يقظة أمنية إماراتية تحبط تهريب أسلحة للجيش السوداني

النيابة العامة تؤكد تورط صلاح قوش بخلية تهريب أسلحة بطلب من البرهان، واستخدام طائرة خاصة وشحنة طبية للتضليل، مع ضبط ملايين الدولارات بحوزتهم.
الأربعاء 2025/04/30
الإمارات تقطع طريق السلاح غير المشروع

أبوظبي - في عملية استباقية نوعية تعكس مدى يقظة الأجهزة الأمنية في الإمارات العربية المتحدة وحرصها الشديد على صون الأمن الإقليمي، تمكنت الدولة اليوم الأربعاء من إحباط محاولة واسعة النطاق لتمرير شحنة ضخمة من الأسلحة والعتاد العسكري بطريقة غير مشروعة إلى القوات المسلحة السودانية التي تخوض حربا دامية منذ نحو ثلاث سنوات ضد قوات الدعم السريع.

وكشف النائب العام الإماراتي الدكتور حمد سيف الشامسي في بيان عن تفاصيل هذه العملية الأمنية المعقدة التي أسفرت عن القبض على أعضاء خلية إجرامية متورطة في عمليات وساطة وسمسرة واتجار غير مشروع في العتاد العسكري، وذلك في انتهاك صارخ للقوانين الإماراتية ودون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة.

ويلقي هذا الإعلان الضوء على تفاصيل هذه العملية الأمنية الهامة، ويكشف عن تورط شخصيات سودانية بارزة في الجيش والمخابرات والسياسة، بالإضافة إلى استعراض الخلفيات المتعلقة بدور دولة الإمارات المحوري في دعم الاستقرار الإقليمي وجهودها الحثيثة في مكافحة انتشار الأسلحة غير المشروعة وتقويض الجماعات الإرهابية والميليشيات المتطرفة التي تهدد أمن المنطقة.

وقال النائب العام الإماراتي في بيان تفصيلي إنه جرى ضبط المتهمين، أثناء معاينة كمية من الذخائر داخل طائرة خاصة، كانت تحمل نحو خمسة ملايين طلقة ذخيرة عيار "62.7×54"، من نوع جيرانوف من العتاد العسكري، في مطار بالإمارات".

ولم يقتصر الضبط، وفقا للبيان، على الذخائر فحسب، بل امتد ليشمل جزءا من المتحصلات المالية الناتجة عن هذه الصفقات المشبوهة، حيث تم العثور على مبالغ مالية كبيرة بحوزة اثنين من المتهمين داخل غرفهم الخاصة بأحد الفنادق في الإمارات، مما يؤكد الطابع التجاري غير المشروع لهذه العمليات.

وأوضح الشامسي أن التحقيقات كشفت عن تورط شبكة واسعة تضم شخصيات سودانية بارزة في الجيش والمخابرات والسياسة في هذه العمليات غير المشروعة.

وقد شملت قائمة المتورطين المدير السابق لجهاز المخابرات السودانية، صلاح قوش، وضابطا سابقا بالجهاز نفسه، بالإضافة إلى مستشار وزير المالية السوداني السابق، وسياسي مقرب من كل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان ونائبه ياسر العطا، فضلا عن عدد من رجال الأعمال السودانيين.

وأظهرت التحقيقات أن هذه الخلية نجحت في إتمام صفقات عتاد عسكري واسعة النطاق شملت أسلحة من نوع (كلاشنكوف)، وذخائر، ومدافع رشاشة، وقنابل، تقدر قيمتها بملايين الدولارات، تم تمريرها من الجيش السوداني إلى الشركة المستوردة داخل الإمارات، باستخدام طريقة (الحوالة دار) عبر شركة مملوكة لأحد أعضاء الخلية الهاربين، يعمل لصالح القوات المسلحة السودانية، بالتنسيق مع العقيد عثمان الزبير مسؤول العمليات المالية بالقوات المسلحة السودانية.

لتغطية طبيعة هذه الصفقات غير المشروعة وإخفاء حقيقة الأموال المتدفقة، لجأت الخلية المتورطة إلى اصطناع عقود وفواتير تجارية مزورة. وقد أظهرت التحقيقات أن هذه الفواتير الوهمية كانت تثبت، على خلاف الحقيقة، أن الأموال المحولة هي مقابل صفقة استيراد سكر، في محاولة لإضفاء طابع قانوني على التحويلات المالية المشبوهة.

وخلصت التحقيقات إلى أن تلك الصفقات تمت بناء على طلب من لجنة التسليح بالقوات المسلحة السودانية برئاسة عبدالفتاح البرهان، ونائبه ياسر العطا وبعلمها وموافقتها، وبتكليف مباشر لأعضاء الخلية بالتوسط وإتمام الصفقات، بواسطة أحمد ربيع أحمد السيد، السياسي المقرب من القائد العام للجيش السوداني ونائبه ياسر العطا المسؤول عن إصدار الموافقات وشهادات المستخدم النهائي.

أكدت التحقيقات الجارية ضلوع المتهم صلاح قوش، في إدارة عمليات الاتجار بالعتاد العسكري غير المشروع داخل دولة الإمارات، وذلك بالتعاون الوثيق مع باقي أعضاء الخلية حيث تحصلوا على 2.6 مليون دولار كفارق سعر (هامش ربح) عن القيمة الحقيقية للصفقتين، جرى اقتسامها بينهم وبين عدد من معاونيهم.

وقد تم ضبط حصة المتهم صلاح قوش من هامش الربح بحوزة المتهم خالد يوسف مختار يوسف، الضابط السابق بجهاز المخابرات السودانية ومدير مكتب صلاح قوش سابقاً.

وكشفت التحقيقات الجارية عن تفاصيل مثيرة تتعلق بالشحنة التي تم ضبطها مؤخراً في مطار بالإمارات، فقد تبين أن الطائرة الخاصة التي كانت تحمل الذخائر كانت قادمة من دولة أجنبية وهبطت في الإمارات للتزود بالوقود.

وقد أعلنت الطائرة رسميا أنها تحمل شحنة من الأدوات الطبية، في محاولة للتضليل وتجنب التفتيش، إلا أن يقظة الأجهزة الأمنية الإماراتية والتحريات الدقيقة أدت إلى كشف الحقيقة وضبط العتاد العسكري تحت إشراف النيابة العامة وبناء على أذون قضائية صادرة من النائب العام بالضبط والتفتيش.

وقد تم خلال العملية ضبط صور العقود الخاصة بالصفقتين، ومستندات الشحن المزورة، بالإضافة إلى التسجيلات والمراسلات المتبادلة بين أعضاء الخلية، والتي تدينهم وتثبت تورطهم في هذه العمليات غير المشروعة.

وكشفت التحقيقات عن وجود عدد من الشركات المملوكة لرجل أعمال سوداني الأصل أوكراني الجنسية، من بينها شركة تعمل داخل الدولة، شاركت في توفير احتياجات الجيش السوداني من أسلحة وذخائر وقنابل وطائرات بدون طيار، بالتعاون مع أعضاء الخلية والمسؤول المالي بالقوات المسلحة السودانية، وهي مدرجة ضمن قوائم العقوبات الأميركية، مما يثير تساؤلات جدية حول كيفية تمكن هذه الشركات الخاضعة للعقوبات من مواصلة نشاطها وتوريد الأسلحة.

وأكدت التحقيقات الجارية على وجود ارتباط وثيق بين مصالح المجموعة المتورطة في هذه العمليات غير المشروعة والأرباح المالية الكبيرة التي تحققها، وبين استمرار حالة الاقتتال الداخلي الدامي في السودان.

ويشير هذا الاكتشاف الخطير إلى أن هناك أطرافاً مستفيدة بشكل مباشر من استمرار الصراع، وأن هذه الأطراف قد تكون لها مصلحة في إطالة أمد النزاع من أجل تحقيق مكاسب مالية غير مشروعة.

وصف النائب العام الإماراتي هذه الواقعة بأنها "تشكل إخلالا جسيما بأمن الدولة، بجعل أراضيها مسرحا لأنشطة اتجار غير مشروع في العتاد العسكري الموجه إلى دولة تعاني من اقتتال داخلي، فضلا عما تنطوي عليه من ارتكاب لجرائم جنائية معاقب عليها قانونا".

وشدد النائب العام على أن دولة الإمارات تولي أهمية قصوى لمكافحة انتشار الأسلحة غير المشروعة والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي. وأكد أن الأجهزة الأمنية والقضائية في الدولة ستتعامل بكل حزم مع هذه القضية الخطيرة، وأن التحقيقات لا تزال جارية لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة تمهيداً لإحالة المتهمين إلى محاكمة عاجلة. وأشار إلى أن النتائج النهائية للتحقيقات سيتم الإعلان عنها فور الانتهاء منها.

وتأتي هذه العملية الأمنية الناجحة في سياق جهود دولة الإمارات العربية المتحدة الدؤوبة لدعم الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. ولطالما كانت الإمارات من الداعمين الرئيسيين للجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى حل النزاعات بالطرق السلمية وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. وتؤكد هذه الواقعة حرص الإمارات على عدم السماح باستغلال أراضيها كمنصة لأنشطة غير مشروعة تهدد أمن الدول الشقيقة والصديقة.

وقد لعبت الإمارات دورا فاعلا في العديد من المبادرات الإقليمية والدولية الهادفة إلى تحقيق السلام والاستقرار في السودان، ودعت مراراً إلى وقف الاقتتال الداخلي وحماية المدنيين. كما قدمت الإمارات مساعدات إنسانية كبيرة للشعب السوداني المتضرر من النزاع.

وتؤكد هذه العملية الأمنية أن الإمارات لا تتهاون مع أي محاولات لتقويض الاستقرار في السودان أو تأجيج الصراع من خلال تزويد أطراف النزاع بالأسلحة بطرق غير مشروعة.

وتبعث هذه العملية الأمنية الناجحة برسالة قوية وواضحة إلى جميع الأطراف التي تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة واستغلال النزاعات الداخلية لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

وتؤكد دولة الإمارات من خلال هذه العملية أنها لن تتهاون مع أي محاولات لانتهاك قوانينها أو استخدام أراضيها كمنصة لأنشطة تهدد الأمن الإقليمي، وأنها ستضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بأمنها أو أمن جيرانها.

ويمثل نجاح الأجهزة الأمنية الإماراتية في إحباط محاولة تهريب الأسلحة الضخمة إلى الجيش السوداني وكشف تورط قيادات سودانية بارزة في هذه العمليات إنجازا أمنيا هاما واستراتيجياً يؤكد مدى يقظة الإمارات وحرصها الراسخ على صون الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وتؤكد هذه الواقعة الخطيرة على حجم التحديات التي تواجه المنطقة في ظل انتشار الأسلحة غير المشروعة وتأثيرها المدمر على الدول التي تشهد نزاعات داخلية. كما تسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في مكافحة هذه الأنشطة الخبيثة وحماية الأمن والاستقرار في المنطقة. ومن المؤكد أن نتائج التحقيقات النهائية والمحاكمات التي ستليها ستكشف المزيد من التفاصيل الهامة حول هذه القضية الخطيرة وتورط أطراف أخرى فيها.