وزير الاتصال الجزائري يستند إلى تشريعات مقيدة لإثبات حرية الصحافة

الجزائر - قال وزير الاتصال الجزائري محمد مزيان إن “التشريع الوطني المنظم لقطاع الإعلام والاتصال من بين أهم التشريعات المتعلقة بالحقوق والحريات التي تضمن الممارسة الحرة لنشاط الإعلام.” في تصريح يتناقض مع الواقع الذي يعيشه الصحافيون وأثّر على أدائهم المهني بسبب حزمة التشريعات المقيدة لهم.
وكثف الوزير الجزائري مؤخرا نشاطه بتنظيم لقاءات وندوات مع الصحافيين تحت عناوين عريضة تتلخص بـ”المهمة الوطنية” لحشد الصحافيين والاصطفاف إلى جانب الحكومة وتغليف الأوامر والتعليمات بشعارات مواجهة “المؤامرة التي تتعرض لها الجزائر من المنصات الأجنبية.” وهي الذريعة المثالية للسلطة لتلميع صورتها ومهاجمة منتقديها داخليا وخارجيا.
وأفاد مزيان في مداخلة له خلال أشغال يوم دراسي بعنوان “التشريعات الوطنية بأبعاد دولية”، والذي نظمته وزارة العلاقات مع البرلمان، أن “هذا التشريع الوطني يأتي في ظل احترام ضوابط قانونية تتطابق مع أحكام الدستور والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، خصوصا ما تعلق منها بحقوق الإنسان التي نصت على ضرورة ضمان الحق في حرية التعبير في إطار احترام التدابير المرتبطة بنص القانون وكذلك بالنظام العام، الأمن القومي والآداب العامة، حماية حقوق وحريات الآخرين.”
وعلى هذا الأساس، اعتبر الوزير أن الإطار المنظم للنشاط الإعلامي “لا بد أن يرتكز على مبادئ الحرية والمسؤولية،” لافتا إلى “وجوب ضبط ممارسة النشاط الإعلامي بما يكرس حق المواطن في إعلام موضوعي صادق وموثوق،” مجددا في هذا الصدد التأكيد على “أهمية تحري المصدر في الحصول على المعلومة الموثوقة في ظل انتشار التقنيات الإعلامية الجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي وما تحمله من مضامين مغلوطة منافية لقيمنا الاجتماعية والثقافية.”
وعلى مدار العامين الماضيين، أدخلت السلطات سلسلة من التعديلات القانونية التي تبعث على القلق، فضلًا عن تشريعات جديدة وجهت ضربة قوية لحقوق الإنسان، أبرزها تعديلات على قانون العقوبات في أبريل 2024. بالإضافة إلى مجموعة من التشريعات المتعلقة بالنشاط الإعلامي في أغسطس وديسمبر 2023 وتعديلات قانونية متعلقة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب في فبراير 2023، في انتكاسة واضحة للحق في حرية التعبير.
وقالت الحكومة حينها إن القانون أساسي لضمان الممارسة الحرة للعمل الإعلامي بموجب ضوابط قانونية، لكن منظمة مراسلون بلا حدود أكدت أن القانون يتضمن “فصولا سلبية” تشكل انتهاكا لحرية الصحافة.
ومن بين البنود الرئيسية التي تقيد الإعلام ما يتعلق بمحاصرة التمويل حيث منع القانون الذي تم إقراره في أبريل 2023 وسائل الإعلام الجزائرية من تلقي أيّ تمويل أو مساعدة مادية، مباشرة وغير مباشرة، من أي “جهة أجنبية”.
صحافيون يعتبرون أن القوانين الحالية تضيق على حرية الصحافة وتفرض المزيد من القيود في قطاع الإعلام
وينص القانون على حق الصحافي في “حماية مصادره”، لكنه يلزمه الكشف عنها للقضاء إذا طلب منه ذلك. وتحفّظ أعضاء مجلس الأمة على المادة 22 من النص والمتعلقة بشروط الحصول على “اعتماد” للعمل في الجزائر في وسائل إعلام أجنبية.
وتضمن غرامة تصل إلى مليون دينار (نحو سبعة آلاف يورو) على من يعمل في وسيلة إعلام أجنبية من دون الحصول على اعتماد. ومنع القانون الجديد مزدوجي الجنسية من حق امتلاك أو المساهمة في ملكية وسيلة إعلامية في الجزائر.
ويعتبر العديد من الصحافيين أن القوانين الحالية تضيق على حرية الصحافة وتفرض المزيد من القيود في قطاع الإعلام، لاسيما المادة 4 التي تقصي الملايين من الجزائريين المقيمين بالخارج من المساهمة في تطوير قطاع الإعلام في الجزائر وتسلبهم حق تأسيس أو امتلاك أو الاستثمار في أيّ مشروع إعلامي.
وقالت منظمة العفو الدولية إن السلطات واصلت قمع الصحافيين من خلال الاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجائرة، ووضع قيود تعسفية على حقهم في حرية التنقل، وفرض عقوبات لا أساس لها على وسائل الإعلام.
وأضافت أن ما تعرض له الصحافيون مرزوق تواتي ومصطفى بن جامع وفريد عليلات من اعتقالات وقيود على حقهم في حرية التنقل يوضح افتقار النشاط الإعلامي المستقل للمساحة، في حين يستمر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني مثل رابح قادري في التعرض للملاحقة القضائية لمجرد نشاطهم على الإنترنت، بسبب تعليقات تُعبر عن معارضة تجديد ولاية الرئيس عبدالمجيد تبون لمرة ثانية.
وساهم انتهاك السلطات المستمر للحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وحرية الإعلام في خلق مناخ من الخوف والرقابة في البلاد.
ووفقًا للجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، يتطلب التمتع الكامل بالحق في إدارة الشؤون العامة التبادل المفتوح للمعلومات والأفكار حول القضايا العامة والسياسية، فضلًا عن احترام الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.