العراق وفرنسا يجهزان مؤتمر بغداد الثالث وسط توقعات بحضور الشرع

بغداد – تتصاعد وتيرة الاستعدادات المشتركة بين العراق وفرنسا لعقد النسخة الثالثة من "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة"، وسط ترجيحات قوية بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع فعاليات المؤتمر.
ويأتي هذا التحرك العراقي الفرنسي في ظل سعي بغداد لتعزيز دورها الإقليمي وتجاوز حالة الجمود في العلاقات العربية السورية، وهو ما تجسد في تأكيد رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني على أهمية حضور الرئيس الشرع للقمة العربية المزمع عقدها في بغداد في 17 مايو الجاري.
وتستعد بغداد لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على رأس وفد رفيع المستوى خلال شهر يونيو المقبل، للمشاركة في المؤتمر الذي وُصف بـ"الهام" من قبل مصادر دبلوماسية عراقية، بحضور قادة من دول الجوار، من بينهم الرئيس السوري أحمد الشرع، مما يشير إلى تطبيع محتمل مع النظام السوري الجديد.
وعُقدت النسخة الأولى من "مؤتمر بغداد" في العاصمة العراقية بغداد في أغسطس 2021، فيما عُقدت الثانية بالعاصمة الأردنية عمان في ديسمبر 2022، بمشاركة إقليمية وعربية واسعة.
وفي مطلع عام 2023، وقع رئيس الوزراء العراقي اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع ماكرون، عُدّت الأولى من نوعها بين بغداد وباريس، وتضمنت 50 مادة تعاون، أبرزها تعزيز التعاون الأمني والدفاعي، وتسهيل التزوّد بالمعدات الحربيّة فرنسية الصنع، وتفعيل تبادل المعلومات والاستخبارات العسكريّة بين الطرفين، بحسب بيانات رسمية مشتركة من الطرفين.
وذكرت وسائل إعلام، نقلا عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، أن "زيارة ماكرون إلى العراق ستتضمن مشاركته في النسخة المرتقبة من "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة"، الذي كان قد تأجل في عام 2023 بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة والتوترات الإيرانية الأميركية، بعد أن عُقدت نسختاه الأولى والثانية في عامي 2021 و2022 بمشاركة قادة دول جوار العراق”.
وأضاف أن "المؤتمر سيُعقد قريبا بحضور ماكرون وقادة من دول الجوار، مشيرا إلى أن "فرنسا لم تعد تمانع مشاركة سوريا في أعمال المؤتمر، ومن المرجح أن تُوجّه دعوة رسمية إلى دمشق".
إلى ذلك، أكد عضو لجنة العلاقات النيابية، عامر الفايز، اليوم الأحد، مباشرة اللجان المشتركة بين العراق وفرنسا بترتيب الملفات التي سيُبحث فيها خلال الزيارة، والتي تتصدرها الملفات الأمنية والعسكرية، إلى جانب بحث إمكانية توقيع صفقات تسليح جديدة.
وقال الفايز إن "الزيارة ستركز أيضا على ملفات التعاون الاقتصادي والاستثماري، مع التأكيد على أهمية مشاركة الشركات الفرنسية في تنفيذ مشاريع داخل العراق، وخصوصاً في قطاعي الطاقة والبنية التحتية".
وتابع "كما ستتناول المباحثات تطورات الأوضاع الإقليمية، ودور العراق في تعزيز الاستقرار في المنطقة بدلاً من الانخراط في صراعاتها".
ولفت الفايز إلى أن "الحكومة العراقية تُجري استعدادات مكثفة لتأمين الجانب اللوجستي والأمني للزيارة، نظراً لأهميتها السياسية والدبلوماسية، وما تمثله من دعم دولي لمكانة العراق في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية".
وأكد السوداني، في وقت سابق من اليوم الأحد، في مقابلة مع الصحافي الأميركي تيم كونستانتين أن حضور الرئيس السوري للقمة "مهم جدا لإيضاح رؤية سوريا الجديدة".
وأوضح أن استضافة القمة العربية في بغداد مهمة لتأكيد دور العراق وعلاقاته المتوازنة في المنطقة، مضيفا لن نكون مجرد بلد مستضيف، بل مبادر لتقديم الحلول لمختلف الأزمات التي يمر بها الشرق الأوسط"
ويُظهر السوداني انفتاحا واضحا على الإدارة السورية الجديدة، مؤكدا على أهمية حضور الشرع لإيضاح رؤية سوريا الجديدة، في خطوة تعكس طموح بغداد للعب دور محوري إقليميا وتجاوز جمود العلاقات العربية السورية.
وقد حسم السوداني هذا الملف بعد خلافات داخلية وتصعيد من قوى سياسية عراقية، حيث التقى الشرع في الدوحة وأوفد رئيس المخابرات العراقية إلى دمشق للتشاور.
إلا أن هذا التوجه يواجه معارضة شديدة من قوى سياسية عراقية بارزة، حيث هاجم حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي بشدة دعوة الشرع، بينما لوحت ميليشيا عصائب أهل الحق باعتقاله في حال حضوره، متهمة إياه بالضلوع في أنشطة إرهابية سابقة.
ويعكس هذا الانقسام عمق الخلافات حول مستقبل العلاقات مع سوريا وتأثيرها على التوازنات الإقليمية، خاصة في ظل علاقات النظام السوري الجديد المقربة من تركيا، والتي تتعارض مع تحالفات قوى عراقية نافذة مع إيران.
وعلى صعيد الاستعدادات، وجه السوداني باعتباره القائد العام للقوات المسلحة العراقية السبت، بضرورة التنسيق المستمر بين الأجهزة الأمنية لتأمين عقد القمتين العربية والتنموية في بغداد، معتبرا أن نجاح تنظيم عقدهما سيكون نصرا سياسيا وأمنيا، وذلك خلال مركز القيادة الوطني في وزارة الداخلية.
وأشاد السوداني بحسب بيان لمكتبه بجهود الأجهزة الأمنية التي تقدم أداءً استثنائياً في جميع الظروف، مشيراً إلى الخطط التي أعدتها الأجهزة الأمنية المرافقة لانعقاد القمة العربية الاعتيادية والقمة العربية التنموية في العاصمة بغداد، وأكد أن نجاح تنظيم عقدهما سيكون نصراً سياسياً وأمنياً.
ووجه السوداني، القوات المسلحة بضرورة التنسيق المستمر بين الأجهزة الامنية لتأمين هذا الحدث المهم والحرص على إنجاح تنظيم القمة وتقديم أفضل صورة عن العراق، مشيراً إلى أن القمة التنموية ستعزز فرص الاستثمار في مختلف المجالات بالعراق، وهو أحد أبرز اهدافنا، وفق البيان.