الأطباء الشبان في تونس يلوّحون بالإضراب ومقاطعة التربصات

المنظّمة التونسية للأطباء الشبان تدعو إلى وضع معايير موضوعية وواضحة لتقييم التربصات الطبية والمصادقة عليها.
الاثنين 2025/05/05
مطالب بالتفاوض مع وزارة الصحة

تونس - يصعّد الأطباء الشبان في تونس بتنفيذ إضراب قطاعي ومقاطعة التربصات لمدة خمسة أيام، في خطوة للردّ على ما اعتبروه تجاهلا ممنهجا من قبل وزارة الصحة لمطالب الأطباء الشبان، رغم التحركات السابقة.

وأعلنت المنظّمة التونسية للأطباء الشبان، في بيان أصدرته، عن سلسلة من القرارات التصعيدية، أبرزها الدخول في إضراب لمدة 5 أيام، قائلةً إنّ تاريخه سيتحدّد لاحقا.

وقرّرت المنظمة مقاطعة اختيار مراكز التربصات في جميع الاختصاصات الطبية، بما في ذلك طب العائلة، انطلاقا من أول يوليو القادم، محذّرة من أنّ المستشفيات الجامعية ستكون دون أطباء مقيمين بداية من يوليو المقبل “إذا لم تفتح وزارة الصحة قنوات تفاوض فعلية.”

وكانت المنظمة قد نفذت الجمعة مسيرة حاشدة شارك فيها المئات من الأطباء الشبّان وذلك بالتزامن مع إضراب في كافة الأقسام الاستشفائية والأنشطة الأكاديمية وفي كافة كليات الطب باستثناء أقسام الاستعجالي وحصص الاستمرار.

المنظمة نفذت مسيرة شارك فيها المئات من الأطباء الشبّان وذلك بالتزامن مع إضراب في كافة الأقسام الاستشفائية والأنشطة الأكاديمية وفي كافة كليات الطب

وتتمثل مطالب الأطباء الشبان في الزيادة في منحة حصص الاستمرار، التي لا يتجاوز فيها أجر الساعة الواحدة 3 دنانير، فيما لا يتلقى الأطباء الشبان هذه المنحة في ثلثي المستشفيات، وفق المنظمة.

كما دعت المنظّمة إلى وضع معايير موضوعية وواضحة لتقييم التربصات الطبية والمصادقة عليها، بما يضمن استقلالية الطبيب الشاب وعدم خضوعه للأهواء الفردية لرؤساء الأقسام، وشددت على ضرورة تمكين الطبيبات الشابات من حقهن في عطلة الأمومة دون أن يؤثر ذلك سلبا على مسار تقييم التربص.

وتتكوّن المنظومة العلاجيّة العموميّة في تونس من 3 خطوط أساسيّة. يتمثّل الخطّ الأوّل في مراكز الصحّة الأساسية التي بلغ عددها 2113 مركزا سنة 2021، إلى جانب المستشفيات المحلّية البالغ عددها 110 مستشفيات إلى حدود 2021.

ويتسبّب ضعف عدد الإطارات الطبّية وشبه الطبّية بالجهات الداخلية والمستشفيات الجهوية في مشاكل إضافيّة للمرضى في المناطق المهمّشة حيث يجدون أنفسهم مضطرّين إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مستشفى جهوي أو محلّي، ومن ثمّ انتظار موعد قد يأتي متأخّرا جدّا أو نتائج تحليل لا تصدر إلّا بعد فوات الأوان.

ويشهد القطاع الصحي في تونس تحديات كبيرة، منها نقص الموارد البشرية والمعدات، وتزايد الضغط على المستشفيات، خاصة بعد جائحة كورونا.

كما يعاني العديد من المهنيين في القطاع من ظروف عمل صعبة، وتأخر صرف المستحقات المالية، بينما يحذّر متابعون من أن الإضراب قد يؤدي إلى شلل في الخدمات الطبية، وتأخير في مواعيد العمليات والاستشارات، ما قد يؤثر سلبًا على صحة المرضى، خاصة في المناطق الداخلية التي تعتمد بشكل كبير على المستشفيات العمومية. وقد يزيد من الضغط على أقسام الاستعجالي، التي ستواصل العمل خلال الإضراب.​

ويشتكي المواطنون الذين يتوجّهون إلى المستشفيات العمومية ومؤسسات الصحة العمومية بشكل عامّ من طول الانتظار للمرور أمام الطبيب بسبب الاكتظاظ والعدد الكبير للمرضى، فضلا عن قيام بعض الموظفين بدعوتهم إلى التوجّه لعيادة خاصّة أو مطالبتهم بدفع مبلغ مالي حتى يسرّعوا عمليّة تسجيلهم وبالتالي فحصهم.

القطاع الصحي في تونس يشهد تحديات كبيرة منها نقص الموارد البشرية والمعدات وتزايد الضغط على المستشفيات خاصة بعد جائحة كورونا

وتتضاعف الأزمة في المناطق الداخلية التي تشكو من قلة عدد الأطبّاء العاملين وانحسار عدد المؤسّسات الصحّية وعدم توفّر المعدّات والآلات الطبّية فيها.

وأكدت تصريحات رسمية متتالية أن أكبر تحدّ يواجه صنّاع القرار في القطاع الصحّي منذ سنوات طويلة هو نقص أو فقدان طب الاختصاص في المناطق الداخلية المحرومة، والمتمثّلة في الشريط الغربي والجنوب، لذلك تواجه وزارة الصحة ضغوطا كبيرة بسبب العدد الهزيل من الطواقم الطبية المتخصصة، خصوصا أن مناطق مثل قفصة وتوزر وسيدي بوزيد والقصرين ومدن الجنوب الشرقي كلها في أمس الحاجة إلى طب الاختصاص في مختلف المجالات، إضافة إلى النقص الحاصل في التجهيزات والمعدات.

وأعلنت وزارة الصحة في العام الماضي أنه تم تعيين خمسة وأربعين طبيب اختصاص، للعمل داخل مناطق مختلفة من البلاد.

وأثرت الأزمة الاقتصادية في تونس خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير على هذا القطاع، في غياب الإرادة السياسية لمعالجة حجم الاختلال الكبير في هذا القطاع الذي سبق وأن كان محط رهان الدولة في العقود الماضية، قبل أن يتراجع ويعاني من حالة من التكلس.

ويواجه القطاع زيادة عدد الأطباء الذين يتخرجون كل سنة، في مقابل اهتراء البنية التحتية للمستشفيات العمومية، والتي لم تعد منحصرة فقط في المناطق الداخلية بل طالت أيضا المستشفيات في المحافظات الكبرى.

4