الجزائر تؤجج التوتر مع فرنسا بملاحقة صاحب 'حوريات' قضائيا

الخارجية الفرنسية تقول إنها تلقت اخطارا بإصدار الجزائر مذكرتي توقيف دوليتين بحق الكاتب الفرنسي الجزائري كمال داود.
الأربعاء 2025/05/07
كثيرون يعتبرون ملاحقة الجزائر لكمال داود قضائيا محاولة للتضييق على الحريات

باريس – تلقت باريس اخطار بأن القضاء الجزائري أصدر "مذكرتي توقيف دوليتين" بحق الكاتب الفرنسي من أصل جزائري كمال داود، وفق ما ذكرت وزارة الخارجية الأربعاء، بينما يشكل هذا التحرك جرعة توتر إضافية في مسار علاقات ملغومة لم تغادر مربع الشد والجذب.

وفي كل مرة تلوح فيها بوادر انفراج في الأزمة بين البلدين، تثير الجزائر قضايا كان يمكن حلها عبر القنوات الدبلوماسية، في حين يظهر ذلك رغبة في الإبقاء على ضجيج يعتبره بعض المحللين الفرنسيين وحتى الجزائريين، مفتعلا لأسباب داخلية أبرزها لفت انتباه الراي العام الجزائري عن مشاكل داخلية.

وقال المتحدث باسم الوزارة كريستوف لوموان "إننا نتابع وسنواصل متابعة تطور هذا الوضع من كثب"، مؤكدا أن كمال داود "مؤلف معروف ويحظى بالتقدير" وفرنسا ملتزمة بحرية التعبير.

وقرار الجزائر بملاحقة كمال داود قضائيا يمثل تصعيدا في الخلافات بين البلدين ويأتي في سياق علاقات متوترة أصلا. ومن المرجح أن يزيد هذا القرار من فتور العلاقات ويعقد من جهود التهدئة وإعادة بناء الثقة بين الجزائر وفرنسا.

ويتوقع أن يثير هذا القرار استياء واسعا في الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية الفرنسية التي تعتبر حرية التعبير من القيم الأساسية. وقد تغذي قرار ملاحقة كمال داود التصريحات المعادية للجزائر خاصة من قبل شخصيات تنتمي لليمين واليمين المتطرف والتي سبق لها أن نددت باعتقال السلطات الجزائرية للكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال ودعت لمراجعة العلاقات مع نظام وصفته بالاستبدادي كما طالت برد دبلوماسي قوي على التصعيد من قبل السلطة الجزائرية.

ويأتي اثارة قضية كمال داود بينما لا تزال قضية اعتقال وحبس صنصال تُرخي بظلالها على العلاقات بين البلدين، بينما يشير التصعيد الأخير إلى أن قضية الأخير وجهود الافراج عنه قد تزداد تعقيدا.

ويرجح أن يؤدي التصعيد الأخير إلى فتور في التعاون الثقافي والإعلامي بين البلدين، حيث يعتبر اعتقال أو ملاحقة كاتب بارز مساسا بحرية الإبداع والفكر.

ومن الممكن أن يؤثر هذا القرار سلبا على ملفات أخرى عالقة بين البلدين، مثل ملف الذاكرة المشتركة وقضايا الهجرة والتأشيرات، مما يزيد من صعوبة إيجاد حلول لها.

وستتأثر صورة الجزائر في الرأي العام الفرنسي سلبا، حيث سيُنظر إلى هذا الإجراء على أنه تضييق على حرية التعبير وقمع للأصوات المنتقدة.

وفي نوفمبر الماضي، قبلت محكمة جزائرية شكوى أولية ضدّ داود وزوجته الطبيبة النفسية عائشة دحدوح، لكشفهما قصة مريضة واستخدامها في كتابة روايته "حوريات" التي فازت بجائزة غونكور العريقة في فرنسا للعام 2024.

وبعد ذلك، تمّ تقديم طعنين ضدّ داود وزوجته التي تولّت معالجة سعادة عربان الناجية في العام 2000 من محاولة جهاديين قطع عنقها وذلك خلال فترة الحرب الأهلية التي شهدتها الجزائر (1992-2002) وأسفرت عن مقتل 200 ألف شخص وهي الفترة المعروفة إعلاميا باسم "العشرية السوداء".

ويُستهدف داود بشكويَين، الأولى من عربان التي تتهمه وزوجته باستخدام قصتها من دون موافقتها، أما الشكوى الثانية فتأتي من المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب.

ويعتبر إصدار مذكرتي التوقيف جزءا من الإجراء المعتاد وفقا لقانون الإجراءات الجزائية الجزائرية. ووفق القانون الذي يحكم هذه الحالة، يجوز لقاضي التحقيق إصدار مذكرة توقيف دولية، إذا كان المتهم فارّا أو مقيما خارج الأراضي الجزائرية.

كذلك، رفعت عربان دعوى قضائية ضد داود في فرنسا بتهمة انتهاك الخصوصية. ومن المقرّر أن تُعقد أول جلسة استماع إجرائية الأربعاء المقبل في محكمة في باريس.

وكان كمال داود أكد في حديث لمحطة "فرانس إنتر" الإذاعية في منتصف ديسمبر الماضي، أنّ "كل الناس في الجزائر وخصوصا في وهران يعرفون قصة عربان. إنها قصة عامة"، مضيفا "أنا آسف، ولكن لا يمكنني أن أفعل شيئا لمجرّد أنها وجدت نفسها في رواية لا تأتي على ذكر اسمها، ولا تروي حياتها، ولا تتناول تفاصيل حياتها".

ونددت دار "غاليمار" الناشرة لمؤلّفاته "بحملات التشهير العنيفة التي تقف وراءها بعض وسائل الإعلام القريبة من نظام طبيعته معروفة".