تشكيل حكومة كردستان العراق يصطدم مجددا بعقبة تقاسم الحقائب الوزارية والمواقع القيادية

خلافات على الوزارات السيادية وقيادة مجلس أمن الإقليم وتحديد صلاحيات نائب رئيس الوزراء.
الأربعاء 2025/04/30
توافق على المبادئ العامة وخلاف على التفاصيل

الأجواء الوفاقية السائدة في إقليم كردستان العراق والتي تجلت في انفتاح قنوات التواصل والحوار بين الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني لم تمنع من تواصل الخلافات بشأن تشكيل حكومة جديدة للإقليم في ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية التي مضت على إجرائها ستّة أشهر، وذلك بسبب صعوبة التوفيق بين مطالب الطرفين بشأن المناصب الوزارية والمواقع القيادية في السلطة.

السليمانية (إقليم كردستان العراق)- اصطدمت جهود تشكيل حكومة جديدة لإقليم كردستان العراق مجدّدا بعقبة عدم توافق الحزبين الكبيرين الديمقراطي الكردستاني والاتّحاد الوطني المعنيين بشكل رئيسي بتشكيلها باعتبارهما الحائزين على العدد الأكبر من مقاعد برلمان الإقليم في انتخابات أكتوبر الماضي، على تقاسم الحقائب الوزارية والمواقع القيادية في السلطة.

ولم تكف حالة الوفاق السائدة في الوقت الحالي بين الحزبين وانخراط قيادتيهما على أعلى مستوى بجهود تشكيل الحكومة، في تجاوز تلك العقبة، حيث لم يفض اللقاء الذي جمع في قضاء دوكان بمحافظة السليمانية بين وفدين بقيادة مسرور بارزاني رئيس الحكومة الحالية القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبافل طالباني رئيس الاتّحاد الوطني، إلى أيّ تقدم عملي يذكر حيث اكتفت مصادر واكبت الاجتماع بالقول إنّه كان جيدا وجرى في أجواء إيجابية، بينما آثر مسؤولون في الحزبين ووسائل إعلام مرتبطة بكليهما الصمت على تفاصيل اللقاء ونتائجه.

ويُرجع متابعون لشؤون الإقليم صعوبة تشكيل الحكومة إلى ارتفاع سقف مطالبات الاتحاد الوطني تبعا لارتفاع طموحات قيادته إلى دور أكبر في قيادة إقليم كردستان العراق تضاهي دور ومكانة قيادات الحزب الديمقراطي الممسكة بأهم مفاصل السلطة في الإقليم بفعل الحجم الانتخابي والثقل الجماهيري لحزبها.

وكانت الانتخابات البرلمانية التي أجريت قبل ستة أشهر قد كرّست مكانة الحزب الديمقراطي كحزب أول في الإقليم بحصوله على تسعة وثلاثين مقعدا من المقاعد المئة للبرلمان، فيما حافظ الاتّحاد الوطني على موقعه كمنافس أول للديمقراطي بحصوله على ثلاثة وعشرين مقعدا. لكن المشكلة التي برزت وأفضت إلى تأخير تشكيل الحكومة تمثلت في إصرار الاتحاد على تجاوز ما أفضت إليه الانتخابات ومطالبته بمناصب ومواقع في السلطة يراها غريمه الديمقراطي خارج استحقاقه الانتخابي.

وتريد قيادة الاتحاد بذلك تجسيد شعارها الذي رفعته قبل الانتخابات وبعدها والمتمثّل في تغيير مسار الحكم الذي لا يتضمن تفاصيل إصلاحية بعينها ما يجعل المراقبين يلخصونه في إعادة توزيع الأدوار في الإقليم على أساس تساوي الحزبين في الاضطلاع بها، الأمر الذي من شأنه أن يفرغ الانتخابات من محتواها ويجعل نتائجها عديمة التأثير.

◙ الإسراع بتشكيل حكومة للإقليم ضروري للتماسك بوجه توترات المنطقة وضغوط القوى المتنفذة في السلطة الاتحادية العراقية

وأبدت قيادة الاتّحاد خلال الفترة الأخيرة بوادر لين في مواقفها وتقاربا ملحوظا مع قيادات الحزب الديمقراطي وهو ما تجسّد في ارتفاع وتيرة التواصل والتشاور بين الطرفين، وقد جاء اللقاء الأخير في دوكان ضمن هذا الإطار تحديدا. لكنّ الأجواء الإيجابية والمزاج التوافقي اللذين حفّا باللقاء لم يمنعا الاتحاد من تجديد التمسّك بمطالبه ليتم بذلك إرجاء تشكيل الحكومة مجدّدا إلى أجل غير مسمّى. وقال مصدران مطلعان على لقاء الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني إن الاجتماع “جرى بشكل جيد، لكن لم يتم حسم أيّ منصب خلاله.”

ونقلت شبكة رووداو الإعلامية عن عضو في وفد الاتحاد الوطني شارك في اجتماع دوكان وعن عضو في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي ما مفاده أن الاجتماع كان جيدا، مشيرين إلى أن الاتحاد طالب بعدة وزارات سيادية بينما اقترح الحزب الديمقراطي عليه  وزارة سيادية واحدة فقط. وأوضح عضو مركزية الديمقراطي أنّ الاتحاد لم يَرُقْ له الاقتراح وطالب بوزارات المالية والثروات الطبيعية وعدد من الوزارات الأخرى، ولذلك لم تُحسم مسألة المناصب، مؤكّدا أنّه ستتم لاحقا مواصلة المباحثات.

كما أشارت معلومات أوردتها الشبكة إلى مطالبة الاتحاد الوطني بتحديد صلاحيات نائب رئيس الوزراء وهو المنصب الذي يشغله في الوقت الحالي قوباد طالباني القيادي في الاتّحاد، على أن تكون تلك الصلاحيات مثبتة بوثيقة مكتوبة تتضمن عدة نقاط، وهو الأمر الذي رفضه الحزب الديمقراطي. وطالب الاتحاد الوطني أيضا وفقا للمعلومات ذاتها بوزارة الثروات الطبيعية ووزارة الداخلية ومجلس أمن إقليم كردستان، لكن الحزب الديمقراطي لم يوافق مكتفيا بالتعبير عن استعداده للتنازل عن وزارتي المالية والبيشمركة.

وبينما تتواصل خلافات الحزبين المفضية إلى تأخير تشكيل الحكومة، تسود قناعة داخل إقليم كردستان وفي عموم العراق بشأن أهمية الإسراع بترتيب شؤون السلطة في الإقليم وتثبيت هياكله الحكومية والإدارية حفاظا على استقراره وتوقّيا من التوترات وحالة عدم اليقين السائدة من حوله جراء الوضع الانتقالي الهش في سوريا والتجاذبات بين إيران وخصومها الدوليين بقيادة الولايات المتحدة، والصراع بين السلطة التركية ومعارضتها في الداخل وخصمها المسلّح حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من بعض مناطق الإقليم ذاته مسرحا لحربه ضدّ القوات التركية.

كما يشكّل الوضع الاقتصادي والمالي بما له من تبعات اجتماعية عامل ضغط على سلطات الإقليم التي يتعيّن عليها أن تكون على درجة عالية من الاستقرار والوحدة والتماسك لإدارة الخلافات الحادّة بشأن المسائل المالية مع السلطة الاتحادية العراقية والتي بدت على مدى السنوات الأخيرة متأثرة في سياستها تجاه إقليم كردستان، لاسيما ما يتعلّق منها بحصته من موازنة الدولة ورواتب موظفيه وتصدير النفط المنتج في حقوله، وتوجهات قوى متنفذة داخلها من أحزاب وفصائل شيعية تنظر إلى سلطات الإقليم باعتبارها حليفة للولايات المتحدة وبالنتيجة غير صديقة لإيران الحليفة لتلك القوى.

3