المكاسب الأميركية تحرك زمام عودة الغاز الروسي إلى أوروبا

التكتل قد يواجه ضغوطا للعدول عن خططه المقررة.
الجمعة 2025/05/09
لا تغلقوا الصنبور

تعمل الولايات المتحدة على أخذ زمام المبادرة في عملية استئناف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا مدفوعة بالمكاسب المتعددة التي يمكن أن تحققها خلال المرحلة المقبلة، في وضع قد يساعد موسكو على زيادة الإيرادات مقابل معارضة من التكتل لخطوة لا تخدم توجهاتها.

موسكو - كشفت مصادر الخميس أن مسؤولين أميركيين وروس أجروا مناقشات حول دور الولايات المتحدة في مسار إحياء مبيعات الغاز الروسي إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، في ظل حالة من الجمود التي تخيم على علاقات التكتل مع موسكو في مجال الطاقة.

وخفضت أوروبا وارداتها من الغاز الروسي عقب غزو موسكو لأوكرانيا عام 2022، وهي الخطوة التي شهدت تكبد شركة غازبروم الروسية المُصدّرة لها خسارة قدرها 7 مليارات دولار في العام التالي.

ويسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاهدًا لتحقيق السلام في أوكرانيا، ما يزيد من احتمالات تحسن العلاقات في مجال الغاز.

وقالت مصادر مطلعة على المناقشات الثنائية إن “منح موسكو دورًا متجددًا في سوق الغاز بالاتحاد الأوروبي قد يُسهم في ترسيخ اتفاق سلام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.”

ورغم أن معظم أوروبا سعت إلى مصادر بديلة، إلا أن بعض المشترين ما زالوا موجودين، ويقول مسؤولو الصناعة إن المزيد منهم قد يعودون بمجرد التوصل إلى اتفاق سلام.

أما بالنسبة إلى روسيا، فلم يُلحق أيّ ضرر باقتصادها أشد من فقدانها معظم سوق الغاز الأوروبية قبل ثلاث سنوات.

وتُوفّر روسيا الآن 19 في المئة من طلب أوروبا، بانخفاض عن 40 في المئة، ويتكوّن معظمه من الغاز الطبيعي المسال، وبعضه يُنقل عبر تركيا عبر خط أنابيب ترك ستريم.

وقد يُساعد انخراط واشنطن في استعادة مبيعات الغاز موسكو على تجاوز المعارضة السياسية في معظم أنحاء أوروبا.

دميتري بيسكوف: نعلم أن بعض دول أوروبا لا تزال ترغب  في شراء غازنا
دميتري بيسكوف: نعلم أن بعض دول أوروبا لا تزال ترغب في شراء غازنا

وأفاد مصدران دبلوماسيان ومصدر في البيت الأبيض بأنّ انخراط الولايات المتحدة سيفيدها أيضًا، باعتباره يمنحها رؤيةً واضحة، وربما بعض السيطرة، على كمية الغاز الروسي المُعاد إلى أوروبا.

ومنذ عام 2022، لجأت أوروبا إلى مُورّدي غاز آخرين، بما في ذلك صادرات الولايات المتحدة والجزائر من الغاز الطبيعي المسال.

وأفاد مصدران بأنّ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ومبعوث بوتين للاستثمار، كيريل دميترييف، أجريا محادثات حول الغاز في إطار محادثات السلام الأوكرانية.

ورفض المتحدث باسم ويتكوف التعليق عندما سُئل عمّا إذا كان قد ناقش مسألة صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا. وقال صندوق الاستثمار المباشر الروسي، الذي يرأسه دميترييف، في بيان لرويترز”لا توجد حاليًا مثل هذه المناقشات.”

وصرح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، لمجلة “لو بوان” الفرنسية في أبريل الماضي، بأن غازبروم ستدرس بيع الغاز إلى أوروبا إذا تولى مالك جديد إدارة شبكة الغاز بين روسيا وأوروبا.

وعلى طول الطريق العابر لبحر البلطيق، تسيطر غازبروم على خطي الأنابيب التوأمين نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2، بدعم من شركات أوروبية تملك حصصًا فيهما.

وأكد بيسكوف في مقابلة مع “لو بوان” أن موسكو مستعدة لتداول غازها، وتعلم أن بعض الدول الأوروبية لا تزال ترغب في شرائه. وقال للصحافيين في أبريل “هناك بائع غاز، وهناك مشترون محتملون.”

ومن الدول التي لا تزال تشتري الغاز، المجر وسلوفاكيا، اللتين تستقبلان الغاز عبر خط أنابيب ترك ستريم، بينما تحصل بلجيكا وفرنسا وهولندا وإسبانيا على الغاز الطبيعي المسال من شركة نوفاتيك الروسية بموجب عقود طويلة الأجل.

وفيما يتعلق بكيفية مشاركة الأميركيين، أفادت المصادر بأن المحادثات حتى الآن ناقشت حصول مستثمرين أميركيين على حصص في خط أنابيب نورد ستريم الذي يربط روسيا بألمانيا، أو في خط الأنابيب الذي يعبر أوكرانيا، أو في غازبروم نفسها.

وأوضحت أن شركات أميركية قد تكون أيضًا من المشترين، حيث تشتري الغاز من غازبروم وتشحنه إلى أوروبا، بما في ذلك ألمانيا.

وقال مصدران إن “المحادثات الدبلوماسية التي تضم مستثمرين أميركيين محتملين بحثت أيضًا فكرة أن يشتري مشترٍ أميركي الغاز الروسي ثم يصدّره إلى أوروبا كوسيلة لتخفيف المعارضة السياسية الأوروبية لاستئناف الإمدادات.”

وتمتلك بلاك روك وفانغارد وكابيتال جروب حصصًا تتراوح بين واحد واثنين في المئة في شركة غازبروم.

وأعربت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين عن معارضتها للعودة إلى إمدادات الطاقة الروسية. وقالت أثناء جلسة للبرلمان الأوروبي الأربعاء “لا يزال البعض يقول إنه يجب علينا إعادة فتح صنبور الغاز والنفط الروسيين.”

وأضافت “سيكون هذا خطأً تاريخيًا، ولن نسمح بحدوثه أبدًا.” وتابعت “لقد أثبتت روسيا مرارًا وتكرارًا أنها ليست موردًا موثوقًا به.”

وتريد بروكسل حظر صفقات الغاز الروسية الجديدة بحلول نهاية عام 2025، وحظر الواردات بموجب الصفقات القائمة بحلول نهاية عام 2027.

وستتطلب الخطة، التي ستُناقش الشهر المقبل، موافقة البرلمان الأوروبي وأغلبية الدول الأعضاء. وقد أعربت المجر وسلوفاكيا عن معارضتهما لهذه الخطوة.

مقترحات حول امتلاك مستثمرين أميركيين حصصا في خط نورد ستريم أو في الخط العابر لأوكرانيا أو في غازبروم

ويأمل ترامب في التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا قريبًا، ويتوقع أن يُمهّد ذلك الطريق لموسكو وكييف لإقامة علاقات تجارية واسعة مع الولايات المتحدة.

وصرّح بوتين بأن روسيا مستعدة لاستئناف صادرات الغاز إلى أوروبا فورًا إذا توفرت الإرادة السياسية لذلك.

ووقّعت كييف وواشنطن اتفاقية معادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا أواخر أبريل، تشمل جميع أصول الموارد الطبيعية والبنية التحتية المملوكة للحكومة الأوكرانية، لكنهما لم تُشيرا صراحةً إلى خط الأنابيب.

وقال مصدر مطلع على المناقشات إنه “إذا استمر هذا المستوى من التعاون بين روسيا والولايات المتحدة، فمن المرجح جدًا أن تُستأنف تدفقات الغاز الروسي… بمشاركة وسطاء أميركيين”.

وأكد مصدران آخران أن غازبروم، الحريصة على استئناف مبيعاتها الأوروبية، تدرس تقديم عقود قصيرة الأجل لمدة 24 شهرًا وخصومات كبيرة على الأسعار للزبائن الألمان. وأشارا إلى أنها دأبت على طلب عقود تمتد لعقود.

ومع ذلك، لا يزال التكتل يعارض المشروع على نطاق واسع، وهناك عقبات أخرى يجب تجاوزها. فهناك العديد من القضايا القانونية المعلقة بشأن انتهاكات العقود القديمة.

وتضررت خطوط أنابيب نورد ستريم في هجوم تخريبي في سبتمبر 2022. وتمزقت ثلاثة من الأنابيب الأربعة، ولم يتبقَّ سوى أنبوب واحد قادر على ضخ الغاز.

كما غيّرت الحرب في أوكرانيا الوضع، حيث ألحقت الهجمات الروسية أضرارًا بخطوط الأنابيب التي تعبر أوكرانيا، على الرغم من أن طريق النقل الرئيسي لا يزال يعمل.

وهناك مسألة أكثر تقنية تتمثل في أن نورد ستريم 2 لم يحصل أيضًا على موافقة الحكومة الألمانية لبدء إرسال الغاز إلى ألمانيا، وفقًا لما ذكره متحدث باسم وزارة الاقتصاد والطاقة الألمانية، رافضًا الإدلاء بالمزيد من التعليقات.

Thumbnail
10