حملة رسوم ترامب المثيرة للجدل تصل إلى صناعة السينما

واشنطن - وصلت حملة الرسوم الجمركية المثيرة للجدل التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى خطوط صناعة السينما، في خطوة قد تقوّض هذا النشاط المهم للأعمال والوظائف.
وبعد السيارات والرقائق الإلكترونية، أعلن ترامب الأحد عن نيته توسيع حربه التجارية الشاملة لتشمل السينما، مع فرض ضريبة بنسبة 100 في المئة على الأفلام الأجنبية.
وأوضح الرئيس الأميركي على صفحته الشخصية على منصته الاجتماعية “تروث سوشال” أن “صناعة السينما في أميركا تموت موتا سريعا (…) هوليوود، والعديد من المجالات الأخرى داخل الولايات المتحدة، تتعرض للتدمير.”
وقال إن “دولا أخرى تقدم جميع أنواع الحوافز لجذب صناع أفلامنا وأستوديوهاتنا بعيدا عن الولايات المتحدة.” واعتبر أن هذا “الجهد المنسق من جانب دول أخرى” يمثل “تهديدا للأمن القومي” الأميركي.
وأضاف “أنا أخوّل وزارة التجارة والممثل التجاري للولايات المتحدة البدء فورا بعملية فرض رسوم بنسبة 100 في المئة على كل الأفلام التي تدخل إلى بلادنا بعد أن كانت قد أُنتجت على أراض أجنبية.” وكتب ترامب “نريد أفلاما مصنوعة في أميركا.”
248
مليار دولار حجم الإنفاق العالمي على الإنتاج السينمائي في 2025، وفق شركة أمبير أناليسيس
وفور الإعلان عن هذه الخطوة أكد وزير التجارة هوارد لوتنيك على وسائل التواصل الاجتماعي أنه يهتم بالجوانب التنفيذية لهذا القرار.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، أطلق ترامب تحقيقات كثيرة في “التأثيرات على الأمن القومي” لواردات مختلفة، بدءا من أشباه الموصلات إلى المعادن الحيوية.
ويُعدّ هذا التحقيق خطوة أولى ضرورية يمكن أن تسمح للرئيس الأميركي بإصدار أمر تنفيذي بفرض رسوما جمركية على هذه المنتجات، إذا ثبت أن حجم استيرادها يشكل خطرا على الأمن القومي.
ولم يُكشف حتى الآن عن تفاصيل شروط فرض رسوم إضافية على الأفلام المنتجة في الخارج. ويُعدّ هذا تصعيدا جديدا في الهجوم التجاري الذي يشنه الرئيس الأميركي ضد الشركاء الاقتصاديين للولايات المتحدة.
وأعلنت الصين التي يوّجه ترامب إليها جزءا كبيرا من تدابيره، في بداية أبريل أنها ستخفض “بشكل معتدل” عدد الأفلام الأميركية التي يتم توزيعها رسميا في سوقها، وذلك في إطار ردّها على الرسوم المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة على منتجاتها.
وتحدد بكين عدد الأفلام الأجنبية المعروضة في دور السينما من خلال نظام الحصص. ومن شأن خفض القدرة على الوصول إلى هذه السوق التي تُعد ثاني أكبر سوق للسينما في العالم بعد الولايات المتحدة، أن يقلص إيرادات أستوديوهات هوليوود.
وبما أن ترامب تحدث فقط عن الأفلام في منشوراته، فمن غير الواضح ما إذا كانت الإجراءات ستؤثر أيضا على المسلسلات التلفزيونية أو الأعمال المعروضة عبر منصات البث التدفقي، وهي منتجات ترفيهية ترتدي أهمية متزايدة وتحقق أرباحا طائلة.
صناعة السينما الأميركية الشهيرة تشهد فائضا، إذ تصدر أكثر من ثلاثة أضعاف من قيمة وارداتها
وحققت هوليوود إيرادات بلغت نحو 279 مليار دولار في عام 2022، وتوفر نحو 2.3 مليون وظيفة، وفق أحدث الأرقام الصادرة عن جمعية أم.بي.أي الأميركية الممثلة عن الصناعات العاملة في القطاع.
وتؤكد منظمة فيلم أل.أي أن إنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية في لوس أنجلس تراجع بحوالي 40 في المئة خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو ما يُعزى إلى الإعفاءات الضريبية والمكافآت المالية التي تقدمها حكومات حول العالم لاستقطاب الأعمال السينمائية.
وتشهد صناعة السينما الأميركية الشهيرة فائضا، إذ تصدر أكثر من ثلاثة أضعاف من قيمة وارداتها، وفق الجمعية. لكن تمر بأزمة بين الإضرابات التاريخية التي شلت هوليوود لأشهر في 2023 والاضطرابات المرتبطة بخدمات البث التدفقي.
وتظل الولايات المتحدة الوجهة الأولى للتصوير، مع إنفاق على الإنتاجات بلغ 14.5 مليار دولار في عام 2024، وفق تحليل أجرته شركة برود برو، لكن هذا الرقم انخفض بنسبة 26 في المئة على مدى عامين.
وتتوقع شركة أمبير أناليسيس أن يصل حجم الإنفاق العالمي على إنتاج المحتوى إلى نحو 248 مليار دولار بنهاية العام الحالي.
وتواجه هوليوود منافسة من دول مثل تايلاند والمجر وجنوب أفريقيا، التي تقدم إعفاءات ضريبية جذابة للتصوير هناك. ويتم تصوير الكثير من الأفلام أيضا في بلدان عدة.
واحتلت كاليفورنيا المرتبة السادسة في استطلاع حديث للمسؤولين التنفيذيين في الأستوديوهات حول مواقع التصوير المفضلة لديهم لعامي 2025 و2026.
وقبل تنصيبه، عيّن ترامب رمزيا الممثلين سيلفستر ستالون وجون فويت وميل غيبسون، الذين يجاهرون منذ سنوات بتأييدهم له، “سفراء” لهوليوود ليكونوا “عينيه وأذنيه” في قطاع السينما المؤيد للديمقراطيين بشكل كبير.
وعارض الكثير من نجوم الموسيقى والسينما دونالد ترامب علنا، بينهم تايلور سويفت وبيونسيه وبروس سبرينغستين وجورج كلوني الذي أيد نائبة الرئيس السابق جو بايدن الديمقراطية كامالا هاريس للرئاسة.