لبنان يلوّح بإجراءات ضد حماس إذا واصلت استهداف إسرائيل من أراضيه

بيروت - بدأ صبر السلطات اللبنانية ينفد إزاء استمرار استخدام الأراضي الجنوبية منصةً لإطلاق الصواريخ من قبل حركة حماس باتجاه إسرائيل، في تصعيد عسكري يهدد بجرّ لبنان إلى حرب جديدة لا طاقة له على تحمّل تبعاتها، خصوصًا في ظل الأضرار الكبيرة التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة، سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي.
وقد حمل تحذير المجلس الأعلى للدفاع من أن أي عمل يهدد الأمن القومي لن يُسمح به، رسالة صريحة لحماس مفادها أن الدولة اللبنانية لم تعد قادرة على غض الطرف عن استخدام أراضيها في صراع إقليمي يتجاوز قدرتها على التحكم بمساراته.
وتجد السلطات اللبنانية، التي تسعى جهدها لاحتواء تداعيات النزاع الإسرائيلي على البلاد، نفسها اليوم في موقع محرج بين واجب السيادة والضغوط الداخلية والخارجية. ويؤكد مراقبون أن تكرار عمليات إطلاق الصواريخ يهدد ليس فقط الاستقرار الهش في الجنوب، بل وحدة الدولة نفسها، خاصة مع تصاعد الانتقادات لدور حزب الله، الحليف الاستراتيجي لحماس وطهران، الذي سبق أن تسبب في اندلاع مواجهات مشابهة في السنوات الماضية. ووسط هذه المعطيات، تتزايد المخاوف من أن يتحوّل لبنان مجددًا إلى ساحة لتصفية الحسابات بين أطراف إقليمية، على حساب أمنه الوطني واستقراره الداخلي.
وجاء في بيان لمجلس الدفاع الأعلى عقب اجتماع ترأسه رئيس الجمهورية جوزيف عون وشارك فيه وزراء الدفاع والمالية والاقتصاد والخارجية والداخلية، أن المجلس قرر "رفع التوصية الاتية الى مجلس الوزراء: تحذير حركة حماس من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي اعمال تمس بالأمن القومي اللبناني".
وأضاف "سيتم اتخاذ اقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية".
وأعلن الجيش اللبناني في ابريل الماضي توقيف لبنانيين وفلسطينيين ضالعين في إطلاق الصواريخ باتجاه اسرائيل يومي 22 مارس و28 مارس. ولم تتبنّ أي جهة عمليات إطلاق الصواريخ فيما نفى حزب الله أي علاقة له بها.
وفي حين لم يحدد الجيش انتماء الموقوفين، أفاد مصدر أمني حينها بتوقيف ثلاثة منتمين الى حركة حماس التي سبق أن أعلنت مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ من لبنان خلال الحرب.
ونقل بيان مجلس الدفاع عن الرئيس عون تشديده على "عدم التهاون تجاه تحويل لبنان منصة لزعزعة الاستقرار...وعدم توريط لبنان بحروب هو بغنى عنها".
وأكّد رئيس الحكومة نواف سلام وفق البيان على "ضرورة تسليم السلاح غير الشرعي...وعدم السماح لحماس أو غيرها من الفصائل زعزعة الاستقرار الأمني والقومي".
وأعلن المجلس الأعلى للدفاع أنه أخذ العلم "بمباشرة الملاحقات القضائية مطلع الأسبوع القادم بحق كل من الموقوفين على ذمة التحقيق" في قضية إطلاق الصواريخ.
ورغم سريان وقف لإطلاق النار منذ 27 نوفمبر تواصل إسرائيل شنّ ضربات دامية تؤكد أنها تستهدف عناصر في الحزب أو "بنى تحتية" عائدة له لا سيما في جنوب لبنان. كذلك، طالت بعض الضربات عناصر في حركة حماس أو فصائل لبنانية متحالفة معها ومع الحزب، تتهمهم الدولة العبرية بالضلوع في المواجهة التي امتدت لأكثر من عام على جانبي الحدود.
ونصّ الاتفاق على انسحاب مقاتلي الحزب من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود) وتفكيك بناه العسكرية، في مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة (يونيفيل).
كذلك، نصّ على انسحاب إسرائيل من مناطق توغلت فيها في جنوب لبنان خلال الحرب. وقد انسحبت القوات الإسرائيلية منها، باستثناء خمسة مرتفعات تتيح لها الإشراف على جانبي الحدود.
وأكد الرئيس اللبناني جوزاف عون الأربعاء أن الجيش يسيطر على أكثر من 85 في المئة من الجنوب الذي قام بـ"تنظيفه"، في إطار تنفيذ التزاماته بالاتفاق.
وكان مصدر أمني لبناني أكد أن حزب الله انسحب من جنوب الليطاني وجرى تفكيك معظم بنيته العسكرية في تلك المنطقة.