الانتخابات البلدية في جبل لبنان اختبار جدي لأحجام القوى السياسية

الولاء الحزبي معيار أساسي في انتخابات لبنان المنقسم طائفيا.
الاثنين 2025/05/05
اختبار لمزاج الرأي العام اللبناني

بيروت - انطلقت في لبنان الأحد الانتخابات البلدية والاختيارية التي ستجري على مراحل بعد تأجيل لسنوات. وشكلت محافظة جبل لبنان المحطة الانتخابية الأولى وسط إقبال لافت على صناديق الاقتراع، حيث بلغت نسبة المشاركة 44.59 في المئة.

وينظر إلى الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان على أنها اختبار جدي لأحجام القوى السياسية، لكونها المحافظة الأكبر من حيث عدد السكان، وتضم مناطق ذات انتماءات سياسية ودينية مختلفة، منها الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، والتي تعرضت لدمار كبير جراء الغارات الإسرائيلية خلال النزاع الأخير مع الحزب المدعوم من إيران.

ويقول مراقبون إن الانتخابات البلدية والاختيارية الجارية بمثابة مقياس للأحزاب لمعرفة مزاج الرأي العام اللبناني، خاصة وأنها تأتي قبل أشهر قليلة على الانتخابات النيابية.

ويرجح متابعون أن يحقق حزب القوات اللبنانية نتائج مهمة في عدد من مناطق جبل لبنان، ما سيعزز من موقع الحزب على الساحة المسيحية قبيل الاستحقاق النيابي، في المقابل يتوقع أن يشهد التيار الوطني الحر تراجعا، حيث يخوض الاستحقاق الجاري معزولا وواهنا، جراء تراجع شعبيته وانهيار تحالفه السياسي مع حزب الله.

جوزيف عون: عاد لبنان ليبني مؤسساته ويقف على السكة الصحيحة
جوزيف عون: عاد لبنان ليبني مؤسساته ويقف على السكة الصحيحة

ومن المرجح أن يجدد الدروز في جبل لبنان عهدهم مع الحزب التقدمي الاشتراكي، في ظل التحديات التي تواجه هذا المكون في المنطقة.

ولا يتوقع المتابعون تحولا كبيرا في البيئة الشيعية، وتحديدا في بلديات الضاحية الجنوبية، حيث من المتوقع أن يكتسح حزب الله وحليفته حركة أمل الانتخابات ويرسخ الثنائي نفوذهما في مناطقهما التقليدية.

وقال هشام شمص (39 عاما) بعد الإدلاء بصوته في مركز انتخابي في منطقة الشياح بالضاحية الجنوبية “رغم كل الهجمة التي صارت على موضوع بيئة المقاومة وسلاح المقاومة (في إشارة إلى حزب الله)، نحن أتينا لنثبت حقنا ونوصل صوتنا بأن هذا قرارنا وهذا خيارنا مهما حصل من دمار.”

وأكد رئيس الجمهورية جوزيف عون خلال متابعته الانتخابات من وزارة الداخلية أهمية الاستحقاق لكي “نعطي ثقة للناس ونعطي ثقة للعالم الخارجي بأن لبنان عاد يبني مؤسساته وعاد يقف على السكة الصحيحة.”

ويشكل إجراء الانتخابات البلدية مؤشرا إيجابيا على حرص العهد الجديد على استعادة عافية مؤسسات الدولة، بعد سنوات من الانهيار.

ونجح لبنان مطلع العام الجاري، وبعد أكثر من عامين ونصف العام من انتخاب رئيس للجمهورية، وتكليف رئيس وزراء جديد بتشكيل حكومة، تعهدت في بيناها الوزاري بإطلاق ورشة إصلاحات لطالما نادى بها المجتمع الدولي.

وأتت التغييرات السياسية الداخلية على وقع تغير في موازين القوى بعد تكبد حزب الله خسائر كبيرة على صعيد بنيته العسكرية والقيادية خلال النزاع مع إسرائيل الذي بدأ في أكتوبر 2023 على خلفية الحرب في قطاع غزة، وتحول إلى مواجهة مفتوحة اعتبارا من سبتمبر 2024.

وبحسب وزارة الداخلية، فقد بلغ إجمالي عدد المرشحين للمقاعد البلدية والاختيارية في جبل لبنان 9321 شخصا من بينهم 1179 من الإناث.

إجراء الانتخابات البلدية مؤشر إيجابي على حرص العهد الجديد على استعادة عافية مؤسسات الدولة بعد سنوات من الانهيار

وفي حين يشكّل الولاء الحزبي والانتماء المذهبي معيارا أساسيا في الانتخابات في لبنان المنقسم طائفيا والقائم على مبدأ المحاصصة، تتيح الانتخابات البلدية والاختيارية هامشا مهما أيضا للعائلات والقوى المحلية لأداء دور.

وبينما تنص القوانين على إجراء الانتخابات البلدية كل ستة أعوام، تعود عملية الاقتراع الأخيرة إلى عام 2016. وأرجئت الانتخابات البلدية مرة أولى عام 2022 لتزامنها مع النيابية، وبعدها بعام لنقص التمويل في ظل أزمة مالية خانقة تواجهها البلاد منذ 2019.

أما الإرجاء الأخير فحصل في أبريل 2024، وأتى في ظل النزاع بين إسرائيل وحزب الله.

وعلى الرغم من سريان وقف لإطلاق النار بين الجانبين منذ أواخر نوفمبر، تواصل إسرائيل شنّ ضربات جوية تقول إنها تستهدف عناصر في الحزب أو بنى عسكرية تابعة له. كما أبقت الدولة العبرية على وجود عسكري في خمسة مرتفعات في جنوب لبنان تتيح لها الإشراف على جانبي الحدود، على الرغم من أن وقف إطلاق النار نصّ على سحب كل قواتها التي توغلت خلال الحرب.

ومن المقرر أن تجرى في الرابع والعشرين من مايو الانتخابات البلدية في محافظتي النبطية والجنوب، أي في المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل والتي تعرضت لدمار هائل خلال الحرب.

وتجرى الانتخابات في محافظتي الشمال وعكار في الحادي عشر من مايو، ومحافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل في الثامن عشر منه.

2