التمويل القطري لرواتب القطاع العام ينعش آمال السوريين في تحسن أوضاعهم المعيشية

دمشق- أنعشت خطوة قطر بتمويل رواتب القطاع العام في سوريا، آمال السوريين في تحسن أوضاعهم المعيشية بعد سنوات طويلة من الإنهاك والاستنزاف جراء الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد، وما خلفته من أزمة اقتصادية ومالية خانقة، يصعب احتواؤها على المدى المتوسط.
وتعهدت قطر، وهي من أبرز الداعمين الإقليميين للقيادة السورية الحالية، بمساعدة دمشق في الإيفاء بتعهداتها لجهة ترفيع أجور العاملين في القطاع العام، لكنها بقيت مترددة في اتخاذ أي إجراء دون موافقة واشنطن، التي فرضت عقوبات على سوريا خلال عهد الرئيس السابق بشار الأسد.
وكشفت مصادر مطلعة الأسبوع الجاري أن الإدارة الأميركية منحت أخيرا الضوء الأخضر لقطر لتقديم الدعم للحكومة السورية، في خطوة تشير إلى تخفيف واشنطن لموقفها من السلطة الجديدة في دمشق في وقت تحركت فيه الدول الأوروبية بوتيرة أسرع لتخفيف عقوباتها.
وأعلن وزير المالية السوري محمد برنية تلقي سوريا منحة من قطر لتسديد جزء من أجور القطاع العام، على ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية، مضيفا أن الخزانة الأميركية أعطت الدوحة استثناء من العقوبات بهدف تسهيل العملية. وشكر برنية في بيان نشرته الوكالة (سانا) في وقت متأخر ليل الأربعاء الحكومة القطرية على المنحة “المقدمة لتسديد جزء من فاتورة الأجور والرواتب الحالية، والبالغة 29 مليون دولار أميركي شهريا لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد.”
◙ الإدارة الأميركية منحت الضوء الأخضر لقطر لتقديم الدعم للحكومة السورية في خطوة تشير إلى تخفيف واشنطن لموقفها من السلطة الجديدة
وأوضح الوزير السوري أن “المنحة ستغطي رواتب العاملين في قطاع الصحة وقطاع التعليم وقطاع الشؤون الاجتماعية والمتقاعدين من غير العسكريين.” وأشار إلى أنه “تم استثناء المنحة من العقوبات الأميركية”، شاكرا “وزارة الخزانة الأميركية على سرعة الاستجابة لتسهيل المنحة.” وأضاف “هي خطوة نأمل أن تلحقها خطوات أخرى لتعزيز الثقة ونحو المزيد من الإجراءات لتخفيف العقوبات.”
وبحسب المصادر، فإن التمويل مشروط وتقتصر الاستفادة منه على الموظفين المدنيين في القطاع العام مع استبعاد وزارتي الداخلية والدفاع، فيما يعكس استمرار المخاوف الغربية من التاريخ المتشدد لحكام سوريا الحاليين الذين يعيدون تشكيل القوات الأمنية والعسكرية.
وتطالب السلطات الجديدة في دمشق منذ توليها الحكم، المجتمع الدولي برفع العقوبات المفروضة على قطاعات ومؤسسات رئيسية في البلاد منذ اندلاع النزاع في 2011، وتعتبرها خطوة أساسية لتعافي الاقتصاد والشروع في مرحلة إعادة الإعمار. وتعدّ قطر داعما أساسيا للسلطات الجديدة في سوريا، وكانت ثاني دولة بعد تركيا تعيد فتح سفارتها في دمشق بعد سقوط حكم بشار الأسد في ديسمبر بعد حرب مدمرة استمرت 14 عاما.
وكان مصدر دبلوماسي أفاد في يناير بأن قطر تدرس خططا مع الإدارة السورية الجديدة لتوفير أموال لزيادة أجور القطاع العام. وقال وزير المالية السوري الأربعاء إن المنحة القطرية “ستدار من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهي تغطي قرابة خمس فاتورة الأجور والرواتب الحالية.” وأضاف “نحن ماضون بالإصلاح المالي لتعزيز النزاهة والثقة بمنظومتنا المالية.”
وخففت بعض الدول الأوروبية والغربية جزءا من العقوبات عن سوريا، بينما ربطت واشنطن تخفيف عقوباتها بالتأكد من إحراز تقدم في عدة ملفات تشكّل أولويات بالنسبة لها، من بينها اتخاذ إجراءات ضد "الإرهاب." واعتبر الرئيس السوري أحمد الشرع الأربعاء خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس أن بقاء العقوبات الاقتصادية ليس "مبررا."
وقال الشرع "هذه العقوبات وضعت على النظام السابق بسبب الجرائم التي ارتكبها وقد زال هذا النظام، وزوال النظام يجب أن تزول معه هذه العقوبات، وليس هناك أي مبرر لبقاء العقوبات." وكتب وزير الخارجية أسعد الشيباني من جهته أن الزيارة إلى باريس شكّلت "نقطة تحول في ملف رفع العقوبات المفروضة على سوريا."