نمو أكبر من المتوقع لصادرات الصين رغم التقلبات العالمية

بكين تعيد توجيه مسار تجارتها إلى جنوب شرق آسيا للتخفيف من أثر رسوم أميركية تصل إلى 145 في المئة.
السبت 2025/05/10
لا شيء يوقف تجارتنا

بكين- سجلت الصادرات الصينية ارتفاعا الشهر الماضي رغم الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وفق ما أظهرته بيانات رسمية الجمعة، وذلك قبيل محادثات تهدف إلى خفض حدة الأزمة بين أكبر اقتصادين في العالم.

ورأى خبراء أن ارتفاع النمو بنسبة 8.1 في المئة، والذي فاق التوقعات، يشير إلى أن بكين تعيد توجيه مسار تجارتها إلى جنوب شرق آسيا للتخفيف من أثر رسوم أميركية تصل إلى 145 في المئة على سلعها الموردة إلى السوق الأميركية.

وتراجعت التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم مذ فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب التعريفات الجمركية، وتصل بعض الرسوم التراكمية إلى 245 في المئة، فيما ردت الصين بفرض رسوم بنسبة 125 في المئة إضافة إلى تدابير أخرى. وكان الارتفاع السنوي في الصادرات خلال أبريل أعلى بكثير من توقعات المحللين الذين استطلعت بلومبيرغ آراءهم الشهر الماضي وبلغت اثنين في المئة.

وأظهرت بيانات مكتب الجمارك الصيني أن الصادرات إلى تايلاند وإندونيسيا وفيتنام ارتفعت بمعدلات ذات أرقام مزدوجة، في ما وصفه أحد المحللين بـ”إعادة تموضع هيكلي” للتجارة. وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 17.6 في المئة على أساس شهري.

وكتب المحلل ستيفن إينس من شركة أس.بي.آي لإدارة الأصول في مذكرة أن “سلاسل التوريد العالمية يعاد توجيهها فعليا في الوقت الحقيقي.” وأضاف أن “فيتنام تبدو في طريقها لأن تصبح منفذا خارجيا للصين لتصدير السلع الموجهة نحو السوق الأميركية.” وتابع موضحا أن “العملاق الصناعي الصيني يعيد توجيه تدفقات الإنتاج نحو مناطق لا تطاله فيها تداعيات الرسوم الجمركية.”

وشهدت الأسواق العالمية تقلبات منذ أن أطلق ترامب حرب الرسوم الجمركية الهادفة بحسب البيت الأبيض إلى إعادة عمليات التصنيع إلى الولايات المتحدة. وفيما جمّد ترامب لمدة 90 يوما العديد من الرسوم الأكثر عبئا، ظلت الرسوم المفروضة على الصين قائمة.

8.1

في المئة نمو الصادرات في أبريل ارتفاعا من توقعات المحللين عند اثنين في المئة فقط

لكن الأسواق شهدت انتعاشا مدفوعا بالتفاؤل إزاء اجتماعات مقررة في جنيف نهاية الأسبوع بين مسؤولين أميركيين وصينيين، في أول محادثات بين القوتين الاقتصاديتين منذ بدء حرب ترامب التجارية.

وتقول واشنطن إنها تأمل أن تسهم هذه المحادثات في “نزع فتيل” التوترات، بينما تعهدت بكين بالتمسك بمواقفها والدفاع عن مصالحها. وعزا تشيوي تشانغ رئيس شركة بينبوينت لإدارة الأصول وكبير الاقتصاديين فيها، ارتفاع الصادرات بشكل فاق التوقعات إلى “إعادة الشحن عبر دول أخرى.” ولكنه أشار أيضا إلى “عقود تجارية تم توقيعها قبل الإعلان عن الرسوم الجمركية.” وتوقع أن “تسجل بيانات التجارة تراجعا في الأشهر القليلة القادمة.”

وكانت الواردات أيضا موضع مراقبة باعتبارها مقياسا رئيسيا للطلب الاستهلاكي في الصين والذي ظل بطيئا. وتجاوزت الواردات بدورها التوقعات، إذ انخفضت بنسبة 0.2 في المئة مقارنة مع انخفاض بنسبة 6 في المئة كان المحللون يتوقعونه.

وأعلن أصحاب القرار في الصين هذا الأسبوع تخفيف أدوات السياسة النقدية الرئيسية بهدف تحفيز النشاط المحلي. وشملت تلك الإجراءات خفض أسعار الفائدة وتدابير تهدف إلى خفض المبلغ الذي يتعين على البنوك الاحتفاظ به كاحتياطي سعيا لتعزيز الإقراض. والأزمة المستمرة في قطاع العقارات الصيني، الذي كان في السابق محركا رئيسيا للنمو، لا تزال ترخي بثقلها على الاقتصاد.

وفي مسعى لمساعدة القطاع قال رئيس البنك المركزي الصيني بان غونغشينغ إن “البنك سيخفض سعر الفائدة على مشتريات المنازل لأول مرة بشروط قرض على مدى خمس سنوات من 2.85 في المئة إلى 2.6 في المئة.”

وتمثل هذه الإجراءات بعضا من أهم الخطوات التي اتخذتها الصين لتعزيز الاقتصاد منذ سبتمبر الماضي من أجل تحفيز ثاني أكبر اقتصاد في العالم. لكن المحللين أشاروا إلى استمرار الافتقار إلى أموال التحفيز الفعلية اللازمة لإعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح، وهي مهمة تعقدت بسبب الرياح التجارية المعاكسة مع واشنطن.

وقال الخبير البارز لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في ناتيكسيس غاري نغ لوكالة فرانس برس “حتى لو تم خفض الرسوم اعتمادا على نتائج محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، فإن حالة الإرباك المتواصلة ستستمر في تسريع عملية الانفصال الهيكلي.”

10