توجه كويتي للعودة عن قرار تعليق جمع التبرعات

السلطات الكويتية تعيد تنظيم جمع التبرعات ضمن آليات عمل موحدة تتماشى مع متطلبات الشفافية ومعايير الحوكمة.
الثلاثاء 2025/05/06
أموال بعض التبرعات تسلك الوجهة الخطأ

الكويت - تتجه السلطات الكويتية نحو إعادة فتح الباب لعمليات جمع التبرعات التي أعلنت عن وقفها في أبريل الماضي بهدف التدقيق في سلامتها من الاحتيال والتلاعب.

وتعرف عمليات جمع التبرعات في الكويت نشاطا وازدهارا استثنائيين مرتبطين بثراء البلاد ورخاء مجتمعها، وهي جزء أساسي من العمل الخيري الذي تعتبره البلاد ميزة لها وذراعا لقوّتها الناعمة، لكنّ بعض الاختلالات تسرّبت إلى العملية وجعلت منها وسيلة لدى البعض لجمع الأموال بطريق ملتوية سعيا وراء الثراء الشخصي غير المشروع.

واتّخذت الظاهرة في بعض الأحيان أبعادا أكثر خطورة عندما ثارت شكوك بشأن إمكانية استخدام أموال التبرعات في تمويل التشدّد والإرهاب من قبل بعض المرتبطين بجهات متطرفة مثل تنظيم الإخوان المسلمين الأمر الذي يرتّب أعباء على السمعة الدولية للكويت، وهو ما حدا بالسلطات لانتهاج الصرامة والتدقيق لمجال العمل الخيري والمنخرطين فيه.

وأعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية المشرفة على المجال في التاسع عشر من الشهر الماضي قرارها بوقف جميع عمليات جمع التبرعات مؤقتا “إثر رصد روابط تابعة لمواقع غير رسمية وغير معروفة المصدر تقوم بجمع التبرعات”.

عايد المناع: لا أبعاد سياسية لتعليق التبرعات بل مخالفات حقيقية
عايد المناع: لا أبعاد سياسية لتعليق التبرعات بل مخالفات حقيقية

وأوضحت الوزارة أن الإجراء جاء بهدف “إعادة الترتيب والتنظيم من خلال آليات عمل موحدة وواضحة تتماشى مع متطلبات الشفافية ومعايير الحوكمة والإدارة الرشيدة حفاظا على سمعة دولة الكويت وحرصا على سمعة الجمعيات والمبرّات الخيرية الكويتية”.

ولم يحظ القرار بإجماع داخل البلاد حيث انتقد البعض وضع مختلف المنخرطين في العمل الخيري في سلة واحدة رغم أن غالبيتهم، بحسب هؤلاء المنتقدين، ملتزمون بالقوانين والمعايير الأخلاقية، معبّرين عن أملهم في إنهاء قرار تعليق نشاط الجمع بأسرع وقت ممكن.

وتوقّعت مصادر وصفت بالمسؤولة أن تصدر الوزارة في بحر الأسبوع الجاري قرارا بمعاودة فتح روابط جمع التبرعات أمام الجمعيات مجددا واستئناف عمليات الجمع وتقديم المساعدات الخيرية.

وقالت صحيفة “الجريدة” المحلية نقلا عن تلك المصادر إنّ “عملية الغربلة التي بدأتها وزارة الشؤون الاجتماعية منذ فترة للجمعيات الأهلية المُشْهَرَة أسفرت عن حصر ثماني عشرة جمعية جديدة باتت مهدّدة بحلّها عقب إنذارها من قبل الوزارة لمرتين متتاليتين يفصل بين كل منهما أسبوعان دون أدنى تجاوب يشير إلى رغبة جادة من هذه الجمعيات في تعديل أوضاعها القانونية وتلافي مخالفاتها.”

وأوضحت ذات المصادر أن إدارة الجمعيات الأهلية في الوزارة بصدد توجيه الإنذار الثالث والأخير لهذه الجمعيات المخالفة بعد أسبوع واحد فقط من الآن وذلك عقب مرور أسبوع على توجيهها الإنذار الثاني، مؤكدة أنه في حال عدم التفاعل مع هذه النداءات المتكررة سيتم رفع مذكرة بأسماء هذه الجمعيات للوزيرة أمثال الحويلة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها والمتمثلة في الحل وتصفية أموالها.

وتتراوح مخالفات الجمعيات المشمولة بالحلّ، بحسب المصادر ذاتها، بين عدم قيامها بأيّ أنشطة على أرض الواقع أو تقديمها خدمات حقيقية للمجتمع منذ سنوات مضت، وعدم تزويدها الوزارة بالموازنة التقديرية أو التقارير المالية للسنوات الماضية، إضافة إلى إغلاق حساباتها البنكية منذ فترة طويلة.

كما بينت المصادر أن بعض هذه الجمعيات لم تقم باستخدام رابط المراسلات الآلية المخصص للدخول إلى النظام الآلي الذي يربط الوزارة بالجمعيات ولو مرة واحدة منذ إشهارها ما يؤكد عدم فاعليتها أو جديتها، مشيرة إلى أنه بشأن الأموال المودعة في حسابات هذه الجمعيات ستؤول إلى الوزارة بعد تصفيتها في انتظار تحديد الجهة التي ستؤول إليها.

ومنذ صدور قرار تعليق جمع التبرعات سعى العاملون في مجال العمل الخيري والتطوعي بالكويت إلى تبديد مخاوف الحكومة.

وكانت العودة السريعة عن القرار متوقّعة من قبل سعد مرزوق العتيبي رئيس اتحاد الجمعيات والمبرّات الخيرية الكويتية الذي قال لوكالة رويترز إنّ “الجمعيات الخيرية ووزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة للحكومة في مركب واحد وليستا في جانبين متناقضين.”

القرار تسبب في إرباك عمل الكثير من الجمعيات التي لديها التزامات مالية ترتبط بعقود مع شركات ومؤسسات تنفذ لها أعمالها اعتمادا على أموال التبرعات

من جانبه قال الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي عايد المناع إن وقف جمع التبرعات مؤقت، مؤكدا أن وزارة الشؤون الاجتماعية لم تكن لتلجأ إلى مثل هذا الإجراء لو لم تكن هناك مخالفات.

واستبعد المناع وجود أبعاد سياسية للإجراء الحكومي الأخير، مشيرا إلى أنها مسألة تقنية لكن هذا لا ينفي وجود ملاحظات على بعض الجمعيات الخيرية.

وتسبب القرار في إرباك عمل الكثير من الجمعيات التي لديها التزامات مالية أو ترتبط بعقود مع شركات ومؤسسات تنفذ لها أعمالها، اعتمادا على أموال التبرعات.

وتباهي الكويت بأنها مركز للعمل الإنساني بعد أن كرّمت الأمم المتحدة أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح سنة 2014 بمنحه لقب “قائد للعمل الإنساني” لجهود بلاده في المجال الإنساني والتنموي.

وتوجد في البلاد العشرات من الجمعيات الخيرية الأهلية التي تجمع عشرات الملايين من الدولارات سنويا وتقدمها كمساعدات إنسانية للعديد من الفئات المحتاجة بالبلدان النامية في العالم، تحت إشراف جهات حكومية في مقدمتها وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الخارجية.

ووفقا لوسائل إعلام محلية فقد بلغت المبالغ التي جمعتها هذه الجمعيات في شهر رمضان الماضي 163.10 مليون دولار.

3