موريتانيا تنأى بنفسها عن زيارة مستشار حميدتي وسط جدل واسع

نواكشوط – سارعت الحكومة الموريتانية إلى نفي أي صلة رسمية لها بزيارة المستشار السياسي والقانوني لقائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد المختار النور، وذلك في خضم الجدل المتصاعد والردود الفعل الواسعة التي أثارتها هذه الزيارة.
ففي مؤتمر صحفي عقده مساء الأربعاء في نواكشوط، أكد وزير الثقافة والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، الحسين ولد مدو، بشكل قاطع أن الحكومة لم تستدع المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع.
وأوضح ولد مدو أن النور لم يصل إلى موريتانيا بصفته الرسمية أو شاغلًا لأي منصب حكومي، بل دخل البلاد "في زيارة خاصة بناء على دعوة خاصة".
وأكد أن الحكومة لم تستدع المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع في السودان.
وكان المستشار السياسي والقانوني لقائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو، قد شارك في أنشطة نظمتها هيئة دينية تتبع للخلافة العامة للطريقة القادرية في غرب أفريقيا، وحضر أمسية أقيمت الجمعة الماضي بقرية النيمجاط بولاية الترارزة غربي موريتانيا.
وأثارت هذه الزيارة موجة من الغضب والجدل في الأوساط الموريتانية المختلفة. وتصاعدت الدعوات المطالبة الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لطرد النور من البلاد، وذلك على خلفية الاتهامات الموجهة إليه بالتورط في "جرائم إبادة ضد السودانيين" بسبب دوره في أنشطة التمرد المسلح الذي تقوده قوات الدعم السريع في السودان.
كما أعربت جمعية الجالية السودانية المقيمة في موريتانيا عن إدانتها الشديدة لهذه الزيارة، معتبرة إياها استفزازا لمشاعر السودانيين المتضررين من الصراع الدائر في بلادهم.
ويعكس النفي الرسمي الصريح من الحكومة الموريتانية محاولتها احتواء حالة الغضب الشعبي والاحتجاجات المتزايدة التي أعقبت ظهور المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع على أراضيها.
وتؤكد تصريحات الوزير ولد مدو على سعي نواكشوط إلى النأي بنفسها عن أي دعم أو تأييد لطرفي الصراع الدائر في السودان، والتأكيد على أن الزيارة كانت ذات طابع خاص ولم تتم بدعوة أو تنسيق حكومي.
وكان وفد من البرلمان الموريتاني أدى قبل أيام زيارة للعاصمة السودانية الخرطوم، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان.
وقال وكيل الخارجية السودانية بالإنابة السفير إدريس إسماعيل، في تصريح صحافي، إن زيارة الوفد الموريتاني "تأتي في إطار العلاقات الوطيدة بين الدولتين"، مبينا أنه أول وفد برلماني عربي وأفريقي يزور السودان خلال هذه الفترة.
وأضاف الدبلوماسي السوداني أن الزيارة تأتي "للتضامن مع الشعب السوداني لمواجهة الأزمة الراهنة"، مشيرا إلى أن الوفد الموريتاني أكد أن هذه الحرب حرب قامت بها فئة باغية حاولت الانقلاب على السلطة، ولكن بحكمة وحنكة قيادة القوات المسلحة تمكن السودان من إحباط هذه المؤامرة في مهدها.
من جهته، قال رئيس الوفد البرلماني الموريتاني، مصطفى الداه صهيب، إن اللقاء تناول العلاقات التاريخية بين البلدين من منظور ثقافي، منوها بحيوية العلاقات السودانية الموريتانية.
وأكد البرلماني الموريتاني أن العلاقات الموريتانية السودانية عصية على التغيرات الداخلية والخارجية، منوها بأن رئيس المجلس السيادي شكر الشعب الموريتاني على وقوفه بجانب السودان، واحتضانه للجالية السودانية بموريتانيا.
ويخوض الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" منذ منتصف أبريل عاما 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتعرضت قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة لانتكاسات عسكرية كبيرة، حيث بدأت تتناقص مساحات سيطرتها في ولايات السودان، فيما تسارعت انتصارات الجيش في الخرطوم، بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.
وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور.