سكان الخرطوم يحاولون النهوض من ركام الحرب

مقاتلو الدعم السريع ما زالوا يحتفظون بمعاقلهم في جنوب وغرب أم درمان بالخرطوم الكبرى.
السبت 2025/05/03
الحركة عادت وإن خجولة

الخرطوم - يحاول سكان الخرطوم النهوض من ركام الحرب واستعادة نسق حياتهم الطبيعي، في ظل هدوء حذر يقطعه أحيانا استئناف القصف على وسط العاصمة السودانية.

وعاد بعض الباعة إلى أشغالهم في سوق كلاكلة اللفة في جنوب العاصمة. يتجول محمد المهدي على دراجته بين سيارات محروقة ومبان تحمل آثار الرصاص في الحي الواقع في أقصى جنوب العاصمة، بينما استهدفت قوات الدعم السريع مواقع تابعة للجيش في وسط الخرطوم مرتين خلال الأسبوع الحالي.

ورغم ترقب ما قد تحمله الأيام المقبلة للخرطوم، يعرب المهدي عن سعادته بعودة الحياة إلى الكلاكلة التي قال إنها تعرضت للتدمير والنهب أثناء الحرب.

قبل أسابيع خلت، كانت هذه السوق مقفرة ويسودها الصمت، إلا أن الحركة عادت وإن خجولة إلى العاصمة السودانية في الفترة الأخيرة، بعد عامين على بدء حرب عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع تركت المدينة بلا بنية تحتية والمواطنين بلا غذاء أو مأوى آمن.

منطقة الكلاكلة كانت قبل أشهر أشبه بمدينة أشباح، ولكن في الأسابيع الأخيرة بدأ المواطنون يستأنفون تدريجيا نشاطهم 

وقبيل إتمام الحرب عامها الثاني، أحرز الجيش تقدما في العاصمة، معلنا في مارس “تحرير” الخرطوم من قوات الدعم السريع.

غير أن مقاتلي الدعم السريع ما زالوا يحتفظون بمعاقلهم في جنوب وغرب أم درمان بالخرطوم الكبرى التي أطلقوا منها القذائف على العاصمة في الآونة الأخيرة.

وأدت الحرب التي دخلت عامها الثالث إلى مقتل عشرات الآلاف من السودانيين ونزوح 13 مليونا، بينما يواجه مئات الآلاف خطر انعدام الأمن الغذائي في ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم.

يسير المهدي بين بائعي الموز والخبز والخضراوات الذين احتمى بعضهم تحت مظلات قماشية قديمة تحيط بها أكوام من القمامة لم تُرفع منذ أيام.

يقول مقبول عيسى محمد، أحد الباعة، إن الحياة العامة في المنطقة “طبيعية.. الأمن مستتب. الحركة مستقرة. التجارة مستمرة. الناس آمنون.”

وعلى ناصية السوق، عادت بائعة الشاي التي يسميها السودانيون “ست الشاي” لبيع أكواب الشاي الساخن للمارة.

قبل بضعة أشهر كانت منطقة الكلاكلة أشبه بمدينة أشباح، ولكن في الأسابيع الأخيرة بدأ المواطنون يستأنفون تدريجا نشاطهم اليومي وسط هدوء هش منذ سيطر الجيش على العاصمة الشهر الماضي.

في الخرطوم وحدها، أدت الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 إلى نزوح أكثر من 3 ملايين ونصف مليون شخص بينما اضطر مئات الآلاف ممن لم يستيطعوا المغادرة إلى العيش على حافة المجاعة في ظل اشتباكات عنيفة بين طرفي الحرب، استهدفت المدنيين بشكل متكرر.

وبعد سيطرة الجيش على العاصمة، تتوقع المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة عودة مليوني سوداني إلى الخرطوم خلال الأشهر الستة المقبلة في حال تحسّن الوضع الأمني.

إلا أن الهجمات الجوية الأخيرة للدعم السريع على مقرات تابعة للجيش وللحكومة الموالية له في وسط الخرطوم تضع آمال عودة الحياة إلى طبيعتها محل تساؤل.

ويقع حي كلاكلة على الطريق المؤدية إلى جبل أولياء المعقل السابق للدعم السريع في جنوب الخرطوم والذي شهد آخر المعارك بينها وبين الجيش قبل إخراج الأولى من العاصمة.

الهجمات الجوية الأخيرة للدعم السريع على مقرات تابعة للجيش وللحكومة الموالية له في وسط الخرطوم تضع آمال عودة الحياة إلى طبيعتها محل تساؤل

وتحولت منطقة جبل أولياء الشهر الماضي إلى ساحة حرب أدت إلى مقتل العشرات بعدما كانت قوات الدعم السريع تسيطر على عدة مناطق في جنوب الخرطوم، بينها كلاكلة.

وفي ظل الهدوء النسبي، عاد موقف كلاكلة اللفة للحافلات إلى العمل وسط حركة مرور محدودة للمواصلات العامة والعربات التي تجرها الحيوانات، لكن حركة المواصلات العامة لم تعد إلى طبيعتها بالكامل بعدُ بسبب هشاشة الوضع الأمني وتدمير البنية التحتية واستمرار الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع في مناطق سيطرة الأخيرة في جنوب وغرب أم درمان بالخرطوم الكبرى.

وأصبحت منطقة الكلاكلة طريقا رئيسا يربط بين ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان وسط السودان والتي سيطر عليها الجيش خلال الأشهر الأخيرة.

وبينما تعود حركة المرور ببطء، لا يزال سكان الكلاكلة في انتظار عودة خدمات المياه إلى المنطقة.

وكانت وكالة السودان للأنباء نقلت في مطلع أبريل تعهدات لوالي الخرطوم بعودة خدمات المياه إلى المنطقة التي حرمتها الحرب من أساسيات الحياة.

ويؤكد سر الختم شبتي، بائع آخر في سوق كلاكلة اللفة، أنه ليس حزينا على فقدان أمواله “بل حزين على كل قطرة دم سقطت في هذه البلاد.”

2