلة أمنية حين يخرج.” وأعلن حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار في مارس بعد دعوة أوجلان لنزع السلاح.

وقالت أيسيغول دوغان المتحدثة باسم حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب للصحافيين بعد اجتماع لمجلس الحزب التنفيذي “هذه الفرصة التاريخية يجب أن تصبح دائمة، يجب التخلي عن السلاح وإحلال الحوار محله.” ولعب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب دورا رئيسيا في صدور دعوة أوجلان العلنية لحزب العمال الكردستاني الذي يتزعمه. وقام الحزب بزيارات إلى أوجلان في سجنه بجزيرة بالقرب من إسطنبول، وأجرى منذ ذلك الحين محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولين حكوميين آخرين سعيا لدفع عملية السلام المحتملة.

ويرفع حزب العمال الكردستاني راية التمرد في وجه الدولة التركية منذ عام 1984، لاسيما في جنوب شرق البلاد. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال عمر جليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان إن القضاء على التوتر من خلال حل حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه سيعزز الديمقراطية التركية.

وأضاف جليك “كل خطوة ملموسة تتخذها المنظمة الإرهابية نحو إنهاء الإرهاب وحل نفسها وإلقاء السلاح ستقود إلى ردود وخطوات إيجابية جديدة.” ومضى يقول “من المهم للغاية أن تعلن المنظمة الإرهابية قرار حل نفسها وإلقاء السلاح في أقرب وقت ممكن.”

1