العراق يستثمر تعاونه الأمني مع تركيا وإيران للتخلص من عبء المعارضة المسلحة للدولتين

بغداد تجد في سياسة تحقيق التوازن بين طهران وأنقرة مصلحة كبيرة للحفاظ على العلاقات معهما والحرص على استرضاء كل منهما.
الأربعاء 2025/05/07
رحلة "الكفاح" الطويلة تدنو من نهايتها

بغداد- أظهرت السلطات العراقية حرصا على تحقيق التوازن في الاستجابة للمطالبات الأمنية لجارتيها إيران وتركيا والمتعلّقة بنشاط الحركات المسلّحة المعارضة لنظامي الدولتين داخل أراضي العراق.

ومثلما استجابت حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني لمطالب أنقرة بشأن مقاتلي حزب العمال الكردستاني وصنّفت حزبهم تنظيما محظورا داخل العراق، فقد بادرت أيضا لاتّخاذ قرار مماثل بشأن جميع الأحزاب والجماعات المسلحة المعارضة لنظام الجمهورية الإسلامية.

وتجد بغداد في هذه السياسة مصلحة كبيرة تتمثّل في محاولتها الحفاظ على العلاقات مع طهران وأنقرة والحرص على استرضاء كل منهما، ومصلحة أكبر في التخلّص من تلك الأجسام الدخيلة وما ترتّبه على العراق من أعباء أمنية وسياسية.

◄ طهران تكثّف من مطالبتها لبغداد بشأن تلك الحركات المسلّحة وتحرص على استدامة التواصل والتنسيق معها سعيا لإغلاق الملف وطيه بشكل نهائي

وقررت الحكومة العراقية قبل أيام حظر جميع أنشطة الأحزاب والجماعات المعارضة لإيران والمتواجدة في عدد مناطق العراق وخصوصا داخل إقليم كردستان.

وجاء في وثيقة رسمية صادرة عن مكتب رئيس الوزراء ومستشارية الأمن القومي أنّه تم توجيه الأوامر إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية وهيئة المنافذ الحدودية وحكومة الإقليم باتخاذ ما يلزم لتنفيذ القرار الذي يشمل إغلاق مقارّ تلك الجماعات ومنع أيّ نشاط سياسي أو إعلامي أو عسكري لها، ومنع استخدام الأراضي العراقية كمنصة للتحريض أو شن هجمات على إيران، وتشديد الرقابة على المناطق الحدودية المشتركة، خصوصا المناطق الجبلية التي كانت تُستخدم سابقا من قبل بعض الفصائل.

وتفاعلا مع هذا القرار بادرت قوات الأمن في محافظة السليمانية إلى توجيه إنذار إلى الأحزاب الكردية الإيرانية بإخلاء مقراتها في المحافظة خلال مهلة عشرة أيام.

وكانت السلطات العراقية قد أبرمت في وقت سابق اتفاقا مع الجانب الإيراني يقضي بنزع سلاح الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة مثل حزب الحياة الحرة بيجاك والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وحزب كوملة والمتمركزة في شمال العراق بمحاذاة المحافظات الإيرانية الغربية، وإبعاد أفرادها عن المناطق الحدودية بين البلدين.

فاطمة مهاجراني: توصلنا مع العراق إلى اتفاقيات أمنية جيدة وفعالة

ودأبت القوات الإيرانية على مدى سنوات سابقة توجيه ضربات بالمدفعية والطيران لمواقع تمركز هؤلاء المسلّحين في المناطق الجبلية بشمال العراق، إلاّ أن استعدادات هؤلاء المسلّحين واتقىنهم أساليب التحصّن في المناطق الوعرة جعل من تلك الضربات قليلة الجدوى والفاعلية.

وتكثّف طهران من مطالبتها لبغداد بشأن تلك الحركات المسلّحة وتحرص على استدامة التواصل والتنسيق معها سعيا لإغلاق الملف وطيه بشكل نهائي.

وفي هذا الإطار استقبل مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، الثلاثاء، في بغداد السفير الإيراني محمد كاظم آل صادق وبحث معه “متابعة إجراءات تنفيذ الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين” في إشارة إلى موضوع نزع سلاح المعارضين الإيرانيين وإبعادهم عن الحدود.

من جهتها قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، الثلاثاء، إنّ بلادها توصلت إلى اتفاقيات جيدة مع الحكومة العراقية وسلطات إقليم كردستان لتعزيز الاستقرار وتثبيت الأمن على جانبي الحدود المشتركة.

وأثنت في مؤتمر صحفي على الخطوات العراقية التي وصفتها بـ”المحددة والفعالة” لضمان أمن الحدود معتبرة أن تنفيذ الاتفاق الأمني المشترك يصب في مصلحة الأمن القومي الإيراني واستقرار المنطقة.

وعلى الطرف المقابل تكثّف تركيا من ضغوطها الميدانية وأيضا السياسية لمحاصرة حزب العمال الكردستاني أملا في اجتثاث مقاتليه من معاقلهم التاريخية في المناطق الوعرة بإقليم كردستان العراق وبعض المناطق الأخرى مثل قضاء سنجار بمحافظة نينوى.

وتستفيد في ذلك من مرونة السلطات العراقية إزاء تواجدها العسكري في تلك المناطق الذي توسّع جغرافيا وتكثّف من حيث عدد النقاط المقامة للجيش التركي والبنى التحتية من تحصينات وأبراج مراقبة ومسالك تربط بين تلك النقاط والأراضي التركية.

3