مؤسسات جزائرية تتخلّى عن الفرنسية وتستبدلها بالعربية والإنجليزية

الجزائر - قررت مؤسسات جزائرية التخلي رسميا عن استخدام اللغة الفرنسية في الوثائق والمكاتبات الإدارية، والاعتماد حصرا على العربية والإنجليزية، في خطوة تعزز مسار خروج الفرنسية من التقاليد الإدارية بالبلاد.
ويربط مختصون التوجه الجزائري الرسمي الجديد تجاه اللغة الفرنسية، مع البرنامج الانتخابي للرئيس عبدالمجيد تبون، حيث تعهد بأن يجعل اللغة الإنجليزية اللغة الثانية في البلاد بعد العربية، وكشفت دراسة للمجلس الأعلى للغة العربية في الجزائر عن احتمال زوال اللغة الفرنسية نهائيا من الجزائر بحلول عام 2050، وتوقعت الدراسة أن تصبح الإنجليزية اللغة الأجنبية الأولى في الجزائر عام 2050، تليها الإسبانية والروسية، مع عودة تصدر اللغة العربية في البلاد.
وأعلن الاتحاد الجزائري لكرة القدم في بيان الخميس أنه طلب من جميع الروابط التابعة له “تعريب” أنشطتها.
وكشف الاتحاد عن مراسلة رسمية مؤرخة في 7 مايو الجاري، بتوقيع الأمين العام لاتحاد الكرة الجزائري نذير بوزناد.
الفرنسية تعتبر أداة ناعمة للنفوذ الثقافي الفرنسي في الجزائر، وبدأ مسار التخلص منها تدريجيا منذ عام 2019
وطلب الاتحاد من الروابط التابعة له “تعريب محاضر لجان الانضباط وتعيينات التحكيم والبرمجة ولجنة الطعون، وكذا المراسلات الموجهة لمختلف الهيئات والشركاء، وذلك في أقرب وقت ممكن.”
وأشار إلى أن التعريب سيكون “إجباريا على مستوى كل الروابط في الموسم الرياضي المقبل 2025 – 2026.”
ويأتي ذلك تتويجا لمخرجات اجتماع المكتب الفيدرالي المنعقد بتاريخ 30 أبريل الماضي، وفق البيان.
كما يأتي عقب قرار حكومي الشهر الماضي، يقضي بتدريس الطب في الجامعات الجزائرية باللغة الإنجليزية بدءا من العام الدراسي المقبل.
ووصف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون التحول من تدريس الطب بالفرنسية نحو الإنجليزية بـ”الصائب”.
وبدورها أعلنت شركة “سيال” الحكومية للمياه في العاصمة الجزائر إطلاق صيغة جديدة لفاتورة المياه باللغتين العربية والإنجليزية، بعدما كانت تصدرها بالفرنسية.
و”سيال” هي شركة عامة لتوزيع المياه بالعاصمة ومحافظة تيبازة على الساحل، خضعت لتسيير فرنسي من عام 2006 حتى 2021، بموجب عقد شراكة مع مجمع “سيوز” الفرنسي.
وفي سبتمبر 2021 أعلنت السلطات الجزائرية عدم تجديد عقد الشركة الفرنسية التي طالتها اتهامات بالتقصير والفشل في أداء مهامها.
وبررت “سيال”، في بيان الأربعاء، الخطوة بأنها تدخل “في إطار مساعيها لتحديث خدماتها وتعزيز تواصلها مع الزبائن.”
وقالت إنها ستشرع “اعتبارا من الأربعاء في إصدار أكثر من 5 ملايين فاتورة سنوياً بالشكل الجديد.”
وذكرت أن الفاتورة ثنائية اللغة تهدف إلى “تسهيل فهم المعلومات من الشركاء الأجانب والمنصات الرقمية، مع الحفاظ على اللغة العربية كلغة أساسية للتواصل مع المواطنين.”
وأوضحت أن إدراج اللغة الإنجليزية في الفاتورة يمثل “خيارا إستراتيجيا” يعكس انفتاح المؤسسة على المعايير الدولية.
وتشير هذه الإجراءات إلى عزم الجزائر على مواصلة مسار التخلي عن الفرنسية في سلكي الإدارة والتعليم، بالتوازي مع تدهور كبير في العلاقات الثنائية مع باريس، وصل إلى حد سحب السفراء وطرد متبادل لعدد من الدبلوماسيين، في ظل استمرار الخلافات بشأن ملفات الذاكرة والتاريخ الاستعماري.
وتوصف الفرنسية بأنها أداة ناعمة لاستمرار النفوذ الثقافي الفرنسي في الجزائر، وبدأ مسار التخلص منها تدريجيا منذ عام 2019.
واعتبر وزير الداخلية الفرنسي برينو روتايو في تصريحات سابقة أن أحد أسباب الأزمة مع الجزائر هو رغبتها في التخلي عن الفرنسية لصالح الإنجليزية في المدارس.
في عام 2015 سارعت وزارة الدفاع الجزائرية إلى استبدال لافتة مقرها في الجزائر العاصمة المكتوبة باللغة الفرنسية، حيث وضعت مكانها أخرى مكتوبة باللغة الإنجليزية والعربية
وسحبت الجزائر في يوليو 2024 سفيرها من باريس على خلفية تبني الأخيرة مقترح حكم ذاتي لحل النزاع في الصحراء المغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة بوليساريو الانفصالية.
ومنذ عقود يتنازع المغرب وجبهة بوليساريو بشأن السيادة على الصحراء المغربية، وبينما تقترح الرباط حكما ذاتيا موسعا في الإقليم تحت سيادتها، تدعو الجبهة إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر.
وتفاقمت الأزمة بين الجزائر وباريس بعد اعتقال السلطات الجزائرية للكاتب الجزائري – الفرنسي بوعلام صنصال، عقب تصريحاته التي اعتبرت مساسا بالسيادة الجزائرية.
وتسجل المدارس الجزائرية أكثر من عشرة ملايين تلميذ في المراحل التعليمية الثلاث، منهم ستة ملايين من السنة الأولى إلى غاية الخامسة، يدرسون اللغة الفرنسية كلغة أجنبية وحيدة بعد العام الثالث.
وفي عام 2015 سارعت وزارة الدفاع الجزائرية إلى استبدال لافتة مقرها في الجزائر العاصمة المكتوبة باللغة الفرنسية، حيث وضعت مكانها أخرى مكتوبة باللغة الإنجليزية والعربية، وهي الخطوة التي اعتبرها البعض مفاجئة وبمثابة إعلان رسمي لهذه المؤسسة السيادية عن قطيعتها مع الفرنسية. وفي عام 2018 قامت مؤسسة بريد الجزائر الحكومية بإلغاء استعمال اللغة الفرنسية في جميع وثائقها الرسمية واستخدمت اللغة العربية.
وأظهرت نتائج استفتاء إلكتروني، أطلقته العام الماضي وزارة التعليم العالي، حول استبدال لغة التدريس والمناهج من اللغة الفرنسية إلى اللغة الإنجليزية، عن رغبة 80 في المئة من طلبة الجامعة اعتماد اللغة الإنجليزية بدل الفرنسية، كما أطلقت الحكومة قناة تلفزيونية تعليمية جديدة، وحددت ثلاث لغات فقط لتدريس الطلاب وهي العربية والإنجليزية والصينية، كما أعلنت عن إلغاء مادة الفرنسية من امتحانات الترقية المهنية لأول مرة منذ استقلال البلاد.