التضليل عبر الذكاء الاصطناعي يهدد ليبيا بأزمات جديدة

تتزايد المخاوف من أن يؤدي الاستعمال الخاطئ للذكاء الاصطناعي إلى أزمات جديدة في البلاد في حال ارتكاب بعض الأطراف لجريمة التضليل ونشر الأخبار الزائفة.
الأربعاء 2025/05/07
للذكاء الاصطناعي إيجابيات ومخاطر

حذرت رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه من التهديد المتزايد للمعلومات المضللة على المنصات الرقمية، مقرة بأهمية الذكاء الصناعي في غرف الأخبار، لكنها نبهت في نفس الوقت إلى المخاطر التي يشكلها المحتوى المزيف الذي يجري توليده بواسطة الذكاء الصناعي في ظل غياب الأطر المنظمة.

وأضافت تيتيه خلال جلسة حوارية نظمتها الهيئة العامة للصحافة ومكتب الإعلام في البعثة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن هذه الممارسات الضارة تقوض الثقة العامة، وتعمق الانقسامات، وتهدد أسس الحوار الديمقراطي، حيث تتضخم هذه المخاطر في ليبيا بسبب عدم الاستقرار السياسي وغياب الأطر التنظيمية القوية.

وجاء حديث تيتيه بالتوازي مع إطلاق بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برنامجا تدريبيا جديدا ابتداء من الأربعاء، ويشمل التدقيق الرقمي للحقائق، والصحافة الاستقصائية، والتعامل مع النزاعات، وتأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام، بالإضافة إلى ورش مهنية أخرى.

أنطونيو غوتيريش: يجب تسخير الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع حقوق الإنسان
أنطونيو غوتيريش: يجب تسخير الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع حقوق الإنسان

وأكدت المبعوثة الأممية على المسؤولية المجتمعية للإعلام والصحافيين في تقديم تقارير دقيقة وصحيحة للجمهور، وضمان أن تصل أصوات الناس في الوقت نفسه عبر وسائل الإعلام إلى صناع القرار.

وتتزايد المخاوف من أن يؤدي الاستعمال الخاطئ للذكاء الاصطناعي إلى أزمات جديدة في البلاد في حال ارتكاب بعض الأطراف لجريمة التضليل ونشر الأخبار الزائفة وتزوير المواقف وتزييف الصور والأسماء والتسجيلات بما يسيء إلى بعض القوى الاجتماعية المؤثرة أو الرموز القبلية والمناطقية والجهوية والثقافية أو الدينية، لاسيما أن خطاب الكراهية لا يزال سائدا ويجد من يدعمونه ويروجونه ويستعملونه في مغالطة الرأي العام وشحن الأنصار والتحريض على استمرار حالة الانقسام الحكومي والعسكري والسياسي.

وتزامن موقف تيتيه من الأخطار المحدقة بقطاع الإعلام، مع تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن حرية الصحافة تواجه تهديدا غير مسبوق في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي، الذي يمكن أن “يعزز حرية التعبير أو يقمعها”.

وفي رسالة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أكد غوتيريش أن الصحافة الحرة والمستقلة تمثل خدمة عامة أساسية، وهي العمود الفقري الذي تستند إليه مبادئ المساءلة، والعدالة، والمساواة، وحقوق الإنسان.

وأوضح أن تسليط الضوء هذا العام على تأثير الذكاء الاصطناعي في الصحافة وحرية التعبير يُعدّ تذكيرا بخطر جديد يواجه العالم، موضحا “الخوارزميات المتحيزة، والأكاذيب الملفقة عمدا، وخطاب الكراهية، تشبه الألغام المزروعة في طريق المعلومات السريعة. والمعلومات الدقيقة، القابلة للتحقق، والمبنية على الحقائق، هي أفضل وسيلة لتفكيك تلك الألغام.”

وشدد غوتيريش على ضرورة تسخير الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع حقوق الإنسان ويضع الحقيقة في المقام الأول. وأكد أن “المبادئ العالمية لنزاهة المعلومات”، التي تم الإعلان عنها العام الماضي، تُعزّز هذه الجهود وتغنيها، في ظل العمل على تطوير منظومة إعلامية أكثر إنسانية. ودعا إلى تحويل هذه المبادئ إلى واقع ملموس، وحماية حرية الصحافة في كل مكان.

وأكدت منظمة “مراسلون بلا حدود” استمرار الهجمات المتكررة ضد استقلالية وسائل الإعلام في ليبيا، على الرغم من التقدم الطفيف بواقع 6 مراكز في مؤشر حرية الصحافة العالمي، حيث احتلت المرتبة 137 دوليا.

قلق كبير إزاء ازدياد الضغط على حرية الرأي والصحافة الليبية، والتهديد الذي يعيشه الصحافيون والمدونون، وكل ذي رأي مخالف

وأرجعت المنظمة حالة الصحافة في ليبيا المتدهورة إلى عام 2011، منذ غرق البلاد في أزمة عميقة، ففي الكثير من الأحيان “تجد وسائل الإعلام والصحافيون أنفسهم مجبرين على خدمة أحد جانبي الصراع، على حساب استقلالية الخط التحريري”، مشيرة إلى اضطرار معظم الإعلاميين والمراسلين إلى الفرار من بلادهم، حيث يحاول من تبقى منهم ضمان سلامتهم من خلال العمل تحت حماية أحد الأطراف المتحاربة، في وقت لم يعد لدى الصحافيين الأجانب فرصة لتغطية الأحداث.

وتطرقت المنظمة إلى اضطرار الصحافيين في الكثير من الأحيان إلى الامتثال لتحيزات وسائل الإعلام التي يعملون بها، مما يؤدي إلى انتشار المعلومات المضللة في حين ينتشر الفساد على نطاق واسع. وقالت إن في الشرق، يخضعون لسلطة المشير خليفة حفتر، ولا يجوز لأي وسيلة إعلامية انتقاد الجيش، وفق التقرير.

وفي ما يتعلق بمصادر تمويل وسائل الإعلام الخاصة أوضحت المنظمة أنها تأتي من عائدات الإعلانات من المجموعات التي يديرها رجال أعمال مقربون من الزعماء السياسيين وكبار الشخصيات، وأشارت إلى أن التواطؤ بين السياسيين ووسائل الإعلام، فضلا عن غموض عقود الإعلان، من شأنه أن يقوض استقلال وسائل الإعلام والصحافيين، ممن يعلمون في ظروف محفوفة بالمخاطر، وقد يجري فصلهم بشكل تعسفي، اعتمادا على مصالح أصحاب العمل.

بدورها، أعربت النقابة العامة للصحافيين الليبيين – طرابلس والمنطقة الغربية – عن قلقها الكبير إزاء ازدياد الضغط على حرية الرأي والصحافة الليبية، والتهديد الذي يعيشه الصحافيون والمدونون، وكل ذي رأي مخالف عبر الخطف والتهديد والتحقيق بدون مراعاة للقوانين التي تحفظ حرية الصحافي وكرامته وحقه في التعبير عن رأيه ورؤيته وسعيه للحصول على المعلومات ونشرها.

وأعلنت النقابة في البيان الختامي للاحتفالية التي نظمتها السبت الماضي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة عن تضامن أعضائها مع كل صحافي تعرض أو يتعرض للتهديد أو التخويف أو اتخاذ إجراءات قسرية بحقه، مطالبة السلطات المختصة بالالتزام بتقديم الشكوى ضد أي صحافي للنقابة أولا، وأن تكون النقابة حاضرة عبر ممثل لها في أي استدعاء أو تحقيق قانوني.. وما عدا ذلك يعد باطلا، ومخالفا للقانون.

5