حزب العمال الكردستاني يوجه سلاحه صوب قوات كردستان العراق

السليمانية (إقليم كردستان العراق)- تبنى حزب العمال الكردستاني، الخميس، هجومين نفذا مطلع الأسبوع الجاري باستخدام الطيران المسيّر وأسفرا عن إصابة خمسة عناصر من قوات البيشمركة، جيش إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي ضمن الدولة الاتّحادية العراقية. ويعتبر الهجومان تطورا خطرا في المواجهة التي يخوضها مقاتلو الحزب بالأساس ضدّ القوات التركية منذ نحو أربعة عقود انطلاقا من مناطق تمركزهم بالشمال العراقي.
وشهدت المواجهة التركية ضدّ الحزب خلال الفترة الأخيرة تطورات هامّة تمثّلت بالخصوص في اتساع دائرة التوافق بين كل من أنقرة وبغداد وأربيل مركز إقليم كردستان العراق في الموقف من الحزب وتواجد قواته على الأراضي العراقية بعد أن بادرت حكومة العراق بتصنيفه كيانا محظورا.
كما شهدت أيضا تطورات ميدانية حيث أتاح تسامح بغداد مع النشاط العسكري التركي داخل الأراضي العراقية للقوات التركية توسيع دائرة ملاحقتها لمقاتلي الحزب داخل تلك الأراضي وتكثيف نشاطها الحربي ضدّهم، بينما تتحدّث مصادر عن انتقال الأجهزة الأمنية والاستخباراتية العراقية بما في ذلك الكردية إلى التعاون والتنسيق مع نظيرتها التركية ضدّ هؤلاء المقاتلين.
وعلى هذه الخلفية اعتبر استهداف حزب العمال لقوات البيشمركة تعبيرا عن موقف ورسالة بشأن استعداد الحزب للمواجهة مع كل الأطراف التي تنخرط إلى جانب تركيا في الحرب ضدّه، بما في ذلك أبناء جلدته الأكراد.
كما جاءت الحادثة بالتوازي مع جهود السلام التي انخرطت فيها تركيا مؤخرا مع القيادة السياسية لحزب العمال ممثلة بالمؤسس والزعيم التاريخي للحزب عبدالله أوجلان وذلك بمساهمة مباشرة من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ممثلة برئيس الحزب مسعود بارزاني. ولذلك لم يخل استهداف البيشمركة من تهديد لذلك المسار السلمي الذي لا يبدو مرحّبا به من قبل قيادات ميدانية أكثر تشدّدا داخل حزب العمّال، ويبدو أنّها معترضة على إلقاء السلاح والانخراط في العمل السياسي.
◙ الهجومان يعتبران تطورا خطرا في المواجهة التي يخوضها مقاتلو حزب العمال الكردستاني ضدّ القوات التركية في الشمال العراقي
وحدث الهجومان يومي الاثنين والثلاثاء واستهدفا قواعد للبيشمركة في محافظة دهوك في شمال العراق، في منطقة تشهد منذ زمن طويل مناوشات بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة إرهابية. وقال الحزب في بيان “تدخلت قيادتنا في تلك الساحة يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من أبريل بحذر لتجنب وقوع إصابات تزامنا مع بناء البيشمركة مقرا عسكريا جديدا.”
ومن شأن بناء هذا المقر أن يؤدي، وفق البيان، إلى “قطع الطريق” في إطار “خطة التدمير والحصار ضد قواتنا التي تقاوم.” وقالت سلطات إقليم كردستان الثلاثاء إن الهجومين حدثا “باستخدام الطائرات المسيرة.” وأشار كامران عثمان من منظمة “فرق صناع السلم المجتمعي” التي توثق العمليات التركية في كردستان العراق، لوكالة فرانس برس في اليوم نفسه إلى أن قوات البيشمركة تعمل على إقامة ثكنة في منطقة جبل متين الحساسة.
وجاء الهجومان بعد أسابيع من إعلان حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار مع تركيا تلبية لدعوة الزعيم الكردي عبدالله أوجلان إلى إلقاء السلاح وحلّ نفسه. وتقيم تركيا منذ ربع قرن قواعد عسكرية في شمال العراق لمواجهة مقاتلي الحزب المنتشرين في مواقع ومعسكرات في إقليم كردستان. ورغم وقف إطلاق النار، تستمر المناوشات بين الطرفين في عدة مناطق في شمال العراق.
وأكّد حزب العمال الكردستاني في بيانه “لا نريد الدخول في صراع وحرب مع أي جهة،” مشددا على “ضرورة الحوار في سبيل حلّ مشكلتنا.” واعتبر مجلس أمن إقليم كردستان أن “بعض الأطراف والمجموعات تحاول عرقلة عملية السلام والاستقرار في المنطقة،” مشيرا إلى أن “قوات البيشمركة وقوات الأمن الداخلي مستعدة للرد المناسب على أي هجوم تخريبي.”
وتجنّب المجلس في بيان بشأن الحادثتين تسمية حزب العمال بالاسم مكتفيا بالقول إنّ “مجموعة إرهابية قامت باستهداف قواعد البيشمركة بالطائرات المسيرة،” مؤكّدا استعداد البيشمركة “للرد بإرادة فولاذية على أي مؤامرة أو هجوم للأعداء.”
وأضاف في بيانه “بينما تشرف عملية السلام في الشمال ومؤتمر اتحاد الأطراف الكردستانية في الغرب وعملية تشكيل الكابينة الجديدة لحكومة الإقليم على الانتهاء، تحاول بعض الأطراف والمجموعات عرقلة عملية السلام والاستقرار في المنطقة،” مؤكّدا قوله “نحن في مجلس أمن إقليم كردستان إذ ندين هذه الهجمات الإرهابية، نحذر جميع تلك المجموعات والأطراف التي تستهدف أمن الإقليم،” وأنّ “قوات البيشمركة وقوات الأمن الداخلي مستعدة للرد المناسب على أي هجوم تخريبي.”