خطة أميركية - إسرائيلية لما بعد الحرب في غزة: حكومة مؤقتة بقيادة واشنطن

تشكيل سلطة مؤقتة بقيادة أميركية هو أحد الخيارات المطروحة لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، لكن هذا الخيار ينطوي على مخاطر كبيرة، حيث من الممكن ألا يجد قبولا بين الغزيين، وأن ينظر إلى هذه السلطة على أنها قوة احتلال، كما حصل سابقا في العراق.
غزة- تجري خلف الأبواب المغلقة في واشنطن وتل أبيب وعواصم أخرى نقاشات مستمرة حول مرحلة ما بعد الحرب في غزة، والخيارات التي من الممكن المضي فيها، على الرغم من تعمد إسرائيل الإيحاء بأنها حسمت موقفها لجهة السيطرة الكلية على القطاع.
وكشف خمسة أشخاص مطلعين على الأمر أن الولايات المتحدة وإسرائيل ناقشتا إمكان قيادة الولايات المتحدة لإدارة مؤقتة في غزة بعد الحرب.
وأفادت المصادر بأن المشاورات “رفيعة المستوى” تركزت على تشكيل حكومة انتقالية برئاسة مسؤول أميركي، تشرف على غزة إلى أن يصبح القطاع منزوع السلاح ومستقرا وظهور إدارة فلسطينية قادرة على العمل.

إسماعيل الثوابتة: على الشعب الفلسطيني في غزة اختيار حكامه
وقالت المصادر الخمسة إن المناقشات، التي لا تزال أولية، تشير إلى أنه لن يكون هناك جدول زمني محدد لمدة بقاء إدارة من هذا القبيل بقيادة الولايات المتحدة، إذ سيعتمد الأمر على الوضع على الأرض.
وشبهت المصادر المقترح بسلطة التحالف المؤقتة في العراق التي أنشأتها واشنطن عام 2003، بعد وقت قصير من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والذي أطاح بالرئيس الراحل صدام حسين. وقد أدلت المصادر بحديثها شريطة عدم الكشف عن هويتها لكونها غير مخولة بمناقشة المحادثات علنا.
وكان العديد من العراقيين ينظرون إلى هذه السلطة على أنها قوة احتلال، ونقلت السلطة إلى حكومة عراقية مؤقتة عام 2004 بعد فشلها في احتواء تمرد متنام.
وأضافت المصادر أن دولا أخرى ستُدعى للمشاركة في السلطة التي تقودها الولايات المتحدة في غزة، دون تحديد هذه الدول.
وقالت إن الإدارة ستستعين بتكنوقراط فلسطينيين، لكنها ستستبعد حركة حماس والسلطة الفلسطينية التي تتمتع بسلطة محدودة في الضفة الغربية المحتلة.
وأشعلت حماس، التي تحكم غزة منذ 2007، فتيل الحرب الحالية عندما اقتحم مسلحون منها تجمعات سكنية بجنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، وهو ما تسبب في مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واقتياد 251 آخرين رهائن إلى القطاع.
وأفادت المصادر بأنه لم يتضح بعد ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق. وأضافت أن المناقشات لم تحرز تقدما إلى حد تحديد من سيتولى الأدوار الأساسية.
ولم تحدد المصادر الطرف الذي قدم الاقتراح، ولم تقدم المزيد من التفاصيل عن المحادثات.
وردا على أسئلة رويترز عما إذا كانت هناك مناقشات مع إسرائيل بشأن سلطة مؤقتة بقيادة الولايات المتحدة في غزة، لم يعلق متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بشكل مباشر قائلا إنه لا يستطيع التحدث عن المفاوضات الجارية.
وقال المتحدث “نريد السلام، والإفراج الفوري عن الرهائن،” مضيفا “لا تزال ركائز نهجنا ثابتة: الوقوف مع إسرائيل والدفاع عن السلام.”

جدعون ساعر: مصلحتنا الوحيدة في قطاع غزة هي الأمن
وفي مقابلةٍ أجريت في أبريل مع قناة سكاي نيوز عربية قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إنه يعتقد أن هناك “فترة انتقالية” بعد انتهاء الصراع تشرف فيها على غزة هيئة دولية تضم “دولا عربية معتدلة” ويعمل الفلسطينيون تحت إشرافها.
وأضاف ساعر “لا نسعى للسيطرة على الحياة المدنية لسكان غزة. مصلحتنا الوحيدة في قطاع غزة هي الأمن،” دون أن يسمي الدول التي يعتقد أنها ستشارك.
ورفض إسماعيل الثوابتة، مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة الذي تديره حماس، فكرة وجود إدارة بقيادة الولايات المتحدة أو أي حكومة أجنبية، قائلا إن على الشعب الفلسطيني في غزة اختيار حكامه.
ولم ترد السلطة الفلسطينية على طلب للتعليق.
ويرى محللون أن سلطة مؤقتة بقيادة الولايات المتحدة في غزة ستجر واشنطن بقدر أكبر إلى الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وستمثل أكبر تدخل لها في الشرق الأوسط منذ غزو العراق.
وقال مصدران إن مثل هذه الخطوة ستحمل في طياتها مخاطر كبيرة تتمثل في رد فعل قوي من حلفائها وخصومها في الشرق الأوسط، إذا اعتُبرت واشنطن قوة محتلة في غزة.
واقترحت الإمارات -التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 2020- على الولايات المتحدة وإسرائيل تشكيل تحالف دولي للإشراف على إدارة غزة بعد الحرب. وربطت أبوظبي مشاركتها بإشراك السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب، وإيجاد مسار موثوق نحو إقامة دولة فلسطينية.
ولم تجب وزارة الخارجية الإماراتية على أسئلة حول ما إذا كانت ستدعم إدارة بقيادة أميركية لا تشمل السلطة الفلسطينية.
وترفض القيادة الإسرائيلية، بمن في ذلك بنيامين نتنياهو، رفضا قاطعا أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، وتتهمها بمعاداة إسرائيل. ويعارض نتنياهو أيضا السيادة الفلسطينية.
المقترح شبيه بسلطة التحالف المؤقتة في العراق التي أنشأتها الولايات المتحدة عام 2003، في أعقاب غزو البلاد
وقال نتنياهو الاثنين إن إسرائيل ستوسع هجماتها على غزة مع نقل المزيد من سكان غزة، في خطوة أثارت ردود فعل دولية رافضة.
ولا تزال إسرائيل تسعى لاستعادة 59 رهينة محتجزة في القطاع. ووفقا لبيانات وزارة الصحة في غزة، أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع عن مقتل أكثر من 52 ألف فلسطيني حتى الآن.
ودعا بعض أعضاء ائتلاف نتنياهو اليميني علنا إلى ما وصفوه بالهجرة الجماعية “الطوعية” للفلسطينيين من غزة، وإلى إعادة بناء مستوطنات يهودية داخل القطاع الساحلي.
لكن خلف الأبواب المغلقة يدرس بعض المسؤولين الإسرائيليين أيضا مقترحات بشأن مستقبل غزة، والتي تقول مصادر إنها تفترض عدم حدوث نزوح جماعي للفلسطينيين من القطاع، مثل اقتراح الإدارة المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة.
وذكرت أربعة مصادر، منها دبلوماسيون أجانب ومسؤولون إسرائيليون سابقون مطلعون على الأمر، أن من بين هذه المقترحات قصر إعادة الإعمار على مناطق أمنية محددة وتقسيم القطاع وإقامة قواعد عسكرية دائمة.