كيف سيفكك حزب الله سلاحه: طواعية أم بالقوة

معادلة صعبة: التقاعس يفقد الخطة الزخم الداخلي والخارجي والتسرع قد يقود إلى تمرد الحزب.
الأربعاء 2025/04/30
لا مفر من نزع سلاح حزب الله

بيروت– يبدي المسؤولون اللبنانيون إصرارا على  نزع سلاح حزب الله وهو ما يشير إلى أن الأمر بات حتميا ولا مفرّ منه. لكن الخلاف يتعلق بالطريقة التي سيتم بها نزع هذا السلاح وتوقيت ذلك، وهل أن الحزب سيقبل طواعية بتسليم سلاحه أم أنه سيعمد إلى المناورة وشراء الوقت ما يدفع إلى تدخل إسرائيلي لنزع السلاح بالقوة.

وتدفع إسرائيل والولايات المتحدة نحو نزع سلاح حزب الله بسرعة، على الرغم من وجود خلاف حول موعد ذلك وكيفية حدوثه.

وقال الجيش الإسرائيلي الأحد إنه قصف مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت يُستخدم لتخزين صواريخ دقيقة التوجيه تابعة لحزب الله، وإنها “تشكل تهديدا كبيرا لدولة إسرائيل.”

ويظهر استمرار إسرائيل في توجيه ضربات لمواقع أسلحة تابعة لحزب الله أو استهداف بعض قادته الفاعلين توجها إسرائيليا إلى تفكيك نشاط الحزب عاجلا أم آجالا، وهو توجه تدعمه الولايات المتحدة وتضغط على لبنان للمضي فيه دون تردّد شرطا للحصول على أيّ دعم خارجي.

90

في المئة من أسلحة حزب الله المتطورة من طائرات مسيّرة وصواريخ دُمّرت بالفعل ومعظمها على يد إسرائيل

وأكّد الرئيس اللبناني جوزيف عون التزامه بوضع جميع الأسلحة في البلاد تحت سيطرة الدولة، لكنه أصرّ على أن ذلك سيتم من خلال الحوار وخطة أمنية وطنية، وليس بالقوة.

وقال عون الثلاثاء إن “قرار حصرية السلاح لا رجوع عنه لأنه يلقى تأييدا واسعا من اللبنانيين والدول الشقيقة والصديقة.”

وأضاف لدى استقباله وفدا من الباحثين في معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن برئاسة الجنرال الأميركي المتقاعد جوزيف فوتيل إن “سحب السلاح لن يكون سببا لاضطرابات أمنية في البلاد، بل سيتم من خلال الحوار.”

ويخشى الكثيرون من أن أيّ محاولة لنزع سلاح حزب الله بالقوة قد تُشعل حربا أهلية، وهو ما اعتبره عون “خطا أحمر.” وقال إلياس حنا، العميد المتقاعد في الجيش اللبناني، إن حزب الله لا يزال “في مرحلة إنكار” لتراجع نفوذه العسكري والسياسي.

وأضاف أن نزع سلاحه يجب أن يكون جزءا من مناقشات أوسع نطاقا حول العقيدة والإستراتيجية العسكرية اللبنانية، مشيرا إلى أن الجيش اللبناني يمكن أن يستفيد من خبرة حزب الله التي مكّنته لسنوات من ردع إسرائيل حتى الحرب الأخيرة. وتابع أن أمام حزب الله خيارين: إما تسليم سلاحه طواعية، أو أن تنتزعه إسرائيل بالقوة.

وأشار ممثلو حزب الله إلى أنهم منفتحون على المناقشات حول أسلحتهم، لكن الأمين العام للحزب نعيم قاسم قال في وقت سابق من هذا الشهر إن الحوار الهادف يعتمد على انسحاب إسرائيل أولا من المناطق المحتلة في جنوب لبنان ووقف الغارات الجوية شبه اليومية.

ويرى أرام نركيزيان، الزميل البارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن “على اللبنانيين تحقيق توازن دقيق في مسألة نزع السلاح، فالتأخير يُعرّضهم لخطر فقدان الزخم الداخلي والشرعية الدولية.”

حح

وأكّد في المقابل أن التسرع المفرط قد يثير اتهامات من قاعدة دعم حزب الله ذات الأغلبية الشيعية (التي لا تزال تُعاني من الألم والجراح) بالتعاون مع إسرائيل. وحذّر نركيزيان أيضا من أن هذا يخاطر بشنّ فلول حزب الله تمردا ضد الحكومة اللبنانية.

وعرض عون خطة لاستيعاب مقاتلي حزب الله في الجيش اللبناني كأفراد على أن تُضاف الأسلحة التي يعتبرها الجيش صالحة للاستخدام إلى ترسانته، بينما تُدمّر الأخرى.

ويعتقد نركيزيان أن أكثر من 90 في المئة من “أسلحة حزب الله المتطورة والثقيلة” (التي كانت تشمل سابقا عشرات الآلاف من الطائرات المسيّرة والصواريخ)، دُمّرت بالفعل، ومعظمها على يد إسرائيل.

ويضيف أن أسلحة حزب الله المتبقية لا تتوافق على الأرجح مع ترسانة الجيش اللبناني التي تأتي في الغالب من الغرب، حيث تعتمد الجماعة أسلحة إيرانية وروسية وصينية الصنع.

واستبعد نركيزيان دمج عشرات الآلاف من مقاتلي حزب الله في الجيش، لأن أيديولوجيتهم تتوافق إلى حد كبير مع عقيدة إيران، وتتعارض مع العقيدة العسكرية الوطنية.

يخشى الكثيرون من أن أيّ محاولة لنزع سلاح حزب الله بالقوة قد تُشعل حربا أهلية، وهو ما اعتبره عون "خطا أحمر"

وأقرّ العميد المتقاعد في الجيش اللبناني حسن جوني بعدم توافق معظم ترسانة حزب الله مع سلاح الجيش، لكنه قال إن حقبة ما بعد الحرب الأهلية في لبنان تُشكّل سابقة لدمج المقاتلين.

وأكّد أن مقاتلي الجماعة “يصبحون كأيّ جندي آخر” بعد التدريب. وبينما قد يواجه بعضهم تحديات تتعلق بمعتقداتهم الدينية أو الأيديولوجية، فمن غير المرجّح أن تؤثر هذه المسألة على الجميع.

وصرّح إبراهيم الموسوي، نائب في البرلمان اللبناني عن حزب الله، لوكالة أسوشيتد برس أن جميع المواضيع مفتوحة للنقاش، إلا أنه حذّر من التسرع في مناقشة التفاصيل. وأوضح أن المسألة عُهد بها إلى الرئيس وقيادة حزب الله. كما أكد أن تدمير ترسانة حزب الله لا ينبغي أن يُعتبر مقبولا في لبنان.

ويواجه الجيش اللبناني صعوبات مالية، ويكافح للحفاظ على مخزوناته المتقادمة من الأسلحة. واعتمد خلال السنوات الأخيرة على دول مثل الولايات المتحدة وقطر للمساعدة في تمويل رواتب جنوده.

أما بالنسبة إلى موعد نزع سلاح حزب الله، فقد شددت المبعوثة الأميركية للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس خلال مقابلة مع قناة “أل بي سي آي” اللبنانية على ضرورة نزع سلاح حزب الله “في أسرع وقت ممكن.”

وأكد دبلوماسي لبناني، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له بالتحدث إلى الصحافة، استمرار الضغط الأميركي.

ومن المتوقع أن يؤدي إصرار حزب الله على الاحتفاظ بأسلحته حتى انسحاب إسرائيل من خمس مناطق حدودية إستراتيجية في جنوب لبنان إلى إطالة أمد هذه العملية. وصرّح مسؤولون إسرائيليون بأنهم يعتزمون الحفاظ على وجودهم في المنطقة إلى أجل غير مسمّى لتأمين الحدود ومنع أيّ انتهاكات من جانب حزب الله لوقف إطلاق النار.

وصرّح بلال صعب، المسؤول السابق في البنتاغون ورئيس برنامج الدراسات الأميركية الشرق أوسطية في مركز تريندز للبحوث والاستشارات بواشنطن، بأنّ الحل الذكي لكسر الجمود وتجنب المزيد من التصعيد يكمن في تعزيز الولايات المتحدة دعمها للجيش اللبناني وحثّ إسرائيل على الانسحاب.

 

اقرأ أيضا:

      • اللامركزية شعار موسمي يرفع مع كل استحقاق بلدي في لبنان

      • لبنان إن حكى

1