جنبلاط يسعى لاحتواء التصعيد بين الدروز والقوات السورية

بيروت- يعمل الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط على احتواء التصعيد بين الدروز والقوات السورية رافضا جر الطائفة إلى الدخول في حرب لأبعاد طائفية أو خدمة لأجندات خارجية تريد توظيف وضع الدروز القلق في سوريا. وتنضوي تحت راية القوات السورية مجموعات من قوات الأمن الحكومية ومقاتلون متحالفون معها.
ويدرك جنبلاط أن إطلاق شرارة حرب طائفية في سوريا يعني خوض "حرب بلا نهاية" بين مختلف مكونات الشعب السوري، كما جرى في الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت خمسة عشر عاما وانتهت إلى تسوية طائفية تمنع وحدة لبنان وتطوره وتضعه باستمرار على فوهة بركان الحرب.
وسيعني اشتعال الحرب الطائفية فتح سوريا لصراع الأجندات الخارجية مثلما جرى خلال الحرب التي انطلقت منذ 2011، والتي غذت الاصطفافات الطائفية بين السوريين مع دخول إيران ودعم قطر وتركيا لمجموعات إسلامية متشددة.
ويجد جنبلاط دعما كبيرا من مشايخ الدروز في لبنان وسوريا، الذين يرفضون الانسياق وراء التصعيد والبحث عن حلول عبر الحوار مع حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع. وحرّمت مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز في لبنان، الأربعاء، قطع الطرقات والاحتجاج في الشوارع والتعرض للسوريين.
◙ جنبلاط يدرك أن إطلاق شرارة حرب طائفية في سوريا يعني خوض حرب أهلية بلا نهاية، كما جرى في الحرب الأهلية بلبنان
وقال بيان صادر عن مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز “بعد التواصل مع المشايخ الأجلاء في المناطق، والتشاور معهم والوقوف على توجيهاتهم، تؤكد مشيخة العقل على تحريم قطع الطرقات أو خروج أبنائنا وإخواننا إلى أيّ شارع بغية الاحتجاج أو التظاهر، مهما كانت الدوافع والأسباب، ورفضهم التعرض للأخوة السوريين الأبرياء المتواجدين في مناطقنا.”
ودعت مشيخة العقل “الجميع للابتعاد عن تداول الأخبار التحريضية، واستبدالها بتوجيه النصح إلى الشباب المعروفي (الدرزي)، بالعودة إلى رأي المشايخ الأفاضل قبل اتخاذ أيّ خطوة، من شأنها التسبب بتداعيات سلبية في مجتمعنا.” وحذر جنبلاط من أن إسرائيل تريد جرّ دروز سوريا إلى “حرب لن تنتهي.” وقال جنبلاط خلال اجتماع لرجال دين وسياسيين دروز لبنانيين “حفظ الإخوان يكون برفض التدخل الإسرائيلي.”
ووجه جنبلاط انتقادات إلى الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل الشيخ موفق طريف، معتبرا أن “ما يجري اليوم من خلال الشيخ طريف وأتباع الشيخ طريف يريد توريط بني معروف في حرب لن تنتهي ضد المسلمين.” وأضاف “إذا كان أحد منكم يظنّ أن المشروع الإسرائيلي مختلف عمّا أقول فهو واهم،” متابعا “أقلية صغيرة يراد منها محاربة كل المسلمين، وتعلمون في هذا العجز العربي سنتهم نحن بأننا جنود عند الجيش الإسرائيلي.”
وينظر جنبلاط إلى الخطر ببعده الأشمل معارضا توظيف قضية الدروز في خوض حرب جديدة بالمنطقة وجرّهم إليها، ومخيرا الذهاب إلى سوريا وفتح باب الحوار لتطويق هذا الخلاف بدلا من أن يحسب على الدروز أنهم كانوا سببا في إثارة الحرب وإعطاء شرعية للتدخل الإسرائيلي في سوريا. وأكد ضرورة “التهدئة والحوار ودعوة السلطة السورية إلى أن تقوم بتحقيق شفاف،” مبديا استعداده لزيارة دمشق ولقاء قادة السلطات الجديدة “وأتحاور معهم وأضع أسسا لمطالب الدروز الذين هم جزء من الشعب السوري.”
وتسعى إسرائيل إلى استثمار التوتر الطائفي في سوريا وحالة القلق لدى الأقليات بعد أحداث الساحل لتعلن باستمرار عن دعمها لدروز سوريا واستعدادها لحمايتهم ضمن خطة لاستقطابهم إلى صفها عن طريق فتح باب الزيارات بينهم وبين دروز الجولان المحتل. وأعلنت إسرائيل أنها نفذت ضربة تحذيرية ضد جماعة متطرفة كانت تعد لمهاجمة دروز في سوريا، وفاء بتعهدها بحماية الأقلية الدرزية.
◙ إسرائيل تسعى إلى استثمار التوتر الطائفي في سوريا وحالة القلق لدى الأقليات بعد أحداث الساحل لتعلن عن دعمها لدروز سوريا واستعدادها لحمايتهم ضمن خطة لاستقطابهم
وفي بيان مشترك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الضربة أصابت “الجماعة المتطرفة” بينما كانت تستعد لمهاجمة أفراد من الأقلية الدرزية في بلدة صحنايا السورية إلى الجنوب مباشرة من دمشق. وأضافا “في الوقت نفسه، وُجهت رسالة إلى النظام السوري مفادها أن إسرائيل تتوقع منه التحرك لمنع إلحاق الأذى بالدروز.”
ويشرح المحلّل مايكل هورويتز أن إسرائيل من خلال تبني دور “الراعي” للمجتمع الدرزي، تسعى “إلى تحقيق هدفين متوازيين: كسب حلفاء محليين، لاسيما في جنوب سوريا، وتعزيز موقعها في معادلة إقليمية ما زال مستقبل سوريا فيها معلّقا وغامضا.”
وعقب انتشار تسجيل صوتي نُسب إلى شخص درزي يتضمن إساءات إلى النبي محمد اندلعت اشتباكات ليل الاثنين الثلاثاء في مدينة جرمانا وأسفرت عن مقتل 17 شخصا. وتوسعت الاشتباكات ليل الثلاثاء الأربعاء إلى منطقة صحنايا وأسفرت عن مقتل 22 شخصا. وأعلنت سوريا، مساء الأربعاء، رفضها “بشكل كامل” لدعوات ما تُسمّى “حماية دولية” أطلقتها “جماعات خارجة عن القانون شاركت في أعمال عنف.”
وقالت وزارة الخارجية السورية، في بيان عبر منصة إكس “تؤكد الجمهورية العربية السورية رفضها القاطع لجميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية.” ونددت بـ”الدعوات الأخيرة التي أطلقتها جماعات خارجة عن القانون، شاركت في أعمال عنف على الأراضي السورية، للمطالبة بما تُسمى حماية دولية." واعتبرت أنها "دعوات غير شرعية ومرفوضة بشكل كامل." كما أعلنت السلطات السورية نشر قواتها قرب دمشق لضمان "الأمن والاستقرار." وتعهدت بـ"حماية" جميع المكونات بمن فيهم الدروز.