الضغوط الاقتصادية عقبة رئيسية أمام حرية الصحافة

مراسلون بلا حدود: حرية المعلومات تتعرّض بشكل متزايد للعرقلة بسبب شروط تمويلية غير شفافة أو تعسّفية.
السبت 2025/05/03
تحديات بالجملة

باريس - حذرت منظمة مراسلون بلا حدود من الضغوط الاقتصادية التي تهدّد حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، مسلّطة الضوء في هذا المجال على عمليات إغلاق واسعة النطاق لوسائل إعلام إخبارية وسيطرة عمالقة التكنولوجيا وهيمنة أصحاب المليارات، فيما أشارت خصوصا إلى “تدهور مقلق” في الولايات المتحدة في ظل ولاية دونالد ترامب.

وجاء في التصنيف السنوي للمنظمة غير الحكومية الذي نُشر الجمعة عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة، أنّ وسائل الإعلام والصحافيين يواجهون مواقف “إشكالية” أو “صعبة” أو “خطرة للغاية” في ثلاثة أرباع البلدان الـ180 التي تمّ تقييم الأوضاع فيها.

وفيما أكدت مراسلون بلا حدود أنّ “الوضع بات صعبا للمرة الأولى” على مستوى العالم، فقد أشارت خصوصا إلى وطأة القيود الاقتصادية، الأمر الذي تعكسه الحالة الأميركية.

وبعيدا عن النرويج التي تصدّرت التصنيف للعام التاسع على التوالي، تراجعت الولايات المتحدة مرتبتين وباتت تحتل المرتبة السابعة والخمسين وراء سيراليون.

وقالت المديرة التحريرية للمنظمة آن بوكاندي إن “الوضع لم يكن مدعاة للافتخار أصلا” في البلاد التي تراجعت عشر مراتب في العام 2024. إلا أنه تدهور منذ تنصيب دونالد ترامب رئيسا بسبب “هجماته اليومية” على الصحافة.

إدارة ترامب سيّست المؤسسات وخفّضت الدعم لوسائل الإعلام المستقلة وهمشت الصحافيين فيما تنهار الثقة بوسائل الإعلام

وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى أن “إدارته سيّست المؤسسات وخفّضت الدعم لوسائل الإعلام المستقلة وهمشت الصحافيين” الذين باتوا يتعرضون “لعدائية متنامية” فيما “تنهار الثقة بوسائل الإعلام.”

وكانت لجنة حماية الصحافيين رأت في تقرير عن الأيام المئة الأولى من ولاية ترامب الثانية في وقت سابق هذا الأسبوع، أن “حرية الصحافة لم تعد حقا مكتسبا في الولايات المتحدة.”

وبدأ ترامب بتفكيك وسائل الإعلام العامة الأميركية في الخارج، مثل “فويس أوف أميركا”، ما أدى إلى حرمان “أكثر من 400 مليون شخص” من “الوصول إلى معلومات موثوقة” وفقا للمنظمة غير الحكومية.

وأضافت أن “تجميد أموال المساعدات الدولية “من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو.أس.إيد) “أغرق مئات وسائل الإعلام في عدم استقرار اقتصادي حرج” واضطر البعض “إلى الإغلاق ولاسيما في أوكرانيا” التي حلّت في المرتبة الـ62 متراجعة مرتبة واحدة.

بموازاة ذلك، بدأت تتشكّل “صحارى معلومات شاسعة” في الولايات المتحدة، في ظل اختفاء الكثير من وسائل الإعلام المحلية التي تواجه صعوبات مالية.

وأضافت مراسلون بلا حدود أنّ هذه “الضغوط الاقتصادية” التي يتم إلقاء الضوء عليها بشكل أقل من الانتهاكات الجسدية التي يتعرّض لها الصحافيون، تشكّل “عقبة رئيسية” أمام حرية الصحافة.

وأشارت إلى أنّه “في حوالي ثلث دول العالم”، بما في ذلك تونس، التي حلّت في المرتبة 129 (متراجعة 11 مرتبة) والأرجنتين (87 متراجعة 21 مرتبة)، “يلجأ الكثير من سائل الإعلام الإخبارية إلى الإغلاق، نتيجة للصعوبات الاقتصادية المستمرّة.”

وشهد حوالي ثلاثين بلدا “عمليات إغلاق ضخمة تسبّبت في السنوات الأخيرة، في نفي صحافيين”، كما حصل في نيكاراغوا (التي احتلت المرتبة 172 متراجعة تسع مراتب) وأفغانتسان (175 متقدّمة ثلاث مراتب).

Thumbnail

وشددت مراسلون بلا حدود على أن الوضع “كارثي في فلسطين التي حلت 163 بتراجع ست مراتب،” متهمة الجيش الإسرائيلي “بتدمير مكاتب تحرير وقتل نحو200 صحافي”، بينما “يدفع غياب الاستقرار السياسي” في هايتي (112 متراجعة 18 مرتبة) “اقتصاد الإعلام هناك إلى الغرق في الفوضى.”

وعلى نطاق أوسع، يتعرّض اقتصاد هذا القطاع “للتقويض” من قبل شركات “غافام” (غوغل وأبل وفيسبوك وأمازون ومايكروسوفت)، التي تستحوذ منصّاتها “غير الخاضعة لضوابط إلى حد كبير، على حصّة متزايدة من عائدات الإعلانات،” بينما تساهم في “انتشار محتويات مضلّلة أو متلاعب بها.”

ولفتت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أنّ حرية المعلومات “تتعرّض بشكل متزايد للعرقلة بسبب شروط تمويلية غير شفافة أو تعسّفية،” كما هو الحال في المجر (المرتبة 68 متراجعة مرتبة واحدة)، حيث “تعمد الحكومة إلى خنق وسائل الإعلام النقدية، من خلال التوزيع غير العادل للإعلانات الحكومية.”

وحتى في البلدان “التي تتمتع بتصنيف جيد” مثل فنلندا (المرتبة الخامسة) أو أستراليا (المرتبة 29 متقدمة عشر مراتب)، فإنّ تركز وسائل الإعلام ضمن مجموعات محددة يشكل “تهديدا للتعددية ويستدعي الحذر.”

وفي فرنسا (المرتبة 25 متراجعة أربع مراتب)، فإنّ “جزءا مهما من الصحافة الوطنية يخضع لسيطرة عدد قليل من الثروات الكبيرة،” وفقا لمراسلون بلا حدود، التي تتساءل عن “الاستقلال الحقيقي لهيئات التحرير.”

ووصفت المنظمة حرية الصحافة بأنّها في وضع “خطر للغاية” في 42 دولة، سبعة منها أُدرجت أخيرا في هذه الفئة (الأردن، هونغ كونغ، أوغندا، إثيوبيا، رواندا، قيرغيزستان وكازاخستان).

وتبقى إريتريا في المرتبة الأخيرة بعد كوريا الشمالية والصين.

وأعدّت منظمة مراسلون بلا حدود هذا التصنيف استنادا إلى “مسح كمّي للانتهاكات المرتكبة ضد الصحافيين” و”دراسة نوعية” أجراها خبراء.

5